وزير الخارجية الفرنسي يوجه أصابع الاتهام إلى سوريا في اغتيال الحسن

فابيوس: من مصلحة الأسد نقل عدوى الأزمة إلى تركيا ولبنان والأردن

عقيلة اللواء وسام الحسن ووالدته تواسيان بعضهما البعض خلال مراسم التشييع في بيروت أمس (رويترز)
TT

خطت باريس خطوة أخرى في توجيه أصابع الاتهام إلى النظام السوري في جريمة اغتيال رئيس فرع الاستطلاع في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن. وما كانت تقوله المصادر الفرنسية تلميحا أو تضمينا عبر عنه وزير الخارجية لوران فابيوس بشكل علني وواضح.

وفي حديث صحافي إذاعي متلفز أمس، ولدى سؤاله عما إذا كان اغتيال الحسن يحمل بصمات النظام السوري، أجاب فابيوس: «هذا أمر محتمل. نحن لا نعلم حتى الآن من يقف وراء هذا الاعتداء، لكن كل المؤشرات تدل على أنه امتداد للأزمة السورية». وأضاف فابيوس أن «مصلحة بشار» الأسد الذي وصفه بأنه «مناور» تكمن في «نقل عدوى الأزمة إلى تركيا ولبنان والأردن». والخلاصة التي توصل إليها الوزير الفرنسي هي أن «رحيل بشار الأسد (عن السلطة) أصبح أكثر ضرورة».

ومجددا، كرر فابيوس إدانة بلاده للاعتداء المروع وعبر عن تضامنها مع الشعب اللبناني والدولة اللبنانية. ووصف فابيوس اللبنانيين بأنهم «أبناء عمنا، هم إخوتنا ونحن قريبون جدا من لبنان ونحرص بشكل مطلق على انسجامه» الوطني. غير أنه هاجم بشكل غير مباشر حزب الله، مشيرا إلى مشاركة أفراد منه في العمليات العسكرية الدائرة في سوريا التي يرى فيها تعبيرا عن «إرادة حزب الله وإيران لإثبات وجودهم بشكل أوضح إلى جانب نظام دمشق»، الأمر الذي لا يحظى بموافقة فرنسا، على حد تعبيره. كذلك ندد فابيوس بإرسال حزب الله بطائرة من غير طيار إلى الأجواء الإسرائيلية.

وتستكشف باريس، وفق ما علمته «الشرق الأوسط»، إمكانية أن تتولى لجنة التحقيق الدولية المرتبطة بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان التحقيق في عملية اغتيال الحسن، بحيث يضم هذا الملف إلى ملف اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري ويصبح بالتالي من صلاحية المحكمة الدولية، غير أنه من المبكر الحكم منذ اليوم على إمكانية تحقيق هذا الهدف بالنظر إلى الاعتبارات القانونية والسياسية المرتبطة به.

وتحرص باريس على توفير «شبكة أمان» للبنان الذي ما فتئت تحذر من مخاطر تمدد الأزمة السورية إلى أراضيه، ولما لذلك من انعكاسات على وضعه «الهش» وعلى استقراره وأمنه، وكلها تعد من الأولويات الفرنسية في المنطقة. وتتدارس الدوائر الفرنسية بعض «الأفكار» القديمة الجديدة التي لبعضها بعد دولي على صلة بحضور الأمم المتحدة في لبنان.

وبعد أن كانت باريس تعتبر أن سقوط الأسد ليس بأمر بعيد، فإنها أخذت تعيد النظر في تقييمها للأوضاع الميدانية. وتقول المصادر الفرنسية اليوم إن حدوث اختراقات ميدانية لصالح المعارضة هو الأمر الكفيل وحده بإحداث ثغرة للبحث في حل سياسي أو التوصل إلى تسوية سياسية. لكن المشكلة تكمن في أن التغير العسكري الميداني مرتبط بشكل أساسي بحصول المعارضة على أنظمة التسلح المناسبة التي من شأنها أن تحرم النظام، من جهة، من السيطرة الجوية، وتعيق، من جهة أخرى، تقدم واستخدام دباباته. والحال أن مصادر واسعة الاطلاع أفادت بأن الجانب الأميركي «أوقف» تسليم أنظمة من هذا النوع للمعارضة وصلت من بلدان خليجية بسبب دواعي الحملة الرئاسية الأميركية وبسبب المخاوف من أن تقع الصواريخ المضادة للطائرات التي تطلق من الكتف بأيدي منظمات جهادية إسلامية متطرفة «قد تستخدمها في أماكن أخرى وربما ضد الطيران المدني». ومع ذلك تعتبر المصادر الفرنسية أن ثمة مضادات جوية تصل إلى المعارضة المسلحة وهي «تعيق» تدخل الطيران السوري، ولكن ليس إلى درجة منعه من صب حممه على المواقع والمدن التي تقع تحت سيطرة المعارضة.

وأشار الوزير الفرنسي أمس إلى هذه المعضلة المستعصية، أي كيفية وضع حد لتفوق النظام التسلحي، إما عبر تسليح المعارضة مباشرة «الأمر الذي يتعارض مع التزاماتنا»، وإما عبر مجلس الأمن الدولي المغلق طريقه بسبب الفيتو الروسي الصيني. واعترف فابيوس أنه «حتى الآن لم ننجح في التغلب على هذه المعضلة».

غير أن باريس تريد أن تلعب ورقة توحيد المعارضة السورية وتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة أعربت عن استعدادها للاعتراف بها وبشرعيتها.. لكن المشكلة بالنسبة إليها تبقى حالة المعارضة المنقسمة على نفسها التي لم تنجح حتى الآن في إيجاد صيغة تمكنها من الوجود كلها في إطار واحد أو في تشكيل الحكومة الموعودة.