رئيس الوزراء الياباني: على الأسد أن يفسح المجال للآخرين وسوريا وصلت لطريق مسدود

يوشيهيكو نودا أكد لـ «الشرق الأوسط» أن الاستيطان الإسرائيلي يعارض جهود المجتمع الدولي من أجل السلام

رئيس الوزراء الياباني يوشيهيكو نودا (أ.ف.ب)
TT

دعا رئيس الوزراء الياباني يوشيهيكو نودا الرئيس السوري بشار الأسد إلى وجوب إفساح المجال للآخرين، مشيرا إلى أن الوضع في سوريا يتفاقم مع سلسلة متواصلة من العنف، مبديا قلقه الشديد من تأثيرات الأزمة على المنطقة كلها، إضافة إلى الأوضاع الإنسانية.

وقال نودا في حوار مع «الشرق الأوسط» من طوكيو، إن بلاده ستدعم جهود القوات المعارضة للتكامل، وكذلك موقف الأخضر الإبراهيمي المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لسوريا، مؤكدا في الوقت ذاته أن اليابان ستواصل زيادة الضغط على الحكومة السورية بفرض عقوبات خاصة، وكذلك باستضافة المؤتمر المقبل لمجموعة العمل الدولية الخاصة بالعقوبات.

ولفت رئيس الوزراء الياباني إلى قلقه حيال الوضع الحالي في عملية السلام بالشرق الأوسط، حيث أشار إلى تعطل المفاوضات الرسمية والمباشرة بين الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، لأكثر من سنتين، على الرغم من أن تحقيق السلام في الشرق الأوسط هو أمر حيوي من أجل السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط كلها، معتقدا أن السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا من خلال المفاوضات الجدية بين الطرفين.

وبين أن النشاط الاستيطاني الإسرائيلي يعارض الجهود المبذولة من قبل المجتمع الدولي، وقال: «سوف تستمر اليابان في مطالبة إسرائيل بشدة بوقف الأنشطة الاستيطانية»، كما تحدث رئيس الوزراء الياباني عن علاقة طوكيو بدول الربيع العربي، وتحدث عن علاقته بالسعودية، كما أرسل رسالة للعالم العربي من خلال الحوار التالي:

* كيف ترى وتقيم الوضع السوري الحالي؟

- إن الوضع في سوريا يتفاقم مع سلسلة متواصلة من العنف. أشعر بقلق شديد ليس من تفاقم الأوضاع الإنسانية فحسب، ولكن أيضا من تأثيرات الأزمة على المنطقة كلها، مثل التوترات المتنامية في منطقة الحدود بين تركيا وسوريا، أو التزايد السريع في عدد اللاجئين إلى البلدان المجاورة. إن الرئيس السوري بشار الأسد، الذي لن يتخلى عن القتال، ويتجاهل الضحايا المدنيين الأبرياء، يجب عليه أن يفسح المجال للآخرين، فالمجتمع الدولي، بما فيه مجلس الأمن، لم يقدر على إيجاد حل فعّال. وبالإضافة إلى ذلك، لا تملك المعارضة السورية ما يكفي من قوة التكامل. وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن الوضع في سوريا وصل إلى طريق مسدود، ولكن، أود أن أقول إن على المجتمع الدولي أن لا يتوقف عن جهوده في مجال المساعدات الإنسانية وعن دعمه لعملية التحول الديمقراطي. حتى الآن، قدمت اليابان مساهمة بمبلغ قدره 13 مليون دولار لدعم اللاجئين. ومع اقتراب فصل الشتاء، ينبغي للمجتمع الدولي أن يعزز أنشطة الدعم للاجئين السوريين الذين يزداد عددهم. أما عملية الانتقال، فلا بد للشعب السوري أن يأخذ المبادرة إليها. ستدعم اليابان جهود القوات المعارضة للتكامل، وكذلك موقف الأخضر الإبراهيمي، المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لسوريا. وستواصل اليابان زيادة الضغط على الحكومة السورية بفرض عقوبات خاصة بنا، وكذلك باستضافة المؤتمر المقبل لمجموعة العمل الدولية الخاصة بالعقوبات وغيرها. سوف نبذل أقصى جهودنا بالتنسيق مع المجتمع الدولي، وذلك لحل المشكلات في سوريا.

* ما موقف اليابان مما حدث في الربيع العربي، وما توقعاتك للتعاون مع الحكومات العربية الجديدة؟

- نقدر أن عملية الديمقراطية في بلاد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تسير بشكل ثابت. ومن ناحية أخرى، أرى أن المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، مثل ارتفاع معدل البطالة بين الشباب، لا تزال في طريق الحل في هذه البلدان.

تحرص اليابان على أن تكون «شريكا» مع هذه البلاد في مرحلتها الانتقالية، التي بدأت بالفعل في شقّ طريقها لبناء مجتمع ديمقراطي وتنمية اقتصاد مستدام، وسوف تقدم الدعم على المدى الطويل. عندما حضرت اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال خريف العام الماضي، تعهدت بتقديم دعم بمليار دولار أميركي. منذ ذلك الحين، قدمت أو وعدت اليابان بتوقيع قروض جديدة بما يعادل 4.1 مليار دولار، وذلك للمغرب وتونس ومصر والأردن. إلى جانب ذلك، قدمت اليابان مساهمة بمبلغ قدره 4.27 مليون دولار لليمن لدعم تنظيم الانتخابات الرئاسية والمساعدات الإنسانية. سوف تواصل اليابان دعمها من أجل الديمقراطية وجهود الإصلاح في البلاد التي تمر بمرحلة انتقالية، وذلك باستخدام تقنياتنا ومعرفتنا وخبرتنا المكتسبة من الأنشطة الداعمة للتنمية الاقتصادية، وكذلك بتثبيت الديمقراطية التي تحققت في البلدان الآسيوية.

* ما رأيك في عملية السلام في الشرق الأوسط؟

- أشعر بالقلق حيال الوضع الحالي، حيث تعطلت المفاوضات الرسمية والمباشرة بين الطرفين؛ إسرائيل وفلسطين، لأكثر من سنتين، على الرغم من أن تحقيق السلام في الشرق الأوسط هو أمر حيوي من أجل السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط كلها، أعتقد أن السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا من خلال المفاوضات الجدية بين الطرفين. إنه من المهم للغاية أن يبذل كلا الطرفين جهودا لبناء الثقة المتبادلة، من أجل استئناف المفاوضات المباشرة. ومن وجهة النظر هذه، فإن النشاط الاستيطاني الإسرائيلي يعارض الجهود المبذولة من قبل المجتمع الدولي. ولذلك، سوف تستمر اليابان في الطلب من إسرائيل بشدة وقف الأنشطة الاستيطانية. قلت هذا الرأي لمحمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، عندما قام بزيارة إلى اليابان في شهر أبريل (نيسان) من هذا العام. إن اليابان تبذل جهودها من أجل دعم مساهمة المجتمع الدولي لتقدم عملية السلام، مثل التواصل السياسي مع الطرفين، ودعم الفلسطينيين لبناء دولتهم في المستقبل، والتواصل من أجل تعزيز التفاهم المتبادل بين كلا الطرفين. تقوم اليابان بتقديم مساهمات مالية إلى فلسطين منذ عام 1993، بمبلغ إجمالي قيمته 1.3 مليار دولار، إن اليابان مصممة على استمرار المساهمات، مثل «مفهوم خلق ممر السلام والازدهار»، الذي تهدف من خلاله إلى خلق فرص العمل والاعتماد الاقتصادي الذاتي لفلسطين. بالإضافة إلى ذلك، فإن اليابان تنوي التعاون النشط مع دول شرق آسيا التي حققت التطور الاقتصادي، مثل إندونيسيا أو ماليزيا، من أجل دعم الفلسطينيين.

* ما الرسالة التي تريد توجيهها إلى العالم العربي؟

- أود أن أعرب عن رغبتي العميقة في تعميق علاقات ودية طويلة الأمد بين اليابان وأصدقائنا في العالم العربي على مستويات مختلفة، وكذلك تعزيز العلاقات الاقتصادية، هذا ليس مجرد كلام فحسب، بل هو عزم اليابان البيّن على التعاون مع الدول العربية من أجل السلام في الشرق الأوسط والتحديات المختلفة في المنطقة، علاوة على ذلك، فإنني أؤمن بالإمكانيات الاقتصادية للبلدان العربية. وفي شهر ديسمبر (كانون الأول) من هذا العام، سوف يتم عقد الاجتماع الثالث للمنتدى الاقتصادي العربي الياباني في طوكيو، يحضره وزراء وممثلون على مستوى رفيع من القطاعين الخاص والعام من اليابان والدول العربية. إضافة إلى ذلك، ستتم استضافة حوار المستقبل بين اليابان والعالم الإسلامي في طوكيو في شهر ديسمبر (كانون الأول)، أتمنى أن تعزز اليابان والعالم العربي علاقات التعاون متعددة المستويات، وتقوية العلاقات المفيدة للجميع من خلال هاتين المناسبتين.

* توجد علاقة خاصة بين اليابان والسعودية فيما يتعلق بالنفط، هل هناك جهود للدعم؟

- إن المملكة العربية السعودية هي أكبر دولة مصدرة للنفط الخام إلى بلادنا، وتستورد اليابان 30 في المائة من إجمالي استيرادها من النفط الخام من المملكة العربية السعودية، هي شريك مهم جدا من حيث أمن الطاقة. ويشترك البلدان في تاريخ طويل من الصداقة والتعاون، جوهره العلاقات الودية بين الأسرة المالكة السعودية والأسرة الإمبراطورية اليابانية، لقد تعززت العلاقات بين البلدين بشكل أكبر وعلى المستويات المختلفة. هناك زيارات متبادلة بين الوزراء لكلا البلدين لعقد الحوارات السياسية واجتماعات دورية على مستوى العمل، وكذلك إطار الحوارات في مجال الأعمال التجارية، بالإضافة إلى ذلك، تشهد السنوات الأخيرة تطورا في التعاون بين البلدين، في مجالات أوسع نطاقا، مثل مجال المياه والطاقة المتجددة والتنويع الصناعي والتدريب المهني، وتبادل زيارات الشباب وغيرها، أود الاستمرار في تعزيز العلاقات متعددة المستويات مع المملكة العربية السعودية.