مصدر قضائي رفيع لـ«الشرق الأوسط»: الحكم بعدم دستورية قانون «التأسيسية» سيجعلها معدومة

قال: إن محاولة «خطف الدستور» لن تجدي.. والأفضل أن توقف الجمعية أعمالها تلقائيا

TT

قال مصدر قضائي رفيع المستوى داخل المحكمة الدستورية العليا في مصر لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن قرار محكمة القضاء الإداري بوقف دعاوى حل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور الجديد، وإحالتها للمحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية القانون الذي تشكلت على أساسه، يتضمن في طياته استشعار المحكمة عدم دستورية القانون الذي صدر لتشكيل الجمعية التأسيسية، وهو ما يعني أنها مهددة بالبطلان بسبب عدم الدستورية.

وشدد المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، على أن الحديث حول نجاة الجمعية التأسيسية من الحل القضائي، باعتبار أن لوائح المحكمة الدستورية العليا تقضي بنظر القضية بعد مرور 45 يوما، وهو ما يتيح للجمعية الانتهاء من أعمالها وإجراء استفتاء شعبي على الدستور وإقراره قبل أن يصدر حكم ببطلانها، هو «كلام ساذج وضعيف جدا وناتج عن وعي قانوني مترد».

وأكد المصدر أنه إذا قضت المحكمة بعدم دستورية قانون تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، فإن ذلك يعني بطلانا مطلقا للجمعية يصل بها إلى حد الانعدام، أي كأنها لم تكن منذ تاريخ إنشائها، وفي هذه الحالة لا يترتب على العدم إلا العدم، وبالتالي أي منتج يخرج عنها (الدستور) سيكون لا وجود له قانونا.

واعتبر المصدر أن تسريع عمل الدستور قبل انتهاء فترة الـ45 يوما هو «كلام ساذج وبمثابة صفعة دستورية، لا يمكن أن تتم في مصر»، واصفا ذلك بأنه «محاولة اختطاف ستكون فاشلة»، موضحا أنه «بطبيعة الحال بعد انتهاء الجمعية من كتابة الدستور سيصدر رئيس الجمهورية قرارا بدعوة الشعب المصري إلى الاستفتاء عليه، فلو افترضنا صدور حكم من المحكمة الدستورية ببطلان الجمعية التأسيسية، فأي شخص يستطيع رفع قضية أمام مجلس الدولة لوقف قرار رئيس الجمهورية بالاستفتاء لعدم دستورية الجمعية، وهو ما سيحكم بوقفه بكل بساطة».

وكانت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في مصر قد قررت أول من أمس وقف دعاوى حل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور الجديد، وإحالتها للمحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية القانون الذي تشكلت على أساسه.

ويتهم «إسلاميون» المحكمة الدستورية العليا وقضاتها بـأنها تتربص لإصدار حكم ببطلان الجمعية، التي تواجه انتقادات كثيرة من القوى الليبرالية؛ بسبب ما اعتبروه سيطرة للإسلاميين عليها، بعد أن حلت مجلس الشعب من قبل.

وقال عضو الجمعية التأسيسية المحامي عصام سلطان: «بصدور حكم القضاء الإداري تكون الجمعية التأسيسية في مأمن تام من حالة التربص، بل التغول عليها من قبل من لا يؤمنون بمبدأ الفصل بين السلطات».

لكن المصدر القضائي نفى وجود أي تربص من جانب المحكمة وقضاتها بالجمعية التأسيسية أو بأي هيئة أخرى، مشيرا إلى أن أي «عوار دستوري من حق الشعب المصري أن يصححه، وأن قيمة المحكمة الدستورية هي ضبط إيقاع الدولة على المسار الدستوري الصحيح، وليس هدم دولة القانون من أوسع الأبواب»، مضيفا أن «المحكمة الدستورية تحكم في أي قضية وفقا للقانون والدستور، ولن يجازف قضاتها بتاريخها، خاصة أن معظمهم سيخرجون على المعاش خلال أشهر وليست لهم مصلحة في ذلك».

وأكد المصدر أن الوضع المشرف للجمعية التأسيسية، الذي يفترض أن تقوم به من ذاتها، هو أن توقف أعمالها وأن تحل نفسها لحين الفصل في الدعوى القضائية أمام المحكمة الدستورية، خاصة أن الذي يرأسها هو قاضي القضاة (المستشار حسام الغرياني رئيس مجلس القضاء السابق)، مشيرا إلى أن هذا هو الموقف المحترم الذي يليق بتاريخ مصر الدستوري والقانوني، وليس خطف الدستور، موضحا أن «غير ذلك هو خطر جدا على المسار الدستوري».

وشدد المصدر على أن رفض المحكمة للنصوص الخاصة بها في مسودة الدستور الجديد، التي ظهرت مؤخرا، ليس له أي تأثير على الحكم المنتظر منها حول دستورية قانون الجمعية التأسيسية من عدمه، مؤكدا أن «هذا الرأي هو جزء من الحوار الوطني الدائر حول شكل الدستور، ويتعلق بتعزيز استقلال القضاء وتأمين مؤسسات الدولة، خاصة أن المحكمة ليست في خصومة مع أحد، وهي أكبر من ذلك بكثير، لكنها رأت في موادها انتقاصا من استقلال المحكمة وبها عوار».

وأكد المصدر أنه من الطبيعي أن ينتج عن حل «التأسيسية» جدل وأزمة كبرى، لكنه أضاف: «من صنع لها هذا المأزق لن يكون المحكمة الدستورية، بل هو المسار الدستوري الأكثر ارتباكا من اللحظة الأولى، وهذا ما تم التحذير منه منذ البداية.. وقلنا حينها إن الدستور لا بد أن يكتب بشكل توافقي وأولا قبل بداية تشكيل المؤسسات. لكن لم يؤخذ به».