زعيم «القاعدة»: المعركة في مصر بين قلة علمانية مستندة للغرب والأمة المسلمة

ظهر في تسجيل مصور بثته مواقع على شبكة الإنترنت

TT

قال أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة في تسجيل مصور نشره موقع «سايت»، الذي يتابع بيانات الجماعات الجهادية على شبكة الإنترنت، إن على المصريين ضمان تطبيق الشريعة الإسلامية في بلادهم. وانتقد الظواهري سياسات الرئيس الإسلامي المنتخب حديثا الدكتور محمد مرسي.

وقال الظواهري في التسجيل الذي تم بثه أمس عقب إلقاء السلطات المصرية القبض على خلية إرهابية يعتقد أنها مرتبطة بتنظيم القاعدة: «إن المعركة في مصر واضحة كل الوضوح، إنها معركة بين القلة العلمانية المتحالفة مع الكنيسة والمستندة لتأييد العسكر والمدعومة أميركيا وغربيا، وبين الأمة المسلمة في مصر التي تسعى لتحكيم الشريعة والتحرر من التبعية الأميركية»، داعيا المصريين إلى الثورة من جديد من أجل إنجاز الثورة وتطبيق الشريعة الإسلامية، ومطالبا بالتظاهر أمام السفارة الإسرائيلية بالقاهرة لمناهضة التطبيع ومعاهدة السلام.

تأتي رسالة الظواهري في الوقت الذي يشتد فيه الصراع بين قوى ليبرالية وإسلامية حول مسودة الدستور الجديد في مصر، والتي رفضتها التيارات السلفية، التي أرادت تغيير المادة الثانية من الدستور، بحيث تنص على أن «الشريعة الإسلامية»، بدلا من «مبادئ الشريعة»، مصدر أساسي للتشريع في الدستور الجديد، وتساءل الظواهري حول مواقف مرسي، الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، تجاه كل من إسرائيل، والمسيحيين المصريين، وتطبيق الشريعة، داعيا إلى ما سماه «ثورة جديدة» من أجل فرض الشريعة بالقوة.

وكان الظواهري قد أعرب عن تفاؤله بثورات الربيع العربي، وقال في رسالة سابقة له إن «الشعوب العربية تريد الإسلام». وقال إن «الزلزال العربي» الجبار المبارك المنتفض جاء ليقلب حسابات أميركا رأسا على عقب».

واستمر الظواهري منذ ثورتي مصر وتونس قبل ما يزيد على العام ونصف العام، في توصيف ثورات الربيع العربي كانتصار للإسلام ضد الغرب، عقب تولي تيارات إسلامية للحكم في مصر وتونس، إلا أن مواجهات بين إسلاميين وعلمانيين في تونس، وتهديد الأحزاب السلفية في مصر بالانسحاب من لجنة وضع الدستور، أعاد الظواهري (وهو طبيب ولد بمصر عام 1951 وانضم للتنظيمات الجهادية في أعقاب مقتل الرئيس المصري الراحل أنور السادات) لانتقاد الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، ووصف الظواهري، الذي اعتقل وهو ابن الخامسة عشر عاما بتهمة الانضمام لجماعة الإخوان المسلمين، مرسي بأنه «رئيس بلا سلطة».

وألقت أجهزة الأمن المصرية الأربعاء الماضي، القبض على خمسة عناصر إرهابية بحي مدينة نصر وضبطت بعد مواجهات أسفرت عن مقتل أحد الإرهابيين، وهو ليبي الجنسية، أسلحة وذخيرة ثقيلة. وقالت صحيفة «الأهرام» المملوكة للدولة في تقرير نشرته أمس إن الخلية الإرهابية كانت تنتوي استخدام الأسلحة في هجمات إرهابية بالقاهرة خلال فترة عيد الأضحى، وإن وزارة الداخلية المصرية ستعلن قريبا عن تفاصيل إجهاض المخطط الإرهابي. يأتي هذا فيما نقلت صحيفة «الحياة» اللندنية أمس عما سمته مصدرا مسؤولا أن جهاز المخابرات المصرية يتولى التحقيق في القضية. وقالت الصحيفة في تقرير في صدر صفحتها الأولى إن أحد الجهاديين الذين أفرج الرئيس محمد مرسي عنهم عقب انتخابه رئيسا للبلاد متورط في الحادث وله علاقة بمقتل ثلاثة دبلوماسيين أميركيين ببنغازي في ليبيا في الثاني عشر من الشهر الماضي.

من جهته، أكد الظواهري، في الرسالة التي تداولتها مواقع جهادية على شبكة الإنترنت، إن تحرير الشيخ عمر عبد الرحمن المسجون في الولايات المتحدة لدوره في الهجوم على مركز التجارة العالمي في 1993 والمعتقلين في سجن غوانتانامو هو «واجب إلزامي على كل مسلم». وأشار إلى أن الإفراج عن الجهاديين المسلمين لن يتأتى إلا باستبدالهم عن طريق خطف أجانب. وقال: «إن التنظيم يسعى جاهدا لخطف رعايا لدول أجانب لاستبدالهم بمعتقلين إسلاميين في السجون الغربية». وأضاف: «أسرانا لن يتم تحريرهم إلا بالقوة لأنها اللغة الوحيدة التي يفهمونها». وتتخوف دوائر سياسية مصرية من أن تجر البلاد في مواجهة جديدة مع الإرهاب، خاصة بعد حملة أمنية موسعة قادها الجيش المصري وقوات من الشرطة المدنية على شبة جزيرة سيناء، بعد حادثة مقتل جنود مصريين على الحدود مع إسرائيل واتهمت السلطات المصرية جماعات سلفية متشددة بالوقوف وراءها، ورجحت تقارير إعلامية أن تكون الحملة الأمنية على المتشددين في سيناء والتضييق عليهم، أجبرت كثيرا منهم على الفرار إلى القاهرة والمدن المصرية.

ويقول الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء طلعت مسلم إن «تنظيم القاعدة يتستر بالحديث حول تطبيق الشريعة من أجل تحقيق أهداف أخرى لا علاقة لها بالإسلام ولا أحد يستطيع الحديث معهم حول الشريعة لأنهم يحتكرون التفسير ولا يريدون النقاش»، ويتابع مسلم: «قد تكون بالفعل الحملة الأمنية في سيناء دفعت المتشددين إلى اللجوء إلى القاهرة والمحافظات القريبة منها ولكن سواء كانت هذه الحملة أم لا فقد كانوا سيأتون؛ لأن الهدف ليس سيناء ولكن هم مستمرون في ما يسمونه الحرب على الغرب واستهدافهم في أي مكان».

من جهته، يرى الدكتور عصام دربالة، رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية، أن «الدكتور أيمن الظواهري يحتاج إلى إعادة تقييم مرة أخرى للواقع المصري قبل أن ينتقد الرئيس المصري، فمصر اليوم تتجه نحو التغيير إلى الأفضل في كافة المجالات، وتطبيق الشريعة الإسلامية يحتاج العديد من المراحل ومنها مرحلة الوجود في الدستور وهو الأمر الذي نحن بصدده الآن من خلال الجمعية التأسيسية للدستور». وتابع دربالة: «تطبيق الشريعة لا يمكن أن يتم جملة واحدة ولكن بالتدرج كما علمنا الإسلام، فالحاكم إذا كان لا يستطيع أن يطبق الشريعة جملة واحدة فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها وإذا كان الدكتور مرسي لم يستطع أن يفعل ما يريد الدكتور الظواهري فإنه يجتهد ويسعى لإتمام هذا الأمر».

وحول دعوة الظواهري إلى خطف الأجانب مقابل استبدالهم بالمعتقلين الإسلاميين، قال دربالة: «إن الجماعة الإسلامية تختلف مع هذا الرأي كليا وهذا الأمر غير جائز إلا أنه باحتجاز بعض الدول الغربية لعدد من الإسلاميين بغير حق فهي تساعد على تأجيج المشاعر في العالم الإسلامي وتزيد من انتشار هذه الأفكار»، مشيرا إلى أن الجماعة الإسلامية انتهجت مسارها السلمي وأنها: «تسعى لمواجهة من يختلفون معها بالحوار والقول الحسن وإقناع الجماهير بأننا نعبر عن هويتهم وأن الذين يسعون لحذف الشريعة الإسلامية من الدستور يحذفون هوية الشعب وحتى إذا جاءت رغبة الشعب عكس إرادتنا فسنظل على منهج الحوار والإقناع السلمي بصدق قضيتنا هذه».