مؤشرات على حسم منصب خليفة البابا شنودة الراحل

بعد مؤتمر تزكية بحضور عدد من الناخبين أسفر عن منافسة راهبين وأسقف

TT

في وقت يستعد فيه مسيحيو مصر لانتخاب بطريرك جديد للكنيسة الأرثوذوكسية خلفا للراحل الأنبا شنودة الثالث الذي توفي في شهر مارس (آذار) الماضي، عقد عدد من الناخبين الأقباط أول من أمس مؤتمرا لتزكية ثلاثة مرشحين مؤهلين لخوض القرعة الهيكلية والتي ستسفر عن اختيار البطريرك الجديد. وأسفرت التزكية عن منافسة راهبين وأسقف ممن لم يعرف عنهم الانخراط في العمل العام.

ويقول مراقبون للشأن المسيحي، إن مخاوف المسيحيين من صعود تيار الإسلام السياسي إلى سدة الحكم في البلاد دفعتهم لتفضيل كهنة كانوا بعيدين عن الأضواء ولم يكن لهم احتكاك بالعمل العام، وهو ما يبقيهم بعيدا عن الصراع السياسي المحتدم منذ نحو عامين.

ووقع الناخبون الحاضرون للمؤتمر الذي أقيم بأحد فنادق القاهرة، والبالغ عددهم 392 ناخبا من مختلف محافظات مصر ومن أقباط المهجر وعدد من الكهنة، على توصية لاختيار ثلاثة مرشحين من بين الخمسة الذين تم اختيارهم من قبل، لتزكيتهم في التصويت بالانتخابات البابوية، المزمع عقدها غدا (الاثنين)، ليصلوا إلى القرعة الهيكلية المقرر إجراؤها يوم 4 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. واحتوت التوصية على أسماء راهبين وأسقف هم: القمص روفائيل أفامينا، والأنبا روفائيل أسقف كنائس وسط القاهرة، والقمص باخوميوس السرياني.

وعلق المفكر القبطي كمال زاخر، منسق جبهة العلمانيين بالكنيسة الأرثوذكسية، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «اتجاه الكثير من الناخبين لتفضيل اختيار الرهبان الذين زهدوا العمل العام والسياسة نابع من خوفهم من تولي شخص تصادمي أو أقرب إلى التدخل في الحياة السياسية وهو ما أرق الكثير من الأقباط في الفترة الأخيرة، حيث إنهم يفضلون تولي بطريرك يكون همه الأول والأخير الأمور الدينية ومشكلات الشعب القبطي بعيدا عن السياسة». وأضاف زاخر أن التزكية التي حدثت ليست نهائية ولكنها تعبر عن رأي نسبة كبيرة من الناخبين.

ومن المقرر عقد مؤتمر تزكية آخر خلال ساعات، قبل بدء الانتخابات مع مجموعة أخرى من الناخبين، لبحث تزكية الأصوات الأخرى. وتزايدت تعقيدات المشهد السياسي في أعقاب ثورة 25 يناير من العام الماضي، مع ابتعاد المؤسسة العسكرية عن الصدارة، وتولي الرئيس محمد مرسي (قيادي في جماعة الإخوان المسلمين) السلطة منتصف العام الحالي. وبرز صراع الهوية مع عكوف جمعية تأسيسية مكونة من مائة عضو ذات أغلبية إسلامية لكتابة دستور جديد للبلاد.

وقال صبري راغب، عضو قيد الناخبين بالانتخابات البابوية وأحد منسقي المؤتمر، لـ«الشرق الأوسط» إن «أعلى تزكية كانت من نصيب القمص روفائيل أفامينا، تلاه الأنبا روفائيل أسقف كنائس وسط القاهرة، والأخير القمص باخوميوس السرياني. وأكد راغب أن المؤتمر قام بعرض نبذة عن حياة المرشحين الخمسة، وسيرتهم الذاتية، وشهد مناقشات استمرت لمدة أربع ساعات، انتهت بتزكية الأسماء السابق ذكرها.

وتعد فرصة الراهب القمص روفائيل أفامينا في خوض القرعة الهيكلية كبيرة نظرا لكونه كان التلميذ الخاص للبابا كيرلس السادس (البابا الأسبق) مما أعطاه خبرة ومهارة إدارية كبيرة، وهو أكبر المرشحين سنا، حيث يبلغ من العمر 70 عاما، وهو حاصل على ليسانس حقوق جامعة عين شمس ورسم راهبا عام 1969.

أما الأنبا روفائيل، الأسقف العام لكنائس القاهرة، والمعروف باسم الأسقف الزاهد، فهو من أشهر المرشحين نظرا لتلمذته على يد الأنبا موسى أسقف الشباب، ويبلغ من العمر 54 عاما، وهو حاصل على بكالوريوس طب وجراحة من جامعة عين شمس، وتم رسمه راهبا في عام 1990 ثم أسقفا في عام 1997. هذا بالإضافة إلى القمص باخوميوس السرياني، وهو الأصغر سنا (49عاما) والأكثر بعدا عن الأضواء، وهو حاصل على بكالوريوس علوم وتربية ورسم راهبا في عام 1991 وخدم خارج دير السريان في روما وتورينتو بإيطاليا.

وظلت المواقف السياسية للبابا شنودة الثالث خاصة فيما يتعلق برفضه تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ورفضه أيضا التدخل الأجنبي في أحداث عنف وقعت خلال السنوات الأخيرة بين مسلمين ومسيحيين، سببا أساسيا في أن تحظى الكنسية بثقة الشارع المصري.