الفصاحة.. من أرسطو إلى باراك أوباما

الأميركيون أيضا يعشقون البلاغة

TT

تعيش الولايات المتحدة، في الوقت الحاضر، موسم المناظرات التلفزيونية والخطب السياسية، بسبب اقتراب التصويت للانتخابات الرئاسية، في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. بدأ الموسم السنة الماضية مع بداية الانتخابات التمهيدية، حيث تنافس عشرة من قادة الحزب الجمهوري على الترشح لرئاسة الجمهورية باسم الحزب. وفاز من بينهم ميت رومني (واختار بول ريان نائبا له).

في أول مناظرة تلفزيونية بين باراك أوباما ورومني، كان جليا انتصار رومني. قال صحافيون وخبراء إن السبب الرئيسي هو أن رومني أصبح «خبيرا» في المناظرات التلفزيونية بسبب اجتيازه الانتخابات التمهيدية، بينما لم يشترك أوباما في أي مناظرة تلفزيونية منذ انتخابات سنة 2008 (لم ينافسه شخص من الحزب الديمقراطي، لهذا لم تكن هناك انتخابات تمهيدية للحزب الديمقراطي).

لكن، يظل أوباما يلهب مشاعر الجماهير. ومهما تكن نتيجة مناظراته مع رومني، ففي المناظرات التلفزيونية التي سبقت انتخابات سنة 2008، فاز على جون ماكين، المرشح الجمهوري. واعترف ماكين بذلك. وقال عدد كبير من الصحافيين والمراقبين إن أوباما واحد من أفصح رؤساء أميركا في العصر الحديث. ومؤخرا، صدر كتاب «ريتوريك» (الفصاحة: من أرسطو إلى أوباما)، للأستاذ الجامعي سام لايث، وجزء من اسم الكتاب هو «ويردز لايك بيستولز» (كلمات مثل مسدسات)، وعلى غلاف الكتاب صورة شخص يمسك مسدسا، ويصوبه نحو القارئ، إشارة إلى أهمية الفصاحة في الكلام. غير أن هذا الكتاب يفرق بين كلمتين:

أولا: «ريتوريك» (فصاحة): الكلام المرتب، المنسق، والمنظم.

ثانيا: «إيليكوانس» (بلاغة): الكلام الذي يركز على الإقناع.

وطبعا، تساعد الفصاحة على البلاغة والإقناع. ويمكن أن يكون الإقناع من دون بلاغة، أو بالقليل منها. ويمكن أن يكون الإقناع عاطفيا (وليس عقلانيا): خوفا أو شجاعة، حبا أو كراهية، انتقاما أو عفوا. يمكن أن يكون أي كلام منطقيا أو عاطفيا، لكن، تميل البلاغة نحو الإقناع المنطقي. أهم تعريف للبلاغة في الثقافة الأميركية (والغربية كلها) مصدره الفيلسوف اليوناني القديم أرسطو، ومؤلف كتاب «أرس ريتوريكا» (فن الفصاحة).