هلال حميدة لـ «الشرق الأوسط»: رجال مبارك اعترفوا بأن إقصاء التيار الإسلامي كان وراء التعجيل بالثورة ضدهم

البرلماني السابق بعد الحكم ببراءته في «موقعة الجمل»: قدمنا كـ«قرابين» لامتصاص غضب الشارع

TT

قال البرلماني المصري السابق، رجب هلال حميدة، إن رموز وقيادات نظام مبارك اعترفوا بأن إقصاء التيار الإسلامي من الساحة السياسية، وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين، كان وراء التعجيل بقيام ثورة 25 يناير (كانون الثاني) ضدهم.

وأشار حميدة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بعد أن تم الإفراج عنه على خلفية صدور حكم ببراءته في قضية قتل المتظاهرين المعروفة إعلاميا بـ«موقعة الجمل»، إلى أن قيادات «الحزب الوطني» الذين كان أغلبهم متهمين أساسيين في القضية تبادلوا الاتهامات داخل السجن بتحمل مسؤولية انهيار نظام مبارك.

وأوضح حميدة أن رموز النظام السابق اعترفوا بنجاح الثورة بعد تمكنها من الوصول إلى مؤسسات الدولة تدريجيا، وأن جماعة الإخوان هي التي أنجحت الثورة.

وحول سبب اتهامه في قضية قتل المتظاهرين أثناء الثورة، رغم أنه كان معارضا لنظام مبارك وكان أحد مؤسسي حزب «الغد» مع الدكتور أيمن نور، قال حميدة: «انضمامي إلى القضية جاء بسبب خلافات سياسية مع مرشح جماعة الإخوان المسلمين بدائرة عابدين التي كنت نائبا عنها، والذي قام بدفع أحد الأشخاص للشهادة ضدي بأنني اشتركت في أحداث (موقعة الجمل) وقتل المتظاهرين، ولكن الشاهد اعترف أمام المحكمة بهذا الأمر وقامت المحكمة بحبسه 15 يوما بتهمة الشهادة الزور».

وروى حميدة أن قضاة التحقيق في «موقعة الجمل» لم يحققوا في تفاصيل القضية بشكل واف، لأن تقرير لجنة تقصي الحقائق المشكلة من قبل رئيس مجلس الوزراء وقتها ذكر وقائع معينة تبتعد كل البعد عن الأسماء التي تم تقديمها للمحاكمة في تلك القضية، مشيرا إلى أن نتائج التحقيقات لم يكن هدفها البحث عن الحقيقة وإنما امتصاص غضب الشارع المصري، وعليه قامت اللجنة بتقديم أسماء لامعة للمحاكمة كـ«قرابين» للشارع الغاضب.

وقال إن المحكمة اضطرت إلى أن تباشر التحقيق بنفسها بعد قصور التحقيقات، وعليه ظلت 9 أشهر تحقق في القضية وتستمع للشهود بنفسها، مشيرا إلى أنها وضعت يدها على مواطن الضعف ولم تقدم دليلا واحدا تبني عليه الاتهام، ولم يثبت اتهام توافق المتهمين أو اتفاقهم على ارتكاب الجريمة مثلما ذكرت التحقيقات. وأوضح حميدة أن تقرير لجنة تقصي الحقائق لم يتعرض لاسمه نهائيا في الأحداث، ولكنه فوجئ بمواطن يدعى إبراهيم متولي يقدم بلاغا ضده في 18 أبريل (نيسان) 2011، أي بعد وقوع الأحداث بنحو 76 يوما، وهو الأمر الذي دفع النيابة للتساؤل حول سبب التراخي في تقديم البلاغ طوال تلك الفترة، مفسرا سبب إدراجه ضمن لائحة الاتهام في القضية بأنه أحد الشخصيات المشهورة، حيث كان نائبا عن دائرة عابدين التي تقع في محيط ميدان التحرير.

وحول شكل تعامل رموز النظام السابق داخل السجن وكيف كانوا يقضون أيامهم، قال حميدة إنه كانت هناك قطيعة ومصادمات وخلافات مستمرة بينه وبين عدد من رموز النظام السابق، مثل أحمد عز وأحمد نظيف وأحمد المغربي وزكريا عزمي وإبراهيم سليمان، نافيا أن تكون له علاقة شخصية بالدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب الأسبق، وتابع حميدة قائلا «انتفض وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي واقفا من على كرسي كان يجلس عليه في مسجد السجن عندما رآني في اليوم الثاني لي بالسجن».

