السودان: صحة البشير تشغل الحكومة والمعارضة معا.. وسؤال عمن يخلفه

قيادي في حزب الترابي لـ «الشرق الأوسط» : البديل وسط النظام سيكون عسكريا وليس مدنيا.. ونحن نعمل على إسقاطه

TT

أصبح الوضع الصحي للرئيس السوداني عمر البشير، الذي تؤكد مصادر مقربة منه أنه خضع لعملية جراحية في حنجرته في يوليو (تموز) الماضي في العاصمة القطرية الدوحة، واحدا من أهم موضوعات التداول اليومي وسط المواطنين خلال جلساتهم الخاصة التي تشتهر بها الخرطوم وعلى شبكات التواصل الاجتماعي. وقفز السؤال عمن سيخلفه في أكثر من دائرة حتى داخل النظام نفسه، لا سيما أنه وصل إلى سدة السلطة في 30 من يونيو (حزيران) في عام 1989 عبر التحالف المدني المتمثل في الجبهة الإسلامية بزعامة حسن الترابي والعسكريين الملتزمين فيها.

وأكدت دوائر مقربة من الحكومة السودانية لـ«الشرق الأوسط» أن البشير أجريت له عملية جراحية في حنجرته، لكنها نفت أن يكون وضعه الصحي خطيرا، وقالت إن الأطباء نصحوا البشير بعدم الحديث والخطب الجماهيرية، وكانت آخر خطبة له أمام البرلمان القومي قبل عشرة أيام عندما طرح الاتفاق الذي وقعه مع نظيره الجنوبي سلفا كير ميارديت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ولوحظ أن الخطاب كان مختصرا، وبعدها أصبح يحضر المناسبات من دون أن يقدم خطبة كما كان معتادا، ويكلف آخرين.

وقال الصحافي محمد لطيف، وهو من أقرباء الرئيس، لـ«الشرق الأوسط»، إن البشير قد خضع إلى عملية جراحية بعد إصابته بالتهاب حاد في حنجرته، وإن الأطباء منعوه من الخطب، ونصحوه بألا يكثر من الأحاديث. وأضاف أن البشير كثيرا ما يظهر في أماكن ويتحرج من عدم الحديث، لذلك فإن الأطباء فرضوا عليه راحة إدارية بأن يخفف حتى من عمله الروتيني. وقال «لكنه يذهب إلى القصر بشكل عادي ويلتقي ضيوفه عندما تكون هناك برامج موضوعة أصلا.. وقد التقيت به أول من أمس في عقد قران، وهو بصحة جيدة»، معتبرا أن الحديث عمن سيخلف البشير طرحته دوائر أخرى، لكنه لم يطرح داخل المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) أو الحركة الإسلامية.

من جهته، قال كمال عمر، الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي، لـ«الشرق الأوسط»، إن صحة البشير أصبحت من القضايا المتداولة بقوة في عدة أوساط بما فيها أروقة النظام. وأضاف أن الأدلة الظرفية بعدم ظهوره في مناسبات كثيرة ومحاصرته من قبل المحكمة الجنائية الدولية التي تطالب بالقبض عليه جعلته ينزوي، وأن تحركه أصبح قليلا. وقال إن نائبه الأول علي عثمان طه أيضا لديه إشكالات صحية لكن لم يعلن عنها، مشيرا إلى أن هناك انقسامات يعاني منها النظام، لكنه قال «لن يخلف البشير أحد نائبيه الاثنين، خاصة أن الحركة الإسلامية ستشهد انقساما، وأن تيار العسكر داخل النظام لن يترك الأمر إلى المدنيين». وأضاف «البشير نفسه لم يكن يجري مشاوراته مع نائبيه طه والحاج آدم يوسف، وإنما يستشير العسكريين سواء بكري حسن صالح الوزير في القصر، أو عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع». وتابع «واضح أن بديل البشير سيكون من العسكر، ولن يكون مدنيا بأي حال من الأحوال». وقلل عمر من قدرات أي خليفة للبشير من قبل العسكريين، وقال إن الأسماء المطروحة منهم ليس لديهم الزخم القيادي، إلى جانب أن الطرف الآخر في النظام لديه وجود في الأجهزة الأمنية ولن يرضى بأي من العساكر المقربين من البشير، وقال «البشير أصبح يخشى نموذج الترابي بأن جعل طه أمينا عاما للحركة الإسلامية، ولذلك فإن البشير طرح نفسه بأن يجمع بين الأمانة العامة ورئاسة الدولة». وأضاف أن نظام الخرطوم أصبح يتهاوى بسرعة، وأن على المعارضة أن تدفع باستراتيجيتها في إسقاطه عبر كل الوسائل، لا سيما أن لديها البديل الديمقراطي، مشيرا إلى أن وزير الداخلية اعترف قبل أسبوع بأن المظاهرات التي خرجت في السودان بلغت 180 مظاهرة في شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) الماضيين، وقال «حتى انقسام النظام سيخلف من هو أسوأ، ونحن لن ننتظر خياراتهم، بل نعمل على إسقاطه، ومن يرفض الآن فعليه اللحاق غدا».

ونقلت مصادر فضلت حجب اسمها لـ«الشرق الأوسط» أن البشير أكد خلال اجتماع مع قيادات في الحركة الإسلامية أنه مستعد لترشيح نفسه لمنصب الأمين العام للحركة الإسلامية بعد إعفاء علي عثمان محمد طه في المؤتمر القادم الذي سيتم عقده في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وأشارت المصادر إلى أن هناك تيارا عاما يرفض الجمع بين المناصب في الدولة والحزب والحركة الإسلامية. وقالت إن هناك تخوفات من أن يترشح شخص لديه نوع من الاستقلالية من المؤتمر الوطني الحاكم أو من النظام بشكل عام. وقالت «لذلك وضع البشير اسمه في أنه يمكن أن يترشح للمنصب». وكشفت مصادر أن هناك اتجاها عاما بأن يبتعد البشير ونائبه الأول علي عثمان طه من مناصبهما في الحركة الإسلامية والدولة. وأوضحت المصادر أن هذا الاتجاه بدأ في الآونة الأخيرة في محاولة للحفاظ على وحدة الحركة الإسلامية حتى لا تذهب مع تغيير النظام. وقالت إن هناك أصواتا كثيرة تطالب بتنحي البشير وإحداث تغييرات جذرية في النظام في ظل حركة إسلامية موحدة.