طنطاوي في أول ظهور إعلامي: لولا الحكمة لكان مصيرنا مثل ليبيا أو سوريا

إشارات إعلامية قوية عن خلافات بين الرئاسة والجيش

الرئيس المصري محمد مرسي يتابع بالنظارة المكبرة مناورات الجيش في شمال سيناء (إ.ب.أ)
TT

أطلقت المدمرة «توشكى» صافراتها أمس، بينما اصطفت 15 وحدة بحرية على خط واحد، وسارت بسرعة محددة أمام سواحل الإسكندرية، لتقديم التحية للرئيس المصري محمد مرسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي كثف خلال الأيام الأخيرة زياراته لمناورات الجيش، لكن هذا الطابع الاحتفالي ربما يخفي، بحسب مراقبين، حالة احتقان في المؤسسة العسكرية.

وتحدثت مصادر مطلعة عن أنه يوجد توجه قوي منذ يومين للترويج لدور المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان في المرحلة الانتقالية والثناء عليهما، وقالت إن القائدين اللذين اختفيا عن الأنظار منذ إحالتهما للتقاعد سوف يحرصان على الظهور الإعلامي.

لكن هذا التوجه يبدو أنه لم يلق الترحيب الكافي من مؤسسة الرئاسة، حيث قال مصطفى بكري الذي أجرى أمس أول حوار صحافي مع المشير طنطاوي، إن صحيفته تعرضت لتأخير متعمد لإصدارها من مطابع «دار التحرير» المملوكة للدولة. وأضاف بكري قائلا: «أعتقد أن تأخير إصدار الصحيفة حتى الثانية والنصف من صباح أمس جاء للاستفسار عن حوار أجريته مع المشير طنطاوي».

وتابع بكري: «أعتقد أن ما جاء في مقالي ياسر رزق وإبراهيم عيسى بني على وقائع ملموسة. هناك استياء داخل المؤسسة العسكرية من تصوير (الإخوان) لما جرى مع المشير باعتباره نجاحا للجماعة في إسقاط حكم العسكر».

وقال طنطاوي في حوار مع بكري نشر أمس في صحيفة «الأسبوع» إنه متفائل بمستقبل مصر «ربنا بيحرس مصر، متخافوش على مصر، الشعب المصري ده شعب عظيم، شعب واعي وفاهم وبيحب البلد».

وأضاف المشير خلال الحوار قائلا: «لولا الحكمة لكان مصيرنا الآن كمصير ليبيا أو سوريا، انظر إلى المعارك الأهلية والدماء التي تسيل، لقد كان علينا في قيادة الجيش أن نجنب مصر هذا المصير، كانت تلك مهمتنا ورسالتنا، لقد رفضنا كل محاولات دفعنا إلى الصدام، تناسينا الإهانات والاستفزازات».

وحول ما يتم نشره في الصحف ووسائل الإعلام بشأن التحقيقات معه قال المشير: «لا يهمني ما ينشر، فقد تحملت الكثير قبل ذلك، وأنا أترك كل شيء لحكم التاريخ، فحقائق التاريخ وحدها هي الفيصل في كل شيء. لقد تحملنا الكثير من أجل الوطن، وظللنا مخلصين لرسالته حتى اللحظات الأخيرة. نحن لسنا نادمين ولم نكن طامعين في شيء، وعندما كنا نسمع البعض يقول إن الجيش لن يترك السلطة كنا نسخر من ذلك؛ لأن الجميع كان ينتظر بفارغ الصبر تسليم السلطة والعودة إلى الثكنات، فتلك هي مهمتنا الأساسية. لقد انحزنا للثورة لأنها كانت ثورة شعب، وكان انحيازنا لها انحيازا للشرعية، فالشعب هو أصل الشرعية».

وعندما سأله بكري: لماذا لا تكتب مذكراتك؟ رد المشير: «والله فكرة، سأحاول أن أسجل الأحداث المهمة وأكتب مذكراتي».

وحذر رؤساء تحرير صحف خاصة أمس، لأول مرة، وعلى غير العادة، من غضب الجيش من خطاب بعض قيادات «الإخوان» بشأن المؤسسة العسكرية، خاصة بعد إقصاء اثنين من أهم قيادات المرحلة الانتقالية، طنطاوي وعنان.

وفي يوم نشر صحيفة «الجمهورية» التابعة للدولة أنباء عن التحقيق مع طنطاوي وعنان ومنعهما من السفر، بثت وكالة الأنباء المصرية الرسمية تصريحا شديد اللهجة من «مصدر عسكري رفيع المستوى» لم تسمه، أن القوات المسلحة تعرب عن استيائها الشديد مما نشر بحق عدد من قادتها ورموزها.

ويقول المراقبون، إن الرئيس الإسلامي الجديد كثف زياراته لمناورات الجيش في محاولة لاحتواء التململ بين صفوف الضباط، على خلفية أخبار تم نشرها في صحف مملوكة للدولة عن التحقيق مع طنطاوي ورئيس أركانه الفريق عنان اللذين أحيلا للتقاعد بقرار مفاجئ من الرئيس مرسي قبل نحو شهرين.

وتسببت أنباء التحقيق مع طنطاوي وعنان ومنعهما من السفر، في إقالة رئيس تحرير صحيفة قومية في خطوة غير مسبوقة في البلاد، بعد ساعات من إعلان قادة في الجيش عن استيائهم مما اعتبروه «أكاذيب». وقال عضو سابق في المجلس العسكري لـ«الشرق الأوسط» بشأن احتمال مقاضاة عدد من قيادات المجلس السابقين، إن هذا «لن يحدث».

وحرص الرئيس مرسي على أن يعرب خلال لقائه بقيادات الجيش الثالث الميداني، الأسبوع الماضي، عن رفضه المطلق لما نشر عن القيادات السابقة للقوات المسلحة، قائلا إن ما نشر «دون أي أساس وعار عن الصحة. حدثت تغييرات في رئاسة الصحيفة. والتحقيق مع المسؤول بشأن ما نشر».

لكن صحف القاهرة حملت بالأمس إشارات على استمرار غضب قادة في القوات المسلحة. وقال الكاتب الصحافي ياسر رزق، رئيس تحرير صحيفة «المصري اليوم» إن قائد الجيش اللواء عبد الفتاح السيسي «يبدو مستاء مما يسمع ويرى ويلمس».

وأضاف رزق الذي تم إقصاؤه عن رئاسة تحرير صحيفة «الأخبار» القومية بعد تولي مرسي السلطة منتصف العام الحالي، أن رجال الجيش غضبوا «حين أقصيت قيادتهم السابقة بإخراج رديء لا يليق بعطائها من أجل الوطن، لا سيما في الفترة الانتقالية، وحين صور بعض المحسوبين على جماعة الإخوان الأمر على أنه انتصار لها في مواجهة جيش ثورة يوليو (تموز)، لكن رجاله آثروا الصمت».

ونشر رئيس تحرير صحيفة «التحرير» الخاصة، إبراهيم عيسى، مقالا أمس أيضا تحت عنوان «الجيش والرئيس»، تحدث فيه عن «فشل الرئيس في إعادة ضبط العلاقة بين الدولة والجيش».