«هدنة» الإبراهيمي.. ترحيب واسع وآمال «متضائلة»

الجامعة العربية ترى الأمل «ضعيفا».. وموسكو تعلن عن زيارة المبعوث قريبا.. وأشتون في جولة شرق أوسطية

العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني خلال استقباله كاثرين آشتون أمس في عمان (أ.ف.ب)
TT

في ظل عدم الإعلان بوضوح عن توصله إلى «اتفاق صريح» مع الرئيس السوري بشار الأسد لوقف إطلاق النار، تتضاءل الآمال في تنفيذ مقترح المبعوث العربي الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي بتفعيل «هدنة» في عيد الأضحى بين طرفي النزاع في سوريا.

ورغم التأييد الواسع للمقترح - من حيث المضمون - فإن نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد بن حلي أعلن أمس أن «الأمل ضعيف» في تطبيق هدنة بمناسبة عيد الأضحى في سوريا، ليؤكد أحد ممثلي الجامعة العربية، وهي إحدى المنظمتين اللتين عينتا الإبراهيمي كمبعوث إلى سوريا مع الأمم المتحدة، صعوبة المهمة.

ويضاف ذلك الموقف إلى مواقف المعارضة السورية المتشككة في «احترام النظام السوري» لوقف إطلاق النار، ناهيك باشتراط الأسد - خلال لقائه بالإبراهيمي - بضرورة وقف الإرهاب قبل قبول مقترحات مبادرته، وكذلك التساؤلات الدولية حول «ماهية الآليات وعناصر الخطة التي يتبناها الإبراهيمي».

وقال بن حلي، على هامش مؤتمر دولي حول الطاقة تستضيفه دبي، إن «الأمل ضعيف في تطبيق هدنة عيد الأضحى حتى الآن مع الأسف.. لكنّ هناك جهودا تبذل على كل المستويات». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الأمل ضعيف لأن المؤشرات الموجودة على الساحة ورد فعل الحكومة، حتى إعلاميا، والأجواء كلها لا تشير إلى وجود رغبة حقيقية بالتجاوب مع هذه المبادرة».

وكان الإبراهيمي دعا، بعد لقائه الرئيس السوري بشار الأسد الأحد في دمشق، طرفي النزاع في سوريا إلى وقف القتال «بقرار منفرد» خلال عيد الأضحى، مشيرا إلى أن كل طرف يمكن أن يبدأ بهذا «متى يريد، اليوم أو غدا»، موضحا أنه سيعود إلى دمشق بعد العيد.

وعلى الرغم من تقليله من حجم الأمل بتطبيق الهدنة في عيد الأضحى، شدد بن حلي على أهمية هذه الخطوة الأولى على حد قوله. وقال إن «الأمر الهام الذي لا بد من العمل على تنفيذه هو الهدنة، وكلنا نعتقد أنه إذا استطعنا تنفيذ هذه المبادرة واستجابت الحكومة السورية والمعارضة، فسيفتح أفقا – ربما -مبشرا ببدء العملية الأساسية لحل الأزمة». واعتبر أن «الهدنة ليست حلا لكنها فقط تفتح نافذة للحل»، مشيرا إلى أن «جهودا تبذل على المستوى العربي والدولي للضغط على الطرفين لتنفيذ هذه الهدنة». وإذا ما فشلت الهدنة، قال بن حلي إن الأمم المتحدة والجامعة العربي «ستواصل جهودها ومساعيها، لأن هناك مسؤولية إنسانية وأخلاقية على الكل إزاء الأزمة في سوريا».

من جانبه أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الإبراهيمي سيزور موسكو «في غضون أسبوع» - دون تحديد يوم معين - لإجراء مشاورات حول سوريا. كما قال، في بيان نشرته وزارته أمس على موقعها الإلكتروني: «إن موسكو تعتبر المبادرة التي تقدم بها الأخضر الإبراهيمي بشأن الهدنة في سوريا خلال أيام عيد الأضحى مسألة مهمة، وجاءت في الوقت المناسب».

وأضاف لافروف أن «روسيا وقفت - ولا تزال تقف - إلى جانب وقف كل أعمال العنف في سوريا من أي جهة كانت، وإلى جانب التسوية السلمية للأزمة دون أي تدخل خارجي».. ودعا الحكومة السورية وكل أطراف المعارضة للتجاوب بشكل إيجابي مع اقتراح الإبراهيمي، واستطرد ليشير في بيانه إلى اعتقاده في إمكانية المضي بذلك لخطوة ضرورية أخرى على طريق التوصل إلى وقف إطلاق النار لآماد بعيدة، والبدء في العملية السياسية سعيا وراء تأمين عملية التحديث الديمقراطي لسوريا بما يخدم مصالح كل مواطنيها، على حد تعبيره.

وفي غضون ذلك وصل نائب وزير الخارجية الروسي لشؤون الشرق الأوسط والممثل الخاص لفلاديمير بوتين ميخائيل بوغدانوف صباح أمس إلى طهران «بدعوة من نظيره حسين أمير عبد اللهيان للبحث في القضايا الإقليمية والوضع في سوريا»، بحسب وكالة «فارس» الإيرانية للأنباء، مشيرة إلى أن بوغدانوف سيلتقي أيضا في طهران وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي.

وفي سياق متصل، بحثت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون أمس في عمان «تطورات الأزمة في سوريا» مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، حسبما أفاد بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني. وذلك في بداية جولتها في الشرق الأوسط التي تدوم خمسة أيام ستقودها أيضا إلى لبنان وإسرائيل والأراضي الفلسطينية، على ما أعلن مكتبها.

وأوضح البيان أن الملك عبد الله «جدد التأكيد على موقف الأردن الداعم والداعي للتوصل إلى حل سياسي للأزمة، يحافظ على وحدة سوريا»، مشيرا إلى «حجم الجهد الذي يبذله الأردن في تقديم مختلف خدمات الإغاثة الإنسانية للاجئين السوريين».

من جانبها، أشادت أشتون «بمتانة العلاقات بين الأردن والاتحاد الأوروبي المبنية على التعاون والشراكة الاستراتيجية»، وأعربت عن «تقدير الاتحاد ودعمه للأردن لتمكينه من الاستمرار في تقديم الخدمات الإنسانية للاجئين السوريين».

وزارت أشتون مخيم اللاجئين السوريين بالزعتري، ترافقها سفيرة الاتحاد الأوروبي في الأردن يؤانا فرونيسكا، واطلعت على أوضاع اللاجئين داخل المخيم. وقدم ممثل المفوضية السامية للاجئين بالأمم المتحدة في الأردن أندرو هاربر عرضا تفصيليا لأشتون عن الجهود المضنية التي تبذلها المفوضية بالشراكة والتنسيق المستمرين مع الهيئة الخيرية الهاشمية وبعض الشركاء.

والتقت أشتون عددا من اللاجئين الموجودين في مركز الخدمة الاجتماعية في المفوضية، واستمعت إلى شرح عن معاناتهم أثناء نزوحهم والتحديات التي واجهتهم والأسباب التي دفعتهم للنزوح. وقدمت شكرها لجميع الدول المانحة، التي بادرت بتقديم مساعداتها إلى اللاجئين في جميع مناطق شتاتهم، داعية إلى الاستمرار في تقديم الدعم تجنبا لحدوث كوارث إنسانية مستقبلا.

إلى ذلك، أكد وزير الخارجية الهولندي يوري روزنتال في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط أن الحكومة الهولندية والحكومات الغربية تعارض بشدة تدخلا عسكريا أجنبيا بسوريا لأسباب كثيرة، أهمها أن «الوضع في سوريا هو مأساة، لكن التدخل العسكري الأجنبي في سوريا سيحول الأمور من سيئ إلى أسوأ»، مضيفا أنه «في الوقت نفسه فإننا لاحظنا أن دول الجوار مع سوريا، وليس فقط الأردن، تعارض هذا التدخل الأجنبي».