الجيش الليبي يعلن سيطرته الكاملة على «بني وليد» والصليب الأحمر يحذر من الوضع الإنساني فيها

مظاهرة أمام مقر المفوضية الأوروبية بالقاهرة للمطالبة برفع الحصار عن المدينة

ليبيون مؤيدون للحكومة يحتفلون في شوارع بني وليد أمس عقب الاعلان عن سيطرة الجيش على المدينة (أزف.ب)
TT

أكد متحدث عسكري ليبي رسمي أن القوات الليبية أصبحت تسيطر على مدينة بني وليد بالكامل، ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن محمد قندوز، الناطق الرسمي باسم «قوة المحور الرابع» التابع للجيش الليبي، قوله إن الوضع في مدينة بني وليد تحت السيطرة بالكامل، وإن قوات الجيش الليبي دخلت من الجهة الشمالية، وهي تسيطر الآن على وسط المدينة.

وأوضح قندوز أن قوات الجيش سيطرت على جميع المرافق الحيوية في المدينة من مبنى المرافق ومجمع المحاكم والمجمع الإداري، وأن نشيد الاستقلال يبث بإذاعة بني وليد.

وأشار إلى أن قوات الجيش اعتقلت العديد من الخارجين على القانون الذين كانوا يقاومون الجيش الليبي، وأن بعضهم من جنسيات أفريقية، كما أشار إلى أنه تم إلقاء القبض على مجموعة كبيرة من الفارين من العدالة من مختلف مناطق ليبيا، والذين ارتكبوا جرائم في حق الشعب الليبي أثناء حرب التحرير. وأوضح قندوز أن «هناك عددا من الجرحى تجاوز 60 اليوم (أمس) منهم ثمانية إصاباتهم خطيرة».

وتجمع مئات المقاتلين ومعظمهم من ثوار مدينة مصراتة السابقين، وسط المدينة، وأطلقوا النار في الهواء ابتهاجا، ورفعوا العلم الليبي على المباني العامة المهجورة، بحسب مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.

وتحركت قوات موالية للحكومة إلى بني وليد في وقت سابق من هذا الشهر في أعقاب وفاة مقاتل يدعى عمران شعبان، بعد أن ظل شهرين محتجزا هناك. وكان شعبان، المنحدر من مصراتة، هو المقاتل الذي عثر على القذافي مختبئا داخل أنبوب للصرف خارج سرت في 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2011.

وأمر المؤتمر الوطني العام وزارتي الدفاع والداخلية مطلع هذا الشهر بالبحث عمن يشتبه في قيامهم بخطف شعبان وتعذيبه وقتله وحدد لمدينة «بني وليد» مهلة لتسليمهم. ومنذ بدأ القتال لإخضاع المدينة للسلطات الجديدة قبل نحو أسبوعين، فر الآلاف من العنف الدائر في بني وليد المعزولة على قمة هضبة، والتي كانت إحدى آخر البلدات التي استسلمت لمقاتلي المعارضة في العام الماضي.

وفي جنيف، أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن قلقها البالغ إزاء آثار النزاع المسلح والعنف على المدنيين والرعايا الأجانب في مدينة بني وليد. وقالت في بيان لها أمس إن النازحين من المدينة الواقعة إلى الجنوب الشرقي من طرابلس، في حاجة ماسة وعاجلة إلى الغذاء والماء، محذرة من أن النظافة أصبحت تمثل مصدر قلق خاصا للجنة الدولية بالنسبة لصحة هؤلاء الفارين، لا سيما أن معظمهم من النساء والأطفال.

وطالبت اللجنة الأطراف كافة بالعمل على احترام حياة الأشخاص وحماية الجرحى وموظفي الخدمات الطبية وسيارات الإسعاف، ومساعدة هذه الطواقم لتتمكن من القيام بعملها الإنساني دون عوائق.

كما طالب رئيس بعثة الصليب الأحمر في ليبيا، إشفاق محمد خان، بضمان الوصول الآمن إلى المدينة من أجل مساعدة المصابين بها، خاصة أن اللجنة الدولية تتلقى نداءات متعددة من المصابين لإخلائهم منها، مؤكدا أنها على اتصال دائم بكل الجهات المعنية في ليبيا.

وأشارت اللجنة إلى أنه تم نقل نحو 60 عاملا أجنبيا إلى مدينة ترهونة، حيث يقيم الصليب الأحمر بها قاعدة مؤقتة لتقديم المساعدات الإنسانية منذ أول من أمس وذلك بالاشتراك مع الهلال الأحمر الليبي في توزيع المساعدات على الآلاف ممن فروا من بني وليد بسبب القتال. وأضافت أن نحو 17 ألف طن من الإمدادات الغذائية الأساسية قد غادرت طرابلس مساء الثلاثاء الماضي من أجل توزيعها على النازحين في أوروبان ووادي منصور وتميسلا وغيرها من المناطق القريبة من بني وليد.

وفي القاهرة، تظاهر عدد من الرعايا الليبيين أمس أمام مقر المفوضية الأوروبية، رافعين لافتات عليها صور لجرحى وقتلى، مطالبين الدول الأوروبية بالتدخل لرفع الحصار عن مدينة بني وليد، وتوصيل المساعدات الإنسانية «بعد أن انقطعت عنها كل الإمدادات الأساسية من طعام وشراب ودواء»، قائلين لـ«الشرق الأوسط» إن الاشتباكات هناك «قتلت وشردت» الكثير من السكان.

وتحدث أحد المتظاهرين لـ«الشرق الأوسط» قائلا إن هناك صراعا قبليا بين مدينتي مصراتة وبني وليد، بدافع الانتقام من بني وليد باعتبارها كانت أكثر المدن الموالية لنظام العقيد الراحل. وطالب الدكتور حسان رجب، رئيس اللجنة العليا لتقصي الحقائق بالمنظمة المصرية لحقوق الإنسان والتنمية، الاتحاد الأوروبي بالقيام بواجبه الإنساني نحو مساعدة الشعب المحاصر في بني وليد. وأعرب رجب عن أن وجود السلاح في ليبيا بين أيدي المواطنين تسبب في وجود نوع من الفوضى المخربة حيث إن طبيعة ليبيا القبلية جعلت القبائل تحاول فرض سيطرتها على القبائل الأخرى.

وقال رجب لـ«الشرق الأوسط»: «أكثر ما يشغلنا في هذه الأوقات الحرجة هي الأوضاع الإنسانية وحقوق المواطنين في بني وليد وليس الناحية السياسية، فالمدينة تعاني من نقص حاد في كل المساعدات الإنسانية من مأكل ومشرب وعلاج إلى جانب قصف شديد أدى إلى مقتل العديدين».

إلى ذلك، نجحت السفارة المصرية في طرابلس في ترحيل 52 مواطنا من الرعايا المصريين المحاصرين في مدينة بني وليد، ليصل عدد من تم ترحيلهم إلى مصر على مدى اليومين الماضيين إلى 252 مواطنا.

وحسب بيان للخارجية تلقت وكالة الأنباء الألمانية نسخة منه أمس، توجه مندوب عن السفارة إلى مركز إيواء «الخمس» وتمكن من ترحيل 103 مصريين، ومن كان مقررا مغادرتهم أمس السفارة المصرية، ليصل بذلك عدد من قامت السفارة بإجلائهم وترحيلهم منذ بدء الأزمة إلى 468 مواطنا، يضاف إليهم نحو 400 مواطن استجابوا في مطلع الشهر لنداء السفارة بضرورة الخروج من بني وليد. وأكد الوزير المفوض عمرو رشدي، المتحدث باسم الخارجية استمرار خلية الأزمة في السفارة المصرية في طرابلس، وغرفة العمليات في القطاع القنصلي بالقاهرة، في العمل خلال أيام عطلة عيد الأضحى، لتلقي اتصالات المواطنين وتقديم العون على مدار الساعة.

وقال إن الاتصالات التي أجرتها السفارة في طرابلس مع اللجنة الأمنية العليا الليبية أسفرت عن صدور تعليمات فورية إلى بوابة ترهونة بسرعة إنهاء إجراءات نقل المصريين الذين تمكنوا من الخروج من بني وليد إلى مركز الإيواء في مدينة الخمس، وذلك بالنسبة لمن لا يملكون إقامات شرعية، مع نقل حائزي الإقامات إلى طرابلس.

وأضاف المتحدث أن اللجنة الأمنية استجابت أيضا لطلب السفارة المصرية بتأمين خروج المصريين من أطراف مدينة بني وليد، وتم بالفعل نقل 200 مصري إلى بوابة ترهونة باستخدام حافلات اللجنة الأمنية، مشيدا بتعاون السلطات الليبية مع السفارة وحسن رعايتها المواطنين المصريين أثناء عملية النقل.

وفي ما يخص المواطنين الباقين في بني وليد، أوضح رشدي أن السفارة قامت بالتنسيق بين اللجنة الأمنية العليا ونقاط اتصال القسم القنصلي المصري داخل المدينة تمهيدا لنقل المواطنين خارج المدينة، مع مطالبتهم بالبقاء في منازلهم إلى حين الانتهاء من تمشيط بعض المناطق، على أن يتم نقلهم لاحقا إلى مصراتة.

وفي بنغازي، تظاهر عدد من الغاضبين أمس أمام مقر القنصلية المصرية بمدينة بنغازي على خلفية اشتراط مصر على الليبيين الحصول على تأشيرة قبل دخول البلاد.

وذكر شهود عيان لوكالة الأنباء الألمانية، أن نحو 20 شخصا هاجموا الحراس الليبيين المكلفين بحراسة القنصلية، وخطفوا من أحد الحراس مسدسا أطلقوا به النار في الهواء.

ويحمل المتظاهرون الذين يعملون وسطاء للمواطنين لاستخراج تأشيرات دخول إلى الأراضي المصرية، عشرات من جوازات السفر وسكاكين وسيوفا وتجمهروا خارج محيط القنصلية، وطالبوا بالإسراع في إتمام إجراءات جوازات السفر.

وتطلب السلطات المصرية مبلغا قدره 36 دينارا ليبيا (الدولار يعادل نحو 1.7 دينار) فيما يأخذ الوسطاء من المواطنين مبلغا قيمته 150 دينارا لإتمام الإجراء نفسه. وكان الوسطاء الذين يترددون على القنصلية المصرية في بنغازي تظاهروا في بداية الشهر الحالي أمام القنصلية المصرية في بنغازي احتجاجا على تأخر إجراءات منح تأشيرة الدخول إلى الأراضي المصرية.