عسكريون أميركيون يشكون في قدرة جيش أفغانستان

مع اقتراب نقل السلطات العسكرية إلى حكومة كرزاي

TT

قال مسؤولون في البنتاغون وعسكريون متقاعدون إن القوات الأميركية في أفغانستان حققت هدف تأسيس قوات مسلحة أفغانية قوتها 350 ألف جندي تقريبا، لكنهم شكوا في قدرة الجنود الأفغان على أن يشكلوا قوة عسكرية قوية، ناهيك عن مواجهة الإرهابيين والإسلاميين المتطرفين، من داخل أفغانستان أو من خارجها، خاصة من باكستان.

ونقل مراسل صحيفة «واشنطن بوست» من كابل أن القوات الأفغانية «ليست قريبة من القدرة على السيطرة على البلاد. لا يوجد فريق عسكري أفغاني قادر على العمل من دون المستشارين الأميركيين. حتى بالنسبة للشرطة، يقضي عدد كبير من رجال الشرطة وقته مشغولا بمحاربة الرشا وسط الناس، بدلا عن حفظ الأمن والقانون». وأضاف: «أخطر من هذا، صار عدد متزايد من الجنود والشرطة الأفغان يصوبون أسلحتهم نحو مدربيهم وشركائهم الأميركيين ومن قوات الناتو».

وقال روجر كارستينز، ضابط سابق في القوات الأميركية الخاصة: «بنينا قوة كبيرة جدا، أكبر مما يجب. عندما تحاول إنشاء قوة كبيرة من هذا العدد الكبير من الناس، وسريعا، تنشئ قادة من دون خبرة في القيادة المطلوبة، أو النضج، أو الفطنة لأداء مهماتهم».

غير أن واحدا من القادة في البنتاغون قال إن تأسيس هذه القوة، التي تشمل نصف مليون جندي وشرطي تقريبا «أمر ضروري لهزيمة طالبان، وتأمين البلاد الشاسعة، والمناطق الجبلية».

وأشارت مصادر إخبارية أميركية إلى أنه، في عام 2009، عندما تولى أوباما الرئاسة، كان الهدف هو بناء قوة أفغانية مشتركة تبلغ أكثر من 300 ألف شخص. وكان التركيز وقتها على التكاليف أكثر من القدرة. وحسب هذه المصادر، تبلغ التكاليف الآن أكثر من 4 مليارات دولار كل سنة، أكثر من ضعف إيراد الحكومة الأفغانية السنوي. لهذا، تحملت الولايات المتحدة جزءا كبيرا منها. وأنفقت ما يقرب من 50 مليار دولار على مدى العقد الماضي لبناء القوة.

وكان وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، قال في بداية هذا الشهر بعد أن عاد من زيارة إلى أفغانستان: «أخذت هذه القوات (الأفغانية) زمام المبادرة لعمليات قتالية معقدة للغاية. إنهم يتحملون الغالبية العظمى من خسائر قوات التحالف. وهذه علامة أخرى على أن الأفغان عندهم الاستعداد للتضحية، ولنقل المعركة إلى أرض العدو».

ومنذ البداية، أصر الرئيس الأفغاني حامد كرزاي على أن القوات الأفغانية يجب أن تكون المسؤولة عن الأمن مع نهاية عام 2014، الموعد النهائي لمنظمة حلف شمال الأطلسي لنقل المسؤولية الشاملة للحكومة الأفغانية. وفي الأسبوع الماضي، قال: «الأفغان مستعدون للإسراع في عملية الانتقال، إذا لزم الأمر. وأيضا يرغبون في ذلك».

غير أن مصادر إخبارية أميركية شككت في قدرة كرزاي نفسه على حكم أفغانستان بعد الانسحاب، فضلا عن قدرة القوات الأفغانية. وخاصة بسبب مشكلات وخلافات كثيرة بينه وبين الأميركيين. وأيضا، بين قادته العسكريين والعسكريين الأميركيين. مثلما حدث في الصيف عندما نشبت مشكلة بسبب طلبات قدمها وزير الدفاع الأفغاني عبد الرحيم وارداك لتغيير مكتبه ومكاتب أخرى في «بنتاغون كابل»، مبنى وزارة الدفاع الأفغانية الذي يبنيه الأميركيون. وعندما رفض الأميركيون، جمع وارداك الصحافيين واشتكى لهم.

وقال واحد من المسؤولين الأميركيين منتقدا الوزير: «نحن نتخذ موقفا حازما بسبب قواعد العمل المنضبطة، ولا نقدر على تغيير شيء فيها، أو التحكم فيها. هذا هو النهج الذي نتبعه»، وإن طلب وزير الدفاع الأفغاني قوبل برد كان عبارة عن كلمة واحدة: «لا». وتدخل قادة البنتاغون في أفغانستان في النزاع، وأيدوا الأميركيين.

وقال الكولونيل اندرو باكوس، المدير الهندسي في قيادة «الناتو» المكلف بتدريب وتجهيز قوات الأمن الأفغانية: «نقدر على أن ننفذ (طلبات وزير الدفاع). لكننا لن ننفذها».

وأضاف: «نحن نركز على الانتهاء من المشروع بأسرع فرصة ممكنة، حتى نسلمه للمسؤولين الأفغان. بعد ذلك، إذن يريدون تغييره، يمكنهم أن يفعلوا ذلك».

وقالت مصادر إخبارية إن تلك الأزمة بين العسكريين الأميركيين ووزير الدفاع الأفغاني لم تكن الأولى المهمة. لكن، لا يريد العسكريون الأميركيون خسارة حليفهم الأول، الذي يضعون له اعتبارا أكثر من الرئيس حميد كرزاي، وهو وزير الدفاع. وهم يعتمدون عليه حتى لا تكون أفغانستان «عبئا على المجتمع الدولي، ولكن تقدر على أن تقف قدميها، وتحدد مصيرها بنفسها».