انطلاق أضخم مناورات حربية مشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة

تحاكي هجوما جويا بالطائرات والصواريخ وهزة أرضية ومواجهة دمار هائل و7 آلاف قتيل

نتنياهو يترأس جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية في القدس أمس (أ.ف.ب)
TT

انطلقت في إسرائيل، أمس، أضخم مناورات حربية مشتركة ما بين إسرائيل والولايات المتحدة، هدفها حماية سماء إسرائيل من هجمات جوية بالصواريخ والطيران تنفذ ضدها من طرف عدة دول وجهات مثل إيران وسوريا ولبنان وقطاع غزة، في آن واحد. ومع أن الجيش الإسرائيلي لا يقدم أي معلومات تفصيلية عن هذه المناورات، فإن مراقبين مطلعين يؤكدون أنها ستستمر من 3 إلى 4 أسابيع. وستتركز على الجانب النظري، لتكون بمثابة «حرب حواسيب»، ولكنها تشتمل على جانب عملي أيضا.

وقد أقدم الجيش الإسرائيلي على إدخال موضوع «مواجهة خطر وقوع هزة أرضية كبيرة في إسرائيل»، بغية التشويش على مراقبي هذه المناورات في الطرف الآخر من الحدود.

وتتم هذه المناورات بقيادة أميركية. ويشارك فيها نحو 1500 جندي وضابط وخبير من الولايات المتحدة، بينما تشارك فيها من الطرف الإسرائيلي أعداد مضاعفة تمثل جميع الأسلحة والألوية في الجيش الإسرائيلي، فضلا عن جبهة الدفاع المدني وأجهزة الأمن والمخابرات على اختلاف أذرعها.

وقد شارك مجلس الوزراء الإسرائيلي كله، أمس، في المناورات. إذ إنها بدأت خلال انعقاد الجلسة العادية للحكومة، فتلقى الوزراء ورئيسهم، بنيامين نتنياهو، تعليمات من الجبهة الداخلية بأن يغادروا غرفة الجلسات، وخرجوا من بناية مكتب رئيس الوزراء.

وقال نتنياهو في هذا الصدد: «إن الوزراء هم أولا مواطنون، ومثل الجميع نلعب دورنا في المناورة. ولم تكن هناك حكومة استثمرت أموالا أكثر منّا في الدفاع عن الجبهة الداخلية، ولدينا كثير من الخطط التي سنقوم بتنفيذها، وبقي لنا عمل كثير سنقوم به لأنني أريد أن يكون المواطنون محميين. والنقطة المركزية التي نريد أن نوضحها للمواطنين من خلال هذه المناورة وخطوات أخرى نقوم بها هي أنه خلال هجوم صاروخي يجب عليهم أن يركضوا إلى داخل البيوت، بينما في هزة أرضية نطلب منهم أن يركضوا إلى خارج البيوت».

وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن المناورات العسكرية هي الأكبر والأضخم بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، منذ نشوء علاقات استراتيجية بينهما. وهي تتناول عدة سيناريوهات يتعرض فيها العمق الإسرائيلي لهجمات صاروخية وغارات جوية. وإلى جانب القيادات من الجيشين الأميركي والإسرائيلي ستشارك فيها بطاريات الصواريخ الأميركية المضادة للصواريخ من طراز «باتريوت»، والصواريخ المشابهة ذات الصناعة الأميركية الإسرائيلية المشتركة (حيتس)، ومنظومة الصواريخ المضادة للصواريخ متوسطة المدى (القبة الحديدية)، التي صنعتها إسرائيل وتمولها الولايات المتحدة. ولكن المعارك الأساسية التي ستتعاطى معها قيادة هذه المناورة ستتم في الحواسيب الإلكترونية وليس على الأرض. بينما المناورات على الأرض ستتم بشكل محدود لخدمة أهداف المناورات النظرية.

ونقلت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية عن أحد الضباط في الجيش الإسرائيلي تأكيداته أن «إجراء هذا التمرين ليست له علاقة بأي تقييمات للموقف الراهن في المنطقة، إنما يندرج في إطار خطة التدريبات الروتينية للجيشين الإسرائيلي والأميركي». لكن مصدرا آخر قال إنه من السخف الاعتقاد أن المناورات بعيدة عن واقع المنطقة.

وأضاف: «من الواضح أن هناك خطرا أمنيا استراتيجيا على إسرائيل، أولا من إيران ولكن أيضا من حلفائها في سوريا ومن حزب الله الذي يمتلك 60 ألف صاروخ، ومن قطاع غزة حيث يوجد أكثر من 40 ألف صاروخ. فإذا اتفقت هذه الجهات الـ4 على محاربة إسرائيل منفردة أو مجتمعة فإن هناك حاجة لصدها، وهناك حاجة لإفهامها أن إسرائيل لن تكون وحدها وسيكون لها ولحلفائها رد صاعق».

وقال هذا المصدر إن الأوضاع في الشرق الأوسط تزداد تدهورا في كل يوم. والمحور الإيراني الذي يبدو للبعض أنه ينهار، ما زال يثبت أنه قوي بشكل جيد. فالأسد يستخدم الطيران الحربي ضد شعبه بحرية ولا يجد من يعترض طريقه، وإيران وسوريا تعاقبان قائد الأمن اللبناني الذي تجرأ وكشف مؤامرتهما لجر لبنان إلى الصراع الداخلي في سوريا (يقصد اغتيال اللواء وسام الحسن)، وفي قطاع غزة يواصلون إطلاق صواريخ ويظهرون صواريخ جديدة مضادة للطائرات. وهذا كله يحتاج إلى صد ورد.

وكانت جبهة الدفاع المدني في الجيش الإسرائيلي قد بدأت في نفس الوقت تدريبات على مواجهة هزتين أرضيتين متتاليتين خلال نصف ساعة، واحدة بدرجة 5.6 في سلم ريختر والثانية بدرجة 7.1 يعقبهما تسونامي من البحر الأبيض المتوسط يغرق شواطئ تل أبيب، ثم هزة أرضية صغيرة بدرجة 4.2، مفترضة حصول دمار كبير.

وتجري هذه التدريبات من خلال التقدير بأن مثل هذه الحوادث، الهزات أو القصف الصاروخي، ستسفر عن مقتل 7 آلاف شخص وعن قبوع 9500 شخص آخر تحت الردم وإصابة 8600 شخص بجراح ما بين قاسية ومتوسطة و37 ألفا بجراح متوسطة وسقوط 28 ألف عمارة وحصول أضرار في 290 ألف عمارة أخرى.

تجدر الإشارة إلى أن كل مواطن في إسرائيل وقسما كبيرا من سكان المناطق الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية وكذلك في قطاع غزة، شعروا بهذه المناورات يوم أمس، حيث حلقت الطائرات الإسرائيلية والأميركية بكثافة فوق أجواء البلاد من جنوبي لبنان وحتى قطاع غزة، بعضها حلق في ارتفاعات منخفضة، مما أثار حالة من الرعب في صفوف المواطنين.