مقتل 49 متمردا مفترضا في شمال القوقاز في عملية عسكرية روسية

أسئلة من دون أجوبة بعد 10 سنوات على احتجاز الرهائن في دوبروفكا

TT

أعلن الجيش الروسي أمس أنه قتل 49 متمردا في عملية أمنية واسعة تلت تصريحات للرئيس فلاديمير بوتين حول العنف في شمال القوقاز. وقالت اللجنة الوطنية الروسية لمكافحة الإرهاب إن العملية جرت في عدد من الجمهوريات في هذه المنطقة غير المستقرة التي تضم غالبية مسلمة، وسمحت بالقضاء على عدد من «أسوأ» قادة عصابة والموالين لهم. ونقلت وكالة الأنباء الروسية «إنترفاكس» عن بيان للجنة أن هذا «التحرك المنسق سمح بوضع حد لأنشطة عدد من قادة عصابة مقيتة وأفراد عصابات وشركائهم وألحق أضرارا كبيرة بالمنظومة التي يعملون فيها». وأضافت اللجنة في بيانها أن قوات فيدرالية ومحلية شاركت في العمليات «الواسعة والمركزة»، موضحة أنه تم تدمير 90 قاعدة للمتمردين. لكن اللجنة لم تحدد متى جرت العملية ولا مدتها. وكان الرئيس بوتين اتهم خلال تجمع في شمال القوقاز الجمعة السلطات بأنها لم تبذل جهودا كافية لفرض سيطرتها الكاملة على المنطقة بعد حربين في الشيشان. وشهدت المنطقة منذ حربي الشيشان تمردا إسلاميا امتد إلى جمهورية داغستان المجاورة لها وجمهورية داغستان الصغيرة والفقيرة. وقد تحول في منتصف العقد الأخير من القرن الماضي إلى حركة إسلامية مسلحة تنشط في كل أنحاء شمال القوقاز. ويبذل المسؤولون الروس جهودا شاقة لضمان أمن المنطقة في إطار استعداداتهم لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في 2014 في منتجع سوشي على البحر الأسود قرب حدود جمهورية جورجيا السوفياتية السابقة.

وشدد بوتين على ضرورة متابعة الوضع في هذه المنطقة بدقة قبل الألعاب الأولمبية وقبل استضافتها كأس العالم لكرة القدم في 2018. وقال بوتين لكبار مستشاريه الأمنيين في هذا الاجتماع: «أريد أن أشير إلى أن سلسلة من المناسبات الكبيرة المرتبطة بالرياضة أو بالسياسة ستجري في روسيا قريبا».

وأضاف «أنه شرف لكل المسؤولين عن تطبيق القانون أن تجري هذه المناسبات بشكل طبيعي واحتفالي وألا يشوبها أي شيء». لكن الرئيس الروسي لم يوضح ما هي المناسبات السياسية التي يقصدها. وكانت روسيا شهدت في مارس (آذار) انتخابات رئاسية فاز فيها بوتين. وأعلن مسؤولون أمنيون العام الماضي كشف مخطط لمهاجمة سوشي خلال دورة الألعاب الأولمبية، موضحين أنها مرتبطة بالعصابات المنتشرة في شمال القوقاز، وكذلك في جورجيا عدو روسيا في المنطقة. لكن مسؤولين في تبيليسي نفوا بشدة الاتهامات واتهموا موسكو بدورهم بمحاولة تحميلها مسؤولية أمنها. وذكرت اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب في بيانها سلسلة من العمليات التي قامت بها في داغستان وجمهوريات أخرى وسمحت بالعثور على مخابئ هائلة للأسلحة والمتفجرات. وأضافت أن 30 شخصا اعتقلوا بينما «اقتنع» 20 آخرون بالحضور إلى مراكز الشرطة طوعا والاعتراف بتورطهم في نشاطات المتمردين، ونشر رئيس انغوشيا يونس بيك يفكوروف رقم هاتفه الجوال الخاص ليتمكن المتمردون من الاتصال به للاعتراف بنشاطاتهم غير المشروعة وتبرئة أنفسهم. وبعد 10 سنوات على احتجاز نحو ألف شخص رهائن في مسرح دوبروفكا في موسكو الذي أوقع 130 قتيلا، لا تزال أسر الضحايا تطرح تساؤلات حول عملية القوات الخاصة المثيرة للجدل التي استخدم فيها غاز قوي. ولا تزال نتاليا كورباتوفا التي قتلت ابنتها في المأساة عندما كانت في الـ13 تتساءل: «لماذا لم تتفاوض السلطات مع محتجزي الرهائن؟ ما هو الغاز الذي استخدم وأدى إلى مقتل أقاربنا؟». وصرحت كورباتوفا لوكالة الصحافة الفرنسية: «ما زلت أجهل كيف توفيت. وجدناها في مشرحة في اليوم التالي من الهجوم». وكانت مجموعة شيشانية احتجزت أكثر من 900 شخص أتى معظمهم لمشاهدة مسرحية في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2002.

وبعد ثلاث سنوات على شن فلاديمير بوتين في نهاية 1999 حرب الشيشان الثانية، طالبت المجموعة الشيشانية المؤلفة من 21 رجلا و19 امرأة، بانسحاب القوات الروسية من الجمهورية الانفصالية مهددة بتفجير مبنى المسرح. واستمر حصار المبنى ليومين وثلاث ليال.

وقال أوليغ الذي كان أحد الرهائن: «كنا ننتظر بفارغ الصبر أن تشن القوات الخاصة هجوما على المبنى لتخلصنا من هذا الكابوس بعد أن جلسنا في كراسينا دون حراك طوال ثلاثة أيام من دون ماء أو غذاء». وانتهت عملية احتجاز الرهائن بهجوم للقوات الخاصة التي نشرت في نظام التهوية غازا قويا لا تزال تركيبته غير معروفة. وتم تفكيك القنابل وقتل أفراد الكوماندوز البعض إعداما وهم لا يزالون تحت تأثير الغاز.

لكن الغاز نفسه أسفر عن مقتل معظم الضحايا لأنهم لم يتلقوا العلاج الطبي المناسب. وكان 5 أشخاص فقط أعدموا على يد الكوماندوز من أصل الضحايا الـ130.

ويوجه المحامي إيغور ترونوف الذي يدافع عن أسر الضحايا، الاتهامات، وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «لم يفض الغاز إلى وفاة الرهائن فورا، لكن الكثير منهم قضى لعدم تلقي العلاج المناسب. لم يكن الأطباء على علم بتركيبة الغاز». وأضاف: «لم يكن لدينا ترياق ولم تتمكن سيارات الإسعاف من الوصول إلى المبنى، ولم تكن المستشفيات مستعدة لاستقبال هذا العدد الكبير من الضحايا». وتساءل بدوره: «لماذا قتل جميع الخاطفين؟ كان يمكن استجواب البعض الذين كانوا لا يزالون أحياء».

ورد القضاء الروسي كل الدعاوى الرامية إلى إيجاد أجوبة لهذه التساؤلات وكشف المسؤولون عن العدد الكبير لضحايا الهجوم.