واستطرد قائلا «عدد من المسؤولين والوزراء السابقين المتهمين داخل السجن ظلوا على ريبة من أمري، حيث اعتقدوا أن يكون هناك اتفاق بيني وبين جماعة الإخوان والمجلس العسكري بدخولي السجن لأنقل أخبارهم إليهم، واستمرت المصادمات شهرين بيني وبينهم بسبب تشككهم أن أكون متهما في قضية قتل المتظاهرين، ولم يثقوا بي إلا بعد صدور قرار الاتهام في (موقعة الجمل) في 6 يوليو (تموز) 2011 وبعدها أخذوا يقتربون مني». وحول انطباع رموز النظام السابق عن الثورة، أوضح حميدة أن وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي قال له إنهم كانوا يتوقعون أن تحدث أزمة كبيرة في الشارع في شهر مايو (أيار) 2011 ولكنهم لم يتوقعوا أن تكون بهذه السرعة. وأشار حميدة إلى أن غالبية رموز النظام السابق اعترفوا بأن الإقصاء الكلي للإخوان والمعارضين عجل بخروج الشارع ضدهم، وأن جماعة الإخوان هي التي قامت بإنجاح الثورة.

وقال حميدة إن رجال مبارك تبادلوا الاتهامات بتحمل مسؤولية ما حدث، حيث هناك من اتهم الداخلية بتحمل العبء الأكبر عندما اعتدت على المتظاهرين مساء يوم 25 يناير لكون ذلك هو ما أجج مشاعر الغضب ودفع المواطنين للنزول في جمعة الغضب يوم 28 يناير. بينما حمل صفوت الشريف وزكريا عزمي وجمال عبد العزيز الرئيس السابق حسني مبارك ونجله جمال ورجل الأعمال أحمد عز مسؤولية ما حدث في البلاد، لأن مبارك كان يتجاهلهم ولا يستمع إلا لنجله جمال ومجموعته وعلى رأسها أحمد عز، كما أنهم لم ينقلوا أحداث الثورة بشكل كامل وواضح.

وأشار حميدة إلى أن صفوت الشريف واجه وزيري الإسكان السابقين أحمد المغربي وإبراهيم سليمان قائلا لهما إنهما يتحملان جزءا من المسؤولية لأنهما أهملا في رعاية الفقراء وتوفير مساكن مناسبة لهم، مشيرا إلى أن هناك من اتهم مجلس الشعب ورئيسه في حينه الدكتور فتحي سرور بزيادة كره الشعب للنظام بسبب التشريعات والقوانين التي كانت تصدر منه.

وأوضح حميدة أن أحمد عز بدوره حمل جهاز الشرطة والقوات المسلحة مسؤولية نجاح الثورة، وقال إنهما لم يقوما بدورهما في حماية الوطن والنظام السياسي وقت الثورة.

وأشار حميدة كذلك إلى أن رموز النظام السابق قالوا له أيضا إن هناك بعض الدول ساهمت في دعم الثورة، حيث كانت تقوم بدعم المعارضين في النظم العربية خلال السنوات السبع الأخيرة.

وحول موقف المتهمين من النظام السابق من وصول الإخوان المسلمين للحكم وإمكانية أن تكون هناك قنوات اتصال بينهم، قال إنهم على قناعة كاملة بأن نظام الحكم الجديد لن يتفاهم معهم، لأن هناك خصومة شديدة بين نظام مبارك والتيار الإسلامي، وجماعة الإخوان لن تنسى ما تعرضت له طوال 80 عاما.

وحول مستقبله السياسي، قال حميدة إنه كان قد بدأ في جمع توكيلات حزب جديد قبل حبسه في قضية «موقعة الجمل» باسم حزب «الطريق الثالث»، وبالفعل نجح في جمع 3418 توكيلا، مشيرا إلى أنه سيستكمل هذا المشروع وسيسعى للمنافسة في انتخابات البرلمان المقبلة عن دائرة عابدين أيضا.