وداع رسمي لرئيس فرع المعلومات ورفيقه.. وسليمان: الهدف اغتيال الدولة]

تشييع رسمي مهيب غاب عنه بري وقيادات «8 آذار».. والرئيس اللبناني يدعو للعمل على كشف الجرائم

جانب من التشييع الرسمي لرئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي وسام الحسن ومرافقه أحمد صهيوني في بيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

شيع لبنان الرسمي والشعبي، أمس، رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن ومرافقه المؤهل الأول أحمد صهيوني، خلال نهار طويل انتقل فيه الجثمانان من مستشفى أوتيل ديو إلى مقر مديرية قوى الأمن الداخلي، قبل أن يتم نقلهما إلى مسجد محمد الأمين في وسط بيروت ويواريا الثرى في ضريح رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري.

واعتبر الرئيس اللبناني ميشال سليمان أن اغتيال الحسن ومرافقه «موجه إلى الدولة اللبنانية، والمقصود به اغتيال الدولة اللبنانية»، وأن «المؤسسة تعاقب باغتيال رئيسها»، مشيرا إلى أن «هذه الشهادة تدعونا إلى التكاتف والتعاون على مستوى الشعب اللبناني وعلى مستوى المؤسسات اللبنانية وأعني تحديدا المؤسسات السياسية والقضائية والأمنية».

مواقف سليمان، جاءت خلال التأبين الرسمي للحسن ومرافقه، الذي قضيا في انفجار ضخم يوم الجمعة الماضي، استهدف سيارتهما لدى مرورها في شارع فرعي في محلة الأشرفية، شرق بيروت. وفي حين شارك الرئيس سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي في مراسم التأبين الرسمية في مقر المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وغاب رئيس مجلس النواب نبيه بري وقيادات فريق 8 آذار أو ممثلين عنهم، اقتصر الحضور السياسي خلال التشييع الشعبي في وسط بيروت بعد ظهر أمس على قيادات وشخصيات في قوى 14 آذار. وفي حين غاب كل من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل وحضور وزير الداخلية مروان شربل ممثلا الرؤساء الثلاثة والنائب ياسين جابر ممثلا كتلة الرئيس بري النيابية. كما شارك وفد وزاري من الحزب التقدمي الاشتراكي في مراسم التشييع داخل الجامع، في حين غاب مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، وأم المصلين في مسجد محمد الأمين مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار.

وكانت رحلة تشييع الحسن ومرافقه بدأت بمراسم تكريم لهما في ساحة ثكنة المقر العام لمديرية قوى الأمن الداخلي في الأشرفية، في حضور الرئيسين سليمان وميقاتي ووزير الداخلية مروان شربل ووزير الإعلام وليد الداعوق وعدد من نواب تيار المستقبل، إضافة إلى قائد الجيش العماد جان قهوجي، مدير الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، المدير العام لأمن الدولة جورج قرعة وعائلة الشهيد الحسن زوجته آنا وولديه وعائلة الشهيد صهيوني وحشد من الشخصيات الأمنية والعسكرية.

وشدد الرئيس سليمان، خلال كلمة ألقاها، على أن «القضاء وحده إذا لم يكن مدعوما من السياسة ومن الحكومة لا يستطيع القيام بعمله، كذلك الأمن يجب أن يواكبه القضاء وتدعمه الحكومة ليقوم بواجبه». وأضاف: «أقول للقضاء لا تتردد فالشعب معك. وأقول للأمن احزم وأقدم فالشعب معك. وأقول للسياسة وللحكومة والمرجعيات السياسية لا تؤمنوا الغطاء للمرتكب، اجعلوا رجل الأمن والقاضي يشعر بأنه مغطى فعليا، وليشعر المرتكب بأنه غير مغطى وهذا واجب علينا وعلى المرجعيات السياسية كافة». ودعا الأجهزة كافة للعمل على كشف الجرائم. وقال: «كفى، رفيق الحريري ومن تلاه من شخصيات لبنانية مرموقة، ومحاولات اغتيال ومنها لم ينجح. وسام عيد، اللواء فرانسوا الحاج ومحاولات الاغتيال الأخيرة التي سبقت اغتيال الشهيدين»، مناشدا «القضاء الاستعجال لإصدار القرار الاتهامي في ملف قضية ميشال سماحة».

من ناحيته، اعتبر المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، رفيق درب اللواء الحسن، أن فرع المعلومات «يعاقب باغتيال رئيسه اللواء الشهيد وسام الحسن». وقال: «عزيزي وسام تعرف أنني كنت أتابعك يوميا وكيف كنت تعمل على حافة الهاوية ولا تهاب المخاطر والخط الأحمر الوحيد لديك كان حب الوطن، وترفعت عن الصغائر وأسست مدرسة بالعمل الأمني». وأضاف: «أيها البطل الشهيد الرجال الذين دربتهم اكتسبوا من المهنية والاحتراف، وأطمئن أنهم سيتابعون المسيرة وسنتصدى لكل من يعبث بالأمن».

واستعرض ريفي مسيرة الحسن، الذي عمل معه منذ انضمامه إلى السلك الأمني، مذكرا «بتمكنه من تحقيق نتائجٍ باهرة في مكافحة الإرهاب، بكافة أشكاله ومواكبته التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري». وأضاف: «لعبت (الحسن) دورا مهما في تكوين ملف هذه الجريمة، كما كشفت عددا كبيرا من شبكات العدو التجسسية، وفككت بالتعاون مع رفاقنا في الجيش اللبناني وبقية الأجهزة الأمنية، عددا لا يستهان به من الشبكات الإرهابية، وكانت آخر مهامك الأمنية اكتشاف وضبط 24 متفجرة كانت ستستخدم لقتل الكثير من الأبرياء».

وبعدما منح الرئيس سليمان اللواء الحسن قائلا: «وسام الأرز الوطني من رتبة الضابط الأكبر»، انتهت مراسم التكريم، لينقل الجثمانان بعدها إلى جامع محمد الأمين في وسط بيروت، حيث تمت الصلاة عليهما بعد صلاة العصر في مأتم رسمي وشعبي حاشد، في حضور وزير الداخلية والبلديات العميد مروان شربل ممثلا الرؤساء سليمان وبري وميقاتي.

وفي مسجد محمد الأمين في وسط بيروت، محطة الجثمانين الثانية، رأى المفتي مالك الشعار أنه «لا بد من وقفة متأنية لنخاطب الحاقدين»، وقال: «جدير بك يا وسام أن تكون وساما على صدر لبنان». وسأل الشعار: «ماذا يريدون بعد ذلك؟ ماذا يريدون بعد رفيق الحريري بعد السلسلة الكبيرة من الشهداء؟ أيريدون أن يقتلوا رفيق الحريري ثانية، أم اغتيال لبنان واستقراره؟». واعتبر أنهم «يريدون خراب لبنان، لكن الشرفاء لن يحيدوا عن تعقلهم وعن مناقبيتهم».

وفي كلمة ألقاها، شدد الرئيس السنيورة على أن «لا حديث قبل رحيل الحكومة، ولا حوار على دم الشهداء، لا حوار على دماء اللبنانيين»، متهما «الحكومة بأنها المسؤولة عن جريمة الاغتيال». وقال: «لترحل إذا هذه الحكومة ولن ندفن رؤوسنا في الرمال ولن نتهاون في ذلك».

وتوجه السنيورة للواء الحسن بالقول: «آخر إنجازاتك أنك كشفت مؤامرة سماحة - مملوك وفضحتهما فقتلاك»، معتبرا أن «هناك تآمرا ومساعدة محلية للقاتل الذي أصدر الأوامر بقتلك، بدأت بمطار بيروت وصولا إلى مكان الجريمة في الأشرفية».

وشدد السنيورة على أنه لم يعد بإمكان ميقاتي «الاستمرار في موقعه لأن هذا يعني أنك موافق على ما جرى وعلى ما سيجري وعلى المخطط الإجرامي»، مذكرا بأن «هذه الحكومة ولدت من رحم الانقلاب المسلح الذي بدأه حزب الله في السابع من مايو (أيار) وغطت تعرض رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والنائب بطرس حرب لمحاولة الاغتيال، ولهذه الأسباب تم اعتبار المتهمين باغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري بالقديسين وتمت حمايتهم بموافقتك».

وختم السنيورة بالتأكيد على «ضرورة عدم تغطية قتلة اللواء الحسن وباقي الشهداء»، مبديا ترحيبه «بحكومة إنقاذ تحمي اللبنانيين وتعبر بلبنان إلى مرحلة جديدة إذ ليس هناك من طريقة غيرها للإنقاذ». بعدها نقل الجثمانان على الأكف من مسجد محمد الأمين إلى ضريح الرئيس الراحل رفيق الحريري ورفاقه، حيث ووريا في الثرى.