مسؤولون أميركيون يكشفون عن موافقة إيران على إجراء مباحثات نووية مباشرة

الإدارة الأميركية وإيران تنفيان.. وإسرائيل ترحب لكنها تشكك

TT

بينما أعلن مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي أوباما أن الولايات المتحدة وإيران اتفقتا من حيث المبدأ لأول مرة على إجراء مفاوضات مباشرة بشأن البرنامج النووي الإيراني، نفى البيت الأبيض حدوث أي اتفاق بهذا الشأن، كما نفت إيران أمس الاتفاق على أي نوع من التفاوض الثنائي الإيراني الأميركي، بينما رحبت إسرائيل بالمفاوضات الثنائية بين إيران والولايات المتحدة، غير أنها شككت في حدوثها، مما يمهد الطريق أمام ما قد يكون محاولة دبلوماسية أخيرة لتجنب توجيه ضربة عسكرية إلى إيران.

وذكر مسؤول كبير في الإدارة الأميركية أن المسؤولين الإيرانيين أصروا على إرجاء المباحثات إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، حيث نقلوا إلى نظرائهم الأميركيين رغبتهم في معرفة مع من سيتفاوضون حسبما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

وتأتي أنباء هذا الاتفاق - الذي يعتبر نتيجة لمراسلات سرية مكثفة بين المسؤولين الأميركيين والإيرانيين تعود تقريبا إلى بدايات ولاية الرئيس أوباما - في لحظة حرجة من سباق الرئاسة، قبل أسبوعين فقط من يوم الانتخابات وفي عطلة نهاية الأسبوع السابقة للمناظرة الأخيرة، التي من المنتظر أن تركز على الأمن القومي والسياسة الخارجية.

ومن الممكن أن يساعد ذلك أوباما على الزعم بأنه قريب من تحقيق تقدم دبلوماسي هائل في الجهود التي تبذلها القوى العالمية الكبرى منذ 10 سنوات لكبح جماح طموحات طهران النووية، إلا أنه قد يشكل خطورة إذا اعتبر الناس أن إيران تستغل فرصة إجراء مباحثات مباشرة من أجل كسب الوقت. كما أنه من غير الواضح أن يمضي منافس أوباما ميت رومني قدما في هذه المفاوضات في حال فوزه في الانتخابات، فقد انتقد رومني مرارا وتكرارا موقف الرئيس الذي يرى أنه يظهر ضعفا تجاه إيران وعدم وقوفه بقوة إلى جانب إسرائيل ضد التهديد النووي الإيراني.

وأنكر البيت الأبيض أن يكون قد تم التوصل إلى اتفاق نهائي، وقال تومي فيتور المتحدث باسم البيض الأبيض: «ليس صحيحا أن الولايات المتحدة وإيران قد اتفقتا على إجراء محادثات مباشرة أو عقد أي اجتماع بعد الانتخابات الأميركية». إلا أنه أضاف أن الإدارة الأميركية لديها موقف منفتح تجاه تلك المحادثات، وأنها «ذكرت من البداية أننا سنكون جاهزين للاجتماع بصورة ثنائية».

وحتى إذا جلس الجانبان معا، فإن المسؤولين الأميركيين يساورهم القلق من أن تلجأ إيران إلى إطالة أمد المفاوضات في محاولة لإحباط العمل العسكري والتمكن من استكمال العناصر الضرورية من برنامجها النووي، وخصوصا في المواقع المقامة تحت الأرض. وكشف أحد المسؤولين الأميركيين عن أن بعض المسؤولين يريدون أن تقتصر المحادثات على برنامج إيران النووي، في حين تبدي إيران رغبتها في توسيع جدول الأعمال بحيث يشمل سوريا والبحرين، وغير ذلك من القضايا التي ظلت تفسد العلاقة بين إيران والولايات المتحدة منذ أزمة الرهائن الأميركيين عام 1979. وقال المسؤول في الإدارة الأميركية، الذي اشترط عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الموضوع: «لقد كنا ننظر دوما إلى المسألة النووية باعتبارها مسألة منفصلة. لن نسمح لهم بإيجاد رابط».

كما أن السؤال المتعلق بالكيفية المثلى للتعامل مع إيران له انعكاسات سياسية بالنسبة لرومني أيضا، فرغم اتهامه لأوباما بالضعف فهو لم يقدم سوى تفاصيل محدودة جدا عما سيفعله بطريقة مختلفة عن الأخير. وبالإضافة إلى هذا فإن فرصة إجراء مفاوضات مباشرة قد تضع رومني في موقف حرج، نظرا لأنه يعارض السماح لإيران بأي مستوى من تخصيب اليورانيوم، وهو شرط مسلم به يرى الخبراء أنه سوف يتضمن في الغالب أي صفقة بشأن البرنامج النووي.

ويشير المسؤولون إلى أن الإدارة الأميركية بدأت في إجراء مراجعة داخلية في كل من وزارة الخارجية والبيت الأبيض والبنتاغون لتحديد ما ينبغي أن يكون عليه الموقف التفاوضي للولايات المتحدة، وما الذي ستضعه في أي عرض تقدمه، وأحد الخيارات المطروحة للبحث والدراسة أسلوب «المزيد مقابل المزيد»، أي المزيد من القيود على أنشطة التخصيب الإيرانية في مقابل المزيد من تخفيف العقوبات. ونفت الولايات المتحدة خبر هذا الاتفاق أمس حيث سارع المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي تومي فيتور إلى القول: «ليس صحيحا أن الولايات المتحدة وإيران اتفقتا على إجراء محادثات ثنائية أو أي لقاء كان بعد الانتخابات الأميركية» الرئاسية في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وأضاف فيتور في بيان: «سنواصل العمل على حل دبلوماسي مع مجموعة 5+1 (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا)، وقلنا منذ البداية إننا مستعدون لعقد لقاءات ثنائية».

كما نفى وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي صحة التقرير الذي تحدث عن موافقة إيران على إجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة حول المسألة النووية الإيرانية. وقال صالحي للصحافيين في طهران: «لا نعتزم الدخول في مفاوضات ثنائية مع الولايات المتحدة، وفي ما يتعلق بالمشاورات حول البرنامج النووي فإننا نرغب في مواصلتها في إطار مجموعة (5+1)». وتضم مجموعة «5+1» الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وهي الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا، إضافة إلى ألمانيا. وكانت «نيويورك تايمز» نقلت عن مسؤولين، لم تذكر أسماءهم، من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه تم الاتفاق على إجراء مفاوضات ثنائية مع إيران بعد مفاوضات سرية طويلة. ووفقا للصحيفة فمن المفترض أن تبدأ المفاوضات المباشرة بعد الانتخابات الأميركية المقررة في السادس من نوفمبر.

وفي إسرائيل ساد التلبك إثر نشر الخبر عن اتفاق أميركي إيراني على استئناف المفاوضات المباشرة. وظهرت تناقضات في المواقف بين الوزراء في الحكومة، ففي حين رحب نائب رئيس الوزراء ووزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه يعلون، بمفاوضات مباشرة، خرج نائب آخر لرئيس الوزراء هو وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، بانتقادات لها وقال إنها ستكون مضيعة أخرى للوقت. وقال إنه يشكك في حقيقة النفي الأميركي الرسمي لوجود المفاوضات.

وقال ليبرمان في تصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس، إن إسرائيل لا تعرف شيئا عن حقيقة ما يجري في موضوع المفاوضات. لكن مضمون الخبر في صحيفة «نيويورك تايمز» كان معروفا له من مصادر روسية. ومن هنا جاء تشكيكه في النفي الأميركي، إذ قال: «أريد أن أصدق النفي الأميركي، فالمفترض أن الأميركيين قد جربوا إيران ويعرفون أنها مخادعة».

أما الوزير يعلون فقال إنه يرى إيجابية وجود مفاوضات بين واشنطن وطهران، وإن مثل هذه المفاوضات تكون مفيدة وتوضح حقيقة النيات الإيرانية وتتيح لكل المعنيين أن يتخذوا قراراتهم المناسبة إزاء الأزمة الإيرانية.