مصادر دبلوماسية غربية: 3 عناصر أساسية تجعل تحقيق «هدنة الأضحى» بالغ الصعوبة

فرنسا تطالب بأن يتبع الهدنة وقف دائم للعمليات العسكرية وانسحاب قوات النظام إلى ثكناتها

TT

بينما أعلن المبعوث العربي - الدولي الأخضر الإبراهيمي في القاهرة أمس قبول النظام السوري وبعض المعارضة المسلحة الالتزام بهدنة طيلة أيام عيد الأضحى، وذلك ابتداء من غد (الجمعة)، شككت مصادر دبلوماسية غربية في العاصمة الفرنسية في إمكانية تحقيقها ميدانيا وفي التزام الطرفين المتصارعين بها، وذلك على غرار ما حصل في شهر أبريل (نيسان) الماضي عندما لم يصمد وقف لإطلاق النار تم التوصل إليه بوساطة دولية سوى بضع ساعات.

وتبني هذه المصادر توقعاتها المتشائمة على ثلاثة عناصر أساسية: الأول رغبة الطرفين في الاحتكام إلى لغة السلاح لإحداث تغيير ميداني في هذا الاتجاه أو ذاك قبل القبول بوقف النار بغرض التفاوض من موقع قوة. والحال أن ما هو حاصل على الأرض لا يوفر بعد التفوق المطلوب لا لقوات النظام ولا لقوات المعارضة، مما يعني أن الأعمال القتالية ستستمر. والعنصر الثاني يتمثل في غياب أي آلية محايدة وفاعلة للرقابة على الهدنة حتى وإن كانت حتى الآن ستجري لمدة أربعة أيام، الأمر الذي يترك الحبل على الغارب للطرفين ليتصرفا على هواهما وعدم احترام الهدنة، بينما الذرائع التي يمكن التخفي وراءها كثيرة. أما العنصر الثالث فمرده إلى تشتت المعارضة المسلحة وغياب هيئة قيادية تجمعها وتلتزم بأوامرها، حيث إن كل فصيل أو مجموعة يتصرف على هواه، ولذا سيكون من الصعب حملها جميعا على احترام الهدنة وفي وقت واحد.

وترجح هذه المصادر أن يعمد الطرفان إلى استغلال الهدنة لتقوية مواقعهما العسكرية واستقدام المساندة والدعم بالرجال والسلاح من أجل التهيؤ لجولات قتالية لاحقة.

وتعتبر المصادر الغربية أن الهدنة بذاتها «لن تغير في واقع الأمور شيئا إذا لم يتبعها وقف لإطلاق النار وللأعمال العدائية». وتفسر الإعلان «المفاجئ» للإبراهيمي لجهة قبول الطرفين للهدنة على أنه نتيجة للضغوط التي تمت ممارستها على الجانبين المتقاتلين، وللنصائح التي تلقياها إقليميا ودوليا، حيث إن كلا منهما «لا يريد أن يعتبر مسؤولا عن إجهاض مطلب الإبراهيمي المتواضع»، الذي حظي بدعم دولي وإقليمي ومن كل الأطراف التي اتصل بها المبعوث الدولي للتسويق لفكرته.

وأمس، جددت باريس دعمها للإبراهيمي للالتزام بالهدنة وللجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة في هذا السياق. غير أن الخارجية الفرنسية وضحت «رؤيتها» لهذه الهدنة في حال احترامها، إذ طالبت النظام السوري بأن «يخطو الخطوة الأولى»، وهو ما قالته الأمم المتحدة سابقا وما تطالب به المعارضة التي ربطت احترامها للهدنة بأن يلتزم النظام «أولا» بوقف النار. فضلا عن ذلك، تريد باريس أن تفضي الهدنة المؤقتة إلى «وقف دائم للأعمال القتالية»، وأن يترافق ذلك بعودة القوات النظامية إلى ثكناتها.

وحتى الآن، ما زال قبول الطرفين للهدنة غير مؤكد. فمن جهة، لن تكشف السلطات السورية عن قرارها «النهائي»، بحسب بيان وزارة الخارجية السورية أمس، إلا اليوم، بينما المعارضة متمسكة بشرط أن يقوم النظام بالخطوة الأولى.

وبناء عليه، ترى مصادر رسمية فرنسية أنه «لا أحد يمكن أن يكون مهتما حقيقة في الوقت الحاضر بوقف النار أو قبول العبور إلى مسار سياسي»، مما يعني أن القبول العلني للهدنة يدخل في إطار «التكتيكات السياسية» التي لا تقدم ولا تؤخر.

وفي السياق ذاته، تنظر هذه الأوساط إلى تصريحات مسؤول عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة، الفرنسي هيرفيه لادسوس، يوم الاثنين، عن بدء العمل على خطط لإرسال قوة حفظ سلام في سوريا، بأنها «مجرد بحث نظري في الوقت الحاضر»، باعتبار أن «شروط تحقيقها غير متوفرة اليوم».

جدير بالذكر، أن بعثة الرقابة الدولية التي حضرت إلى سوريا نهاية شهر مارس (آذار) الماضي لمراقبة وقف إطلاق النار فشلت في مهمتها، لأن وقف النار لم يتحقق ولأن انتدابها كان محدودا. وتحتاج خطوة كهذه إلى قرار من مجلس الأمن الدولي، أي إلى توافق بين الدول الخمس دائمة العضوية.. وهو الأمر غير المتوفر في الوقت الراهن.