الإبراهيمي يدعو إلى «وقف منفرد» لإطلاق النار.. والأسد يشترط «وقف الإرهاب»

معارضون لـ «الشرق الأوسط»: دعوة المبعوث الأممي دليل فشله في الحصول على ضمانات بالهدنة

الرئيس السوري بشار الأسد اثناء استقباله المبعوث الخاص الى سوريا الأخضر الابراهيمي في دمشق أمس (رويترز)
TT

دعا الموفد الدولي إلى دمشق الأخضر الإبراهيمي أطراف النزاع في سوريا إلى وقف القتال «بقرار منفرد خلال عيد الأضحى.. يبدأ متى يريد (كل طرف) اليوم أو غدا»، معتبرا أن دعوته موجهة إلى «كل سوري سواء كان في الشارع أو القرية أو مسلحا في جيش سوريا النظامي أو من هم معارضون للدولة السورية».

وفي حين أبلغ الرئيس السوري بشار الأسد الإبراهيمي بأن «أي مبادرة أو عملية سياسية يجب أن تقوم في جوهرها على مبدأ وقف الإرهاب، وما يتطلبه ذلك من التزام الدول المتورطة في دعم وتسليح وإيواء الإرهابيين في سوريا بوقف القيام بمثل هذه الأعمال»، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، قال قياديون في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» إن دعوة الإبراهيمي «المنفردة» هي «دليل على فشله في الحصول على أي ضمانات بوقف القتل من النظام السوري».

وقال الإبراهيمي، بعد لقائه الأسد في دمشق أمس؛ للمرة الثانية منذ تكليفه بمهامه كمبعوث أممي إلى سوريا بعد لقاء سابق في 15 سبتمبر (أيلول) الماضي، إن دعوته لوقف القتال خلال العيد «مبادرة شخصية وليست مشروعا مطولا أو جزءا من عملية سلام»، معربا عن أمله في أن يكون «هذا العيد هادئا إذا لم يكن سعيدا».

ورغم رفضه الإفصاح عن تفاصيل لقائه بالرئيس السوري، وفي ما يشبه إعلانا غير مباشر عن فشل مساعيه، اعتبر الإبراهيمي، في مؤتمر صحافي عقب اللقاء، أنه «لو أخذ كل طرف قرارا منفردا فسيصبح قرارا جماعيا بعدم استعمال السلاح في فترة العيد»، لافتا إلى أن المعارضين في الخارج والمسؤولين في الدول المجاورة الذين التقاهم أعربوا عن تأييدهم لفكرته. وأشار الإبراهيمي إلى أنه ليست لديه أي أجندة سوى خدمة الشعب السوري، متمنيا للسوريين عيدا مباركا وقال «سأعود بعد العيد، وإذا كان الهدوء قد تحقق فعلا أثناء فترة العيد فإننا سنحاول البناء عليه.. وحتى إذا لم يحصل ذلك فسنسعى لتحقيقه ونأمل في انفتاح طريق الانفراج أمام الشعب السوري». وفي ما يتعلق بتبلور خطة للحل لديه قال الإبراهيمي «نعمل على تحضير هذه الورقة مع الأطراف المختلفة الداخلية والخارجية»، موضحا أن «الشعب السوري يتوقع أكثر من هذه الهدنة لبضعة أيام؛ ومن حقه ذلك. وكل ما نستطيع أن نعد به أننا سنعمل دون كلل أو ملل لتحقيق طموحات الشعب السوري».

ونقلت وكالة «سانا» عن الأسد قوله إن «سوريا تدعم جهود المبعوث الأممي، ومنفتحة على أي جهود مخلصة لإيجاد حل سياسي للأزمة على أساس احترام السيادة السورية ورفض التدخل الخارجي». وأفادت بأن الطرفين بحثا خلال اللقاء «تطورات الأوضاع في سوريا والجهود التي يقوم بها الإبراهيمي ونتائج جولته الأخيرة على عدد من دول المنطقة».

من ناحيتها، رأت المعارضة السوري ممثلة بـ«الجيش السوري الحر» و«المجلس الوطني السوري» في دعوة الإبراهيمي «دليل فشل». وأوضح عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني أحمد رمضان، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «كان متوقعا ألا يستجيب النظام لأي مبادرة تتضمن وقف إطلاق النار كما حصل في السابق مع مبادرات من جامعة الدول العربية ومن الأمم المتحدة»، وقال «ها هو اليوم يرفض التعاون لوقف العدوان والقتل خلال مناسبة مقدسة لدى السوريين والعرب وهي عيد الأضحى»، لافتا إلى أن «الإبراهيمي، وإن سمع تصريحات عامة مرحبة، لكن الموقف الفعلي هو ضد الاستجابة لأي مبادرة».

من ناحيته، رأى نائب قائد الجيش السوري الحر العقيد مالك الكردي أن «دعوة الإبراهيمي بهذا الشكل دليل على أنه لم يستطع التوصل لضمانات محددة من النظام السوري من أجل هدنة لوقف إطلاق النار، خصوصا بعد الرسالة التي وجهت له فور وصوله إلى المنطقة باغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن، معتبرا لـ«الشرق الأوسط» أن الإبراهيمي «بات يدرك أن الحصول على أي ضمانة من النظام السوري مستحيل».

وأوضح رمضان أنه «سبق لنا في المجلس الوطني أن أبلغنا الإبراهيمي خلال لقائه في تركيا أننا نتوقع منه صراحة إدانته لما يقوم به النظام السوري، وأن يؤكد مسؤولية النظام عن عمليات القتل، وأن يدرك أن الشعب السوري هو في حالة الدفاع عن النفس»، مضيفا «كما طالبناه بأن يذهب إلى مجلس الأمن الدولي لوضع الأطراف أمام مسؤولياتها، وتحديدا روسيا والصين، وأن يعلن أن النظام السوري مسؤول عن المجازر التي ترتكب بشكل يومي».

وفي حين شدد رمضان على أن «أي محاولة لإعطاء مهل إضافية للنظام وجعل الشعب السوري حقل تجارب - مع سقوط مائتي شهيد يوميا - أمر مرفوض، ويستوجب تحركا سريعا»، وصف الكردي عبارة «قرار منفرد» التي استخدمها الإبراهيمي في مطالبته بوقف إطلاق النار بأنها «عبارة عائمة». وأشار إلى أن موقف الإبراهيمي «مؤشر واضح على فشل الإبراهيمي في الحصول على أي التزام من قبل النظام السوري لوقف إطلاق النار».

وأعرب نائب قائد «الجيش الحر» عن اعتقاده بأن المطلوب اليوم من «الإبراهيمي ومن المجتمع الدولي تحمل مسؤوليتهم والإسراع بوقف شلال الدم في سوريا»، مؤكدا أن ذلك «لن يحصل إلا بتسليح فاعل للجيش الحر، وبالتدخل العربي والدولي السريع لحل الأزمة في سوريا، لأن الوضع لم يعد يحتمل، وقابل للانفجار بشكل أكبر بعد ما حصل في لبنان وكذلك في سوريا». وطالب الكردي «الأميركيين تحديدا بالتحرك الفوري وعدم انتظار نتائج الانتخابات لأن الوضع لم يعد يحتمل أي تأخير».

إلى ذلك، أعلنت الجامعة العربية أن الإبراهيمي سيعود للقاهرة بعد جولته في لبنان والأردن وسوريا غدا الثلاثاء لإطلاع الأمين العام للجامعة على نتائج لقاءاته بالمسؤولين السوريين والمعارضة. وقال الأمين العام للجامعة نبيل العربي، إنه على اتصال دائم مع الإبراهيمي، وإنه أبلغه أمس في اتصال هاتفي بأن اتصالاته مع القيادة السورية ما زالت مستمرة ولا جديد في موضوع هدنة عيد الأضحى.

وأعلن العربي أن وفدا من الجامعة سيزور الأردن لتفقد حالة اللاجئين السوريين في الأردن وتقديم مساعدات لهم، لافتا إلى أن وسائل الإعلام نقلت تجاوبا من الجيش السوري الحر لفكرة الهدنة، إلا أن الخطوات المقبلة ستتحدد خلال اليومين المقبلين، مشيرا إلى أن قضية نشر قوات دولية ما بين لبنان وسوريا التي اقترحتها قوى 14 آذار بعد تفجير الأشرفية لا بد له من قرار على مستوى وزراء الخارجية العرب.

وقال العربي «إن وزير خارجية هولندا حضر إلى الجامعة العربية ودارت محادثات طويلة تحدثنا فيها عن أمور كثيرة بدءا من قضية فلسطين وما يدور الآن في سوريا وتعرضنا لأمور كثيرة أخرى». جاء ذلك عقب اجتماع جمع العربي بوزير خارجية هولندا أيري روزنتال في الجامعة العربية أمس.