الرئيس اللبناني يطرح تفاهما على شكل حكومة جديدة.. وحزب الله يقبل بالحوار حول السلاح

بري يحذر من الانجرار وراء المواقف الانفعالية ومقاطعة الحوار والتشريع

TT

تواصلت في لبنان المساعي التي يقوم بها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، لتقريب وجهات النظر بين المعارضة والموالاة؛ لتجاوز الأزمة السياسية التي زادتها حدة عملية اغتيال رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن يوم الجمعة الماضي. وفيما تتمسك قوى المعارضة بمبدأ مقاطعة الحوار قبل رحيل الحكومة، كان حزب الله يؤكد استعداده لحوار حول الاستراتيجية الدفاعية (سلاح حزب الله) لا حول تشكيل حكومة ثانية تحل محل الحكومة الحالية التي يتمتع فيها الحزب بنفوذ كبير جعل المعارضة تسميها «حكومة حزب الله». و‎نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر في رئاسة الجمهورية اللبنانية قوله إن الرئيس ميشال سليمان «يطرح خلال مشاوراته مع الشخصيات السياسية عقد جلسة حوار وطني للتفاهم على شكل حكومة جديدة تخرج لبنان من المأزق الحالي، عندها تقدم الحكومة استقالتها ويتم تشكيل حكومة جديدة». وأوضح المصدر في الرئاسة أن سليمان تبلغ خلال الأيام الماضية بـ«رسالة واضحة من الأوروبيين والأميركيين مفادها أن الغرب ضد أي فراغ في لبنان، لأن هناك خشية من تداعيات أكبر للأزمة السورية على لبنان في حال الفراغ الحكومي». وأضاف: «قالوا لنا اتفقوا على حكومة، ونحن ندعمها. نحن مع استمرار عمل المؤسسات»، مشيرا إلى أن «هيئة الحوار الوطني تشكل المظلة السياسية للفرقاء المختلفين في لبنان، وأي اتفاق ضمنها سينسحب على الحكومة والبرلمان».

وفي إطار استكمال مشاوراته التقى سليمان أمس رئيس كتلة حزب الله النائب محمد رعد، الذي قال في بيان أصدره إنه جرى بحث «تسريع موعد انعقاد هيئة الحوار، لمتابعة ما آلت إليه الأمور». وقال في تصريح: «أبدينا تجاوبا في العودة إلى طاولة الحوار في الوقت الذي يدعو إليه الرئيس، ولم يتم التطرق إلى الشأن الحكومي على الإطلاق».

إلى ذلك أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن «المرحلة الراهنة تستدعي المزيد من الحكمة والوعي وعدم الانجرار وراء المواقف الانفعالية التي لا تقود إلى أي مكان»، داعيا إلى «هجوم إيجابي أكثري لتفعيل عمل الحكومة، ومتابعة شؤون الناس وأحوالهم، خصوصا في هذه الظروف الصعبة التي يمرون بها، وكذلك إلى تنشيط عمل اللجان النيابية لدرس المشاريع والاقتراحات في كل المجالات». وشدد بري على أنه «من غير المقبول ولا مصلحة لأحد في أن تقع البلاد في الفراغ والشلل». وأضاف «أنه لا يمكن مقاربة مسألة الحكومة أو غيرها إلا من خلال الحوار، وليس عن طريق مقاطعته ومقاطعة التشريع». وواصلت قوى «14 آذار» اعتصامها الرمزي في وسط بيروت وأمام منزل رئيس الحكومة في طرابلس في شمال لبنان، وأكد منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» فارس سعيد، أن الاعتصام الذي دعت إليه المنظمات الشبابية والطلابية في «14 آذار» هو «تعبير سلمي ديمقراطي حديث من أجل رحيل الحكومة»، وأكد أن هذه الوجوه المدنية والطلابية والإعلانية هي «ضمير الحركة السيادية».

وحمل سعيد «الحكومة الحالية برئيسها (نجيب ميقاتي) والقوى السياسية المحيطة به، مسؤولية أساسية في تسهيل الخطة الأسدية المجرمة». وشدد على وجوب وضع خطة «لدرء المخاطر وتأمين الاستقرار»، مجددا التزام «14 آذار» بمسيرتها في «النضال سلميا، بعيدا عن الفتنة والفوضى»، معتبرا أن «الشعب الذي أخرج قوات الوصاية السورية قادر على حماية مشروع الدولة». وأكد أن «اغتيال اللواء الحسن، بتفجير حي سكني في منطقة الأشرفية، لهو دليل أكثر من واضح (وباعتراف رئيس الحكومة الحالية) على قرار النظام السوري باستباحة لبنان، تنفيذا لتهديده العلني بتعميم الخراب»، مؤكدا أنه «إذا كانت هذه الجريمة قد استهدفت ركنا أساسيا من أركان الأمن السيادي اللبناني، فإنها لن تزيدنا إلا إصرارا على مواصلة النضال من أجل لبنان السيد الحر المستقل العربي والدولة القائمة بموجبات تكليفها الدستوري».

ورأى أن موقفي (رئيس كتلة المستقبل) فؤاد السنيورة و(رئيس حزب القوات اللبنانية سمير) جعجع اللذين أكدا أن «لا حديث سياسيا ولا حوار قبل استقالة الحكومة»، يمثلان الموقف «الموحد والموحد لـ14 آذار»، مؤكدا أن «لا مساومة في مطلبنا باستقالة الحكومة». وتابع: «نحن مع إسقاط ميقاتي بكل الأساليب الديمقراطية، والشارع هو من ضمن هذه الأساليب، بعيدا عن الاستنفارات المذهبية والطائفية»، مستغربا كيف أن «حكومة حزب الله» تتباهى بأن الولايات المتحدة والغرب معها.

وأكد عضو «كتلة القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا أن «الحكومة ستكون مضطرة للاستقالة بشخص رئيسها خلال أسابيع مقبلة». وقال: «تم تضليل الناس بأن العالم كله يدعم الاستقرار الحكومي في لبنان، لكن تبين أن المقصود دعم الوصول للحقيقة لكشف الاغتيالات، وليس دعم رئيس الحكومة كما ذكر هو بمناورة معيبة»، مشددا على أن «الحكومة لا تملك أي حجة للاستمرار، ولم تقدم أي إيجابية للشعب اللبناني، ولا أي خطوة للأمام على أي صعيد».

وأشار زهرا إلى «حصر التحرك حاليا بالاعتصامات المباشرة قرب القصر الحكومي وأمام منزل الرئيس نجيب ميقاتي في طرابلس»، موضحا أن «استقالة الحكومة تكون باستقالة رئيسها أو ثلث أعضائها، لكن المطلب الوحيد هو استقالة ميقاتي، لأنه لن يستقيل ثلث أعضاء الحكومة، وبالتالي مواجهتنا في هذا الاتجاه وليس جر جمهور (14 آذار) إلى الشارع».

وانتقد عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري «كيفية تعاطي فريق (8 آذار) مع الدعم الدولي لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، في الوقت الذي كانت فيه هذه القوى تنتقد باستمرار ما يسمى الدعم الأميركي والأوروبي لحكومتي الحريري والسنيورة». واعتبر في حديث إذاعي أن «المجتمع الدولي يتخوف من امتداد شظايا الأزمة السورية إلى لبنان، ولكن تغيير الحكومات هو شأن داخلي لبناني». وإذ رفض حوري «الذهاب إلى فراغ حكومي»، أوضح أن «هذه الفترة تتطلب حكومة سيادية حيادية حتى إجراء الانتخابات النيابية».