مجلس الأمن الأفريقي يجيز مقترحا لحل مشكلة «أبيي» بين جوبا والخرطوم

نائب رئيس جنوب السودان يلتقي مدعية المحكمة الدولية حول زيارة البشير إلى جوبا

TT

أجاز مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي بالإجماع المقترح الذي قدمه رئيس الآلية رفيعة المستوى ثابو مبيكي بتسوية النزاع بين السودان وجنوب السودان، بشأن منطقة أبيي الغنية بالنفط.

وينص الاقتراح بإجراء استفتاء في المنطقة في أكتوبر (تشرين الأول) العام المقبل على أن مشايخ «دينكا نقوك» والسكان المقيمين بصفة دائمة الاختيار بين الانضمام إلى إحدى الدولتين. وكانت جوبا قد وافقت عليه، في حين رفضته الخرطوم في آخر جولة تفاوض جرت بينهما في أديس أبابا، على الرغم من توقيعهما على اتفاق تعاون بينهما، في وقت أجرى فيه نائب رئيس جمهورية جنوب السودان رياك مشار مباحثات مع المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية حول زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى جوبا.

وقال الدكتور لوكا بيونق الرئيس المشترك من جانب جنوب السودان في منطقة أبيي لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع المغلق لوزراء الخارجية في مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي أجاز بالإجماع، في ليلة متأخرة من مساء أول من أمس، مقترح الوساطة الأفريقي الذي قدمته في الحادي والعشرين من سبتمبر (أيلول) الماضي على الرئيسين السوداني عمر البشير والجنوبي سلفا كير ميارديت، وأضاف أن كير وافق على المقترح فورا في حين رفضه البشير وحاول تقسيم المنطقة بين الدولتين في مخالفة لبروتوكول المنطقة، وقال إن الاجتماع وافق بالإجماع على تنفيذ المقترح الذي قدمه الوسيط رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي، وهذا يعني أنه ملزم ونهائي، مشيرا إلى أن مبيكي كان قد سبق الاجتماع بيوم بمقترح آخر، بأن يتم تمديد التفاوض لـ6 أسابيع حول أبيي، وقال: «كان هذا المقترح مخيبا للآمال، لكن تم تعديله في آخر لحظة بالعودة لأصل المقترح الأول الذي قدمه في الحادي والعشرين من الشهر الماضي للبشير وكير»، وتابع: «الاقتراح الأصلي تمت الموافقة عليه بالإجماع دون أي تغييرات».

وقال بيونق إن ممثلي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي منها الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا والاتحاد الأوروبي أبدوا تأييدهم الكامل ودعمهم لمقترح مبيكي للوضع النهائي لمنطقة أبيي، وأضاف أن أعضاء مجلس الأمن الدولي طالبوا مجلس السلم والأمن الأفريقي بالموافقة على المقترح، وأن هذا ما تم، وذكر أن مندوب الصين قال إن بلاده تقف إلى جانب أي حل أفريقي، مشيرا إلى أن المندوب الروسي لم يحضر الجلسة، وقال: «بعد موافقة مجلس السلم والأمن الأفريقي سيتم رفع التقرير إلى مجلس الأمن الدولي للمصادقة عليه، الذي يتوقع أن يكون قريبا».

من جهته، قال وزير الخارجية والتعاون الدولي في جنوب السودان نيال دينق نيال في كلمته أمام جلسة مجلس السلم والأمن الأفريقي إن بلاده قدمت الكثير لأجل تحقيق السلم والاستقرار في المنطقة والإقليم، وأضاف أن جوبا وافقت على مقترح الوسيط الأفريقي دون تردد، وأنها سبق أن وافقت على قرار التحكيم الدولي لترسيم حدود أبيي، رغم أنه قلل من حجمها، وأعطى مناطق إلى الشمال، معتبرا أن طلب السودان تقسيم المنطقة بين الدولتين ليس عادلا، وسيأتي بمشكلات ويعود بالطرفين إلى مربع الحرب، وقال: «نحن نرفض العودة إلى الحرب مرة أخرى، ونعمل من أجل تعزيز السلام، ولذلك وافقنا على مقترح الآلية الرفيعة».

من جهته، قال علي كرتي وزير الخارجية السوداني إن بلاده تعتبر أن ما تم إنجازه في اتفاق التعاون مع جنوب السودان في إثيوبيا الشهر الماضي يقود إلى خلق علاقة قوية بين البلدين، وأضاف أن الخرطوم تطالب المجتمع الدولي بالوفاء بالتزاماته بإعفائها من ديونها وسد الفجوة التي حدثت بعد انفصال جنوب السودان، مشيرا إلى أن بلاده ترى عدم الاستعجال في الدخول في خطوات حول أبيي، وأنه لا بد من ضرورة وضع مناخ للمنطقة لسنوات لخلق تعايش سلمي.

من جهتها، قالت الرئيسة الجديدة لمفوضية الاتحاد الأفريقي نكوسازانا زوما إن المفوضية تقف إلى جانب قرار الاتحاد الأفريقي بشأن حل القضايا بين السودان وجنوب السودان وإنهاء القضايا العالقة بينهما وإقامة علاقة مستدامة بينهما، وأضافت أن البلدين عليهما الإسراع في إنهاء قضايا ترسيم الحدود والعمل على تنفيذ الوضع النهائي لمنطقة أبيي وإنهاء الصراعات الداخلية في كل دولة، في إشارة للنزاع في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان في الحرب الدائرة بين القوات السودانية ومتمردي الحركة الشعبية (قطاع الشمال)، والتمرد الحادث في دولة الجنوب.

إلى ذلك أعلن نائب رئيس دولة جنوب السودان دكتور رياك مشار أنه أجرى لقاء مع المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا في العاصمة الكينية نيروبي، وقال إنه ناقش معها القضايا ذات العلاقة بالمحكمة الجنائية، بما فيها مذكرة القبض على الرئيس السوداني عمر البشير، الذي تطالب به المحكمة ومقرها لاهاي في هولندا لاتهامه بجرائم إبادة جماعية وجرائم حرب ارتكبت في دارفور غرب السودان، مشيرا إلى أن اجتماعه مع بنسودا ناقش الزيارة المرتقبة للبشير إلى جوبا، وقال: «نحن نسعى للتفاهم مع المدعي العام، حتى لا يُنظر إلينا على أننا ضد لائحة القبض البشير من خلال دعوتنا له إلى جوبا».