ميقاتي يطوي استقالته ويقرر العودة إلى «السراي» بعد جرعة الدعم الدولي

جنبلاط يرفض «التحامل على الحكومة».. والمعارضة ماضية في إسقاطها

دخان أسود يغلف حي التبانة في مدينة طرابلس أمس بعد اشتباكات مع مسلحين من حي جبل محسن (أ.ف.ب)
TT

أعادت جرعة الدعم الدولي التي نالها رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الأخير الى خطة «الهجوم المضاد» في مواجهة المعارضة المصرة على إسقاط حكومته، فطوى إستقالته التي لوح بها بعيد إغتيال اللواء وسام الحسن يوم الجمعة الماضي، وأعاد تنظيم أموره للبقاء في لبنان بعدما كان مقررا أن يغادر الى المملكة العربية السعودية لاداء فريضة الحج.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن ميقاتي إتخذ قرارا بالعودة الى ممارسة أعماله كالمعتاد، وهو سيعود الى مكتبه في السراي الحكومي «قريبا جدا» بعد أن كان اعلن عزوفه عن الذهاب الى مكتبه ووقف جلسات الحكومة. وفي المقابل، كانت قوى «14آذار» تؤكد استمرارها في معركة إسقاط ميقاتي. وقالت مصادر في المعارضة لـ»الشرق الأوسط» إذا كان الخارج يخشى الفراغ السياسي، فهذا الفراغ موجود منذ أن قام «حزب الله» وحلفاؤه بالانقلاب على حكومة حكومة الرئيس سعد الحريري في العام 2010 وايصال ميقاتي بقوة «القمصان السود» في اشارة الى حزب الله.

وفي الاطار نفسه، أكدت مصادر قريبة من الرئيس الحريري لـ»الشرق الأوسط» مقاطعة قوى المعارضة اليوم وغدا للجلسات النيابية التي يحضرها الوزراء، مشددة على ثبات موقفها في رفض أي حوار أو البحث في أي أمر آخر قبل سقوط الحكومة.

لكن مصادر الرئيس اللبناني ميشال سليمان أبلغت «الشرق الأوسط» أن الرئيس سليمان يتوقع استقبال شخصية من «14 آذار» قد تكون رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة اليوم في اطار مشاوراته التي بدأها الأحد الماضي واستكملها بلقاء الوزير وائل ابو فاعو مندوبا عن النائب وليد جنبلاط. وقالت المصادر أن السنيورة قد يزور الرئيس سليمان لابلاغه موقف المعارضة والرئيس سيتشاور معه في ما هو ضروري القيام به لحل هذه الأزمة القائمة.

وكان الرئيس اللبناني استقبل أمس سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، ترافقهم سفيرة الاتحاد الأوروبي والمنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي الذي ادلى بعد اللقاء ببيان قال فيه أن السفراء طلبوا الاجتماع «لتأكيد تضامنهم مع لبنان خلال هذه الفترة الصعبة». وقال:» إن أعضاء مجلس الامن أكدوا في بيانهم تصميمهم على وجوب إحالة المسؤولين ورعاتهم الى القضاء وعلى إدانتهم المطلقة لأي محاولة لهز إستقرار لبنان من خلال الاغتيالات السياسية، وعبّروا كذلك عن تصميمهم لدعم حكومة لبنان لوضع حدّ نهائي للافلات من العقاب.

ودعا بلامبلي باسم السفراء « جميع الاطراف في لبنان الى المحافظة على الوحدة الوطنية في وجه هذه المحاولات»، مؤكدا «دعمنا لقيادته وللجهود التي يقوم بها حالياً بالتشاور مع كل الاطراف اللبنانية». قائلا:» أنه يعود الى الاطراف اللبنانيين الاتفاق على الطريق للسير قدماً، ومن الضروري أن يتم ذلك من خلال مسار سياسي سلمي وتأكيد استمرارية المؤسسات والعمل الحكومي للمحافظة على الامن والاستقرار والعدل في لبنان. وسوف نقف الى جانب لبنان في هذه الفترة الصعبة».

والتقى الرئيس سليمان بميقاتي وتم عرض للتطورات السياسية والامنية السائدة على الساحة الداخلية والخطوات الواجب اتخاذها لاعادة ضبط الوضع الامني وابقاء الصراع السياسي بعيداً من لغة الشارع حفاظاً على الامن والاستقرار. وكان رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط دعا الى «الابتعاد عن توزيع الاتهامات يميناً ويساراً وتضييع البوصلة السياسية والسقوط في الفخ الذي نصبه النظام السوري الذي يريد جر لبنان الى الاقتتال الداخلي بأي ثمن وتحويل الأنظار عن الثورة السورية المستمرة رغم التضحيات الهائلة والخسائر الضخمة على كل المستويات».

وقال جنبلاط: قد يكون مفهوماً بعض الكلام في لحظات الإنفعال للمطالبة باستقالة الحكومة، ولكن العودة إلى كلام رئيسها (نجيب ميقاتي) بعد جلسة مجلس الوزراء، ثم كلام رئيس الجمهورية (ميشال سليمان) خلال مراسم تكريم اللواء الشهيد وسام الحسن يؤكدان الترابط الواضح بين الاغتيال وكشف مخطط سماحة- مملوك، وهو ما يتقاطع موضوعياً مع خطاب قوى الرابع عشر من آذار، كما أن مطالبة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الواضحة والصريحة والجريئة بالاستعجال بإصدار القرار الاتهامي في قضية ميشال سماحة هي ردّ واضح على الاغتيال وتأكيد على التزام الدولة بأعلى رموزها بعدم التساهل في هذه القضية وكشف ملابساتها حتى النهاية».

وأضاف: «إنّ التحامل على الحكومة جملةً وتفصيلاً، رغم الجرح الكبير، وربط كل المواقف المستقبلية بالاستقالة المسبقة للحكومة، من شأنه أن يعرض البلاد للاهتزاز والسقوط مجدداً في الفخ الذي يريده النظام السوري وهو إدخال لبنان في الفراغ. إن الحزب التقدمي الاشتراكي، إذ يؤكد التزامه التام بالسلم الأهلي كخط أحمر لا يجوز تجاوزه، يجدد استعداده للمشاركة في تأليف حكومة جديدة تكون حكومة شراكة وطنية لإنقاذ البلاد من الوضع الراهن شرط حصول توافق جماعي محلي وإقليمي، إلا أنه يحذر من أي مغامرات غير محسوبة النتائج ترمي البلاد في المجهول، ويدعو إلى عدم تحميل الحكومة ورئيسها أكثر مما تحتمل، قياساً الى تجارب سابقة مرّ فيها لبنان بأحداث مشابهة ووقعت فيها اغتيالات عديدة. أما بعض المزايدات السياسية التي تطالب «جبهة النضال الوطني» بسحب وزرائها من الحكومة فهي لا تصب في مصلحة حماية البلاد من الوقوع في الفراغ والمجهول».