الجزائر: زعيم الذراع المسلحة لـ«الإنقاذ» يعود للسياسة عبر بوابة العمل الخيري

مزراق: لن نسكت عن مطالبة رؤوس النظام الحاكم بالوفاء لنا

TT

دعا زعيم جماعة إسلامية جزائرية مسلحة أفراد تنظيمه، بعد 12 سنة من التخلي عن السلاح، إلى التمسك بمطلب يطرحونه منذ سنوات طويلة، يتعلق بالعودة إلى العمل السياسي الممنوع عليهم بموجب قانون صدر عام 2006، وإجراءات قانونية أدخلتها السلطات في قانون الأحزاب المعدل العام الماضي، بحجة أنهم ضالعون في الإرهاب.

وقال مدني مزراق، زعيم «الجيش الإسلامي للإنقاذ»، الذراع المسلحة لحزب «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» سابقا، إنه قرر أن «ننتظم مع كل الخيرين الصادقين، بصفة رسمية وقانونية، في جمعية دعوية خيرية نضالية بأبعاد إصلاحية تربوية اجتماعية وسياسية، تنفتح على كل الشرائح وتقف منهم على مسافة واحدة، هدفها خدمة العباد وهدايتهم، وإنقاذ البلاد وتعميرها».

وجاءت هذه التصريحات ضمن رسالة، تملك «الشرق الأوسط» نسخة منها، وجهها مزراق إلى عناصر تنظيمه المسلح البالغ عددهم رسميا 6 آلاف، بمناسبة عيد الأضحى المبارك. وقال في الوثيقة إن البعد السياسي من مشروعه يتمثل في «المساهمة في إصلاح المجتمع وترقيته وأخلقته، وتطعيم الساحة السياسية بالرجال الأكفاء والأفكار القوية والبدائل المفيدة الممكنة التحقيق». ودعا عناصر مجموعته إلى «العودة إلى المسجد، بيت الله، حيث تجتمع في هيبة وخشوع مختلف شرائح المجتمع من المؤمنين»، مشيرا إلى أن خيار تأسيس جمعية تم «بعد المشورة وإمعان الرأي وتغليب الراجح على المرجوح، وحتى نقطع الشك باليقين ونضع النظام ورجاله أمام مسؤولياتهم التاريخية والتزاماتهم الأخلاقية».

ويفهم من مسعى القيادي المسلح أنه يريد الرجوع إلى السياسة عبر بوابة العمل الخيري. وقد سبقه لذلك قادة إسلاميون كانت لديهم مشاكل مع السلطات ونجحوا في مسعاهم، أبرزهم الشيخ الراحل محفوظ نحناح ممثل حركة الإخوان بالجزائر.

وانخرط مزراق في العمل المسلح غداة تدخل الجيش لإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية، التي فاز بها حزبه «جبهة الإنقاذ» نهاية 1991. وأسس «جيش الإنقاذ» الذي كانت أهم معاقله في شرق البلاد. وفي 1997 أوقف نشاطه المسلح، في ما سمي آنذاك بـ«الهدنة». وبعد مفاوضات مع جهاز المخابرات العسكرية، حل مزراق تنظيمه في مقابل الاستفادة من عفو رئاسي عن كل العناصر الـ6 آلاف، صدر مطلع 2000. وسمي المشروع حينها بـ«الوئام المدني».

ويقول مزراق إن السلطة تعهدت، بموجب اتفاق بين الطرفين، بالسماح له ولأتباعه بالعودة إلى النشاط السياسي. وفي 2006 صدر قانون «المصالحة» الذي يمنع كل أفراد «الإنقاذ» من ممارسة السياسة على أساس تحملهم مسؤولية الدماء التي سالت أثناء الحرب الأهلية. وفي بداية 2011 عدّلت الحكومة قانون الأحزاب، بإضