المعارضة السورية تجدد نعي هدنة الإبراهيمي في يومها الثاني وترى أنها «ولدت ميتة»

نشار لـ «الشرق الأوسط» : النظام لم يلتزم بمبادرة أنان المكتملة فهل سيلتزم اليوم بـ«وعود شفهية»؟

TT

جددت المعارضة السورية أمس نعيها هدنة وقف إطلاق النار التي توصل إليها المبعوث الأممي إلى دمشق الأخضر الإبراهيمي بعد إعلان طرفي النزاع في سوريا الموافقة على تطبيقها خلال أيام عيد الأضحى. وقالت المعارضة إن «هدنة الإبراهيمي ولدت ميتة»، لكنها التزمت بها رغبة بأن تظهر مرة جديدة للرأي العام الدولي أن «النظام السوري كاذب ويراوغ من أجل كسب مهل إضافية».

واعتبر رئيس الأركان في الجيش السوري الحر العقيد أحمد حجازي لـ«الشرق الأوسط» أن «الجيش الحر كان يدرك منذ البداية أن المبادرة ولدت ميتة لكننا قبلنا بها لئلا نلام من المجتمع الدولي، وكنا ندرك سلفا أن النظام كاذب ومخادع، فقبلنا الهدنة بشروط وها هو يخرقها مجددا».

وشدد حجازي على أن «ما أراده النظام السوري من الهدنة هو التقاط أنفاسه بعدما بات منهكا في أكثر من منطقة، وأراد التغطية على فشل مبادرة الإبراهيمي من أجل أن يكسب مزيدا من لوقت»، معربا عن اعتقاده «بأن المبادرات السابقة كافة، وآخرها مبادرة الإبراهيمي تصب في صالح النظام السوري الذي لا يتوانى عن رفضها وكسب وقت إضافي».

وقال رئيس المجلس العسكري للجيش الحر في حلب، كبرى مدن شمال سوريا، العقيد عبد الجبار العكيدي، لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «أي هدنة؟ الهدنة كذبة، النظام مجرم، كيف يمكنه احترام هدنة؟ هذا فشل للإبراهيمي، ومبادرته ولدت ميتة». وذكر أنه تواجد أول من أمس «في جبهات كثيرة والجيش لم يوقف القصف»، في إشارة إلى أول أيام الهدنة.

وأعرب العكيدي عن أسفه «لتحول الشعب السوري إلى حقل تجارب للمبعوثين الدوليين»، معتبرا أنه «كل مرة يأتي مبعوث باقتراح في حين أننا نعلم أن هذا النظام لن يحترمه. وافقنا على الهدنة من أجل المجتمع الدولي مع أننا نعرف أن النظام لن يحترمها». وأوضح أن «واجبنا هو الدفاع عن الشعب، وليس نحن من نبادر إلى الهجوم».

من ناحيته، ذكر عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري سمير نشار، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «النظام السوري لم يلتزم بالهدنة سابقا خلال وجود آلية مراقبة و300 مراقب دولي داخل سوريا ومبادرة سياسية مكتملة من ستة بنود وضعها المبعوث السابق إلى دمشق كوفي أنان»، متسائلا: «هل يمكننا أن ننتظر اليوم أن يلتزم بمبادرة الإبراهيمي، وهي عبارة عن نوايا ووعود شفهية لا أسس سياسية أو أخلاقية لها».

وتأتي مواقف المعارضة السورية هذه بعد عدم التزام النظام بوقف إطلاق النار، الذي أدى وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى مقتل 146 شخصا على الأقل يوم الجمعة، أول أيام عيد الأضحى المبارك وأول أيام هدنة الإبراهيمي، فيما قتل العشرات أمس واستمر القصف النظامي على مدن سورية عدة.

وجددت المعارضة السورية أمس تأكيدها أنه لم تعد تعول على أي مبادرة لا تتضمن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد. وفي هذا السياق، أكد حجازي أنه «لم يعد هناك من إمكانية لأي مبادرة أو حوار أو مفاوضات مع النظام السوري، فوق الطاولة أو تحتها، ولا جلوس معه إلا لإسقاطه وتقديم المجرمين والقتلة فيه إلى المحاكمة العادلة»، داعيا «كل من لا يزال يراهن على نظام الأسد، في الداخل أو في الخارج، إلى أن يقفز من المركب». وقال: «نظام الأسد بات حصانا خاسرا، ولم يعد أمامه شيء سوى أن يلقي الأسلحة الجرثومية والكيماوية والصواريخ الاستراتيجية، ونحن نتوقع ذلك ونتوقع مزيدا من التخاذل من قبل المجتمع الدولي.

وفي الإطار عينه، شدد نشار على «أننا لا نعول على أي مبادرة من قبل الإبراهيمي، خصوصا أنه يريد أن يبني مبادرة سياسية للوصول إلى حل سياسي»، جازما بأن «المعارضة السورية ليست بوارد الدخول في أي مبادرة لا تشير صراحة إلى أن (الرئيس السوري) بشار الأسد خارج أي عملية سياسية». وانتقد نشار «الدعم العضوي الذي يقدمه كل من إيران وروسيا والصين لنظام الأسد، فيما تكتفي الدول الصديقة والحليفة لقوى الثورة السياسية والعسكرية ببيانات ومواقف من دون أي ترجمة عملية لها». وطالب هذه الدول «بزيادة دعمها ومساعداتها لتتمكن قوى الثورة من تغيير موازين القوى لصالحها».

وفي حين من المقرر أن يتوجه الإبراهيمي غدا إلى موسكو، في إطار سلسلة الزيارات التي يقوم بها على الدول المعنية بالأزمة السورية، أعرب نشار عن اعتقاده بأن «الإبراهيمي، كما المعارضة السورية، يدرك نفسه ألا جدوى من الحراك الذي يقوم به ومن هذه الزيارات ويتوقع أنه لن يصل إلى أي مكان، لكنه يقوم بملء الفراغ في الموقف الدولي». وأشار إلى أنه «حتى اللحظة لا يوجد قرار دولي، تحديدا لدى الولايات المتحدة الأميركية وروسيا بالتخلي عن الأسد، وطالما لا يوجد توافق دولي في هذا السياق فالمجتمع الدولي يقبل بأي مبادرة من دون أن يقدم أي شيء عمليا».

وأشار إلى أنه «يبدو أن المجتمع الدولي ينتظر صعود الدخان الأبيض من واشنطن»، وآمل أن «تترجم الوعود التي أطلقها المرشحان للرئاسة الأميركية في المناظرة الأخيرة بينهما لناحية وجوب دعم المعارضة السورية»، معتبرا أنه «في حال سمحوا للدول الإقليمية بمساعدتنا ودعمنا فسنكون قادرين على تغيير موازين القوى لصالح الثورة السورية».