الرئيس الأسبق للموساد يدعو حكومة إسرائيل إلى فتح حوار مع إيران

قال: تجربتي الطويلة علمتني أن الحوار أفضل حتى مع ألد الأعداء

فلسطينيون غاضبون يهتفون ضد العدوان الاسرائيلي اثناء تشييع ابوجلالة الذي قتل في غارة اسرائيلية على غزة (ا ب)
TT

في معرض انتقاداته لطريقة التعامل مع إيران، دعا أفرايم هليفي الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجي (الموساد)، الحكومة الإسرائيلية إلى التخلي عن خطابها الحربي الحالي وفتح حوار مع طهران، مؤكدا «أن لغة الحوار أجدى وأن الإيرانيين أنفسهم يريدون الخروج من الورطة الشائكة التي علقوا نفسهم فيها».

وحذر هليفي، في حوار مع الإذاعة الإسرائيلية أمس، من مغبة الاستمرار في سياسة حكومة بنيامين نتنياهو، التي تؤدي إلى تأجيج العداء وإلى التدهور لحرب قد تكون غير ضرورية. وقال: إن على نتنياهو أن لا يركن إلى موقف صديقه، المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية، ميت رومني. فهذا الرجل – رومني – يلحق ضررا مباشرا لإسرائيل وللولايات المتحدة بموقفه من الخيار العسكري ضد إيران: «لأنه يحاول القضاء على أي حل للأزمة إذا لم يكن هذا الحل حربا». وأشاد بالمقابل بالرئيس باراك أوباما: «الذي يرى أنه ما زال هناك حيز للحوار السلمي، ويعبر بذلك عن موقف شجاع وحكيم».

المعروف أن نتنياهو هو الذي كان قد عين هليفي (78 عاما) في منصب رئيس «الموساد» عام 1998 الذي استمر فيه حتى عام 2003. كما عمل في السابق موفدا خاصا لدى عدد من رؤساء الحكومات الإسرائيلية إلى عدة دول، بينها دول عربية لا تقيم علاقات مع إسرائيل وعمل مندوبا لإسرائيل في الاتحاد الأوروبي. وكان قد شارك بشكل فاعل في المفاوضات السرية مع الملك الأردني الراحل حسين بن طلال التي أفضت إلى توقيع اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل في عام 1994. ولكن هليفي اشتهر بشكل خاص في عام 1997. عندما حاولت إسرائيل اغتيال قائد «حماس»، خالد مشعل، في العاصمة الأردنية عمان. ففي حينه تمكن عملاء الموساد من سكب مادة سامة في أذنه، وكاد السم يقتل مشعل، لكن الملك حسين هدد يومها بقطع أي علاقات مع إسرائيل إذا لم تصحح فعلتها. وقد أرسل هليفي إلى عمان فأبرم اتفاقا مع الملك بأن يأتي فورا أطباء إسرائيليون إلى عمان لإبطال مفعول السم، وبهذه الطريقة نجا مشعل، وأطلقت إسرائيل سراح الشيخ أحمد ياسين الأمين العام لحركة «حماس»، إلى قطاع غزة.

وقبل شهرين، أطلق هليفي تصريحات قال فيها إنه لو كان إيرانيا، لكان شعر بالخوف والقلق، وقصد أن نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك يقودان إسرائيل إلى توجيه ضربة عسكرية مغامرة لإيران. واعتبر أمس الموقف الجارف للجيش الإسرائيلي وقوى الأمن وموقف الرئيس الأميركي منعت هذه الحرب.

وقال هليفي: «لقد فهمت عبر تاريخي الحافل في العمل مع الخصوم والأعداء والأصدقاء، أن الحوار مع العدو ضروري، وليس هناك ما تخسره فيه». وسئل هليفي: «إذا تحدثت معهم ستمنحهم الشرعية، أليس كذلك؟». فأجاب: «لكن عندما لا تتحدث معهم لا تحولهم إلى غير شرعيين. ثم إنني لا أقتنع بهذه الحجج. واسمح لي بالقول إننا – في الحكومات الإسرائيلية - كنا سطحيين في مسألة الحوار مع أعدائنا. خذ مثلا الموقف من حركة حماس. إسرائيل والولايات المتحدة أيضا قيدتا أيديهما من أجل إرضاء الرأي العام، لذلك لم يفتحا حوارا معها. فماذا كانت النتيجة؟ نحن نضر في نهاية المطاف بأنفسنا. الأمر نفسه ينطبق على إيران. علينا أن نخوض في العمق. يجب أن نفهم دوافع الإيرانيين الداخلية، فهم يرغبون في قرارة أنفسهم بالخروج من هذه الورطة، فالعقوبات فعالة للغاية وبدأت تلحق ضررا بالغا بهم. إن الوضع في إيران سيئ للغاية، وهي تعاني من أزمة كبيرة وحقيقية. وهذا نجاح للسياسة العالمية، ساهم فيه الضغط الذي مارسه أيضا نتنياهو. لكن هذا لا يكفي وحان وقت الحوار».

من جهة ثانية، راح يتعزز الموقف الإسرائيلي الذي لا يصدق نفي البيت الأبيض لوجود مفاوضات سرية بين طهران وواشنطن. واتضح أن نتنياهو عرف بهذه المحادثات عن طريق شخصية يهودية قيادية في الولايات المتحدة، مالكولم هونلاين. فهو مقرب من أوباما، وحالما عرف بهذه المحادثات أبلغ نتنياهو. ومع ذلك، فإن نتنياهو أصدر بيانا حول الموضوع، يؤكد التشكيك في مصداقية البيت الأبيض ويؤكد رفض الحوار مع إيران. وقد جاء في هذا البيان: «لا توجد لدينا أي معلومات حول مثل هذه الاتصالات ولا أستطيع القول إذا تم إجراؤها عمليا. ولكنني أستطيع أن أقول: إن إيران تستغل المفاوضات والاتصالات التي تجرى معها من أجل كسب الوقت وإحراز التقدم في برنامجها النووي. وخلال العام المنصرم أجرت خمس دول محادثات مع إيران وإيران خصبت آلاف الكيلوغرامات من اليورانيوم. ولا أرى أي سبب يجعلني أفكر بأن إيران ستتصرف بشكل مختلف في اتصالاتها مع الولايات المتحدة. ولذلك يجب على المجتمع الدولي أن يحدد أولا مطالب واضحة جدا لإيران: وقف تخصيب اليورانيوم وإخراج اليورانيوم المخصب بأكمله من إيران وتفكيك المنشأة تحت الأرضية في قم. أعتقد أن الاحتمالية الأفضل لإنجاح المساعي الهادفة إلى إيقاف البرنامج النووي الإيراني دبلوماسيا ستكون دمجا بين فرض عقوبات حتى أكثر صرامة وخيار عسكري ذي مصداقية. وفي أي حال من الأحوال، أستطيع أن أقول: إنه طالما دمت رئيسا للوزراء في إسرائيل، فإن إسرائيل لن تسمح لإيران امتلاك قدرة عسكرية نووية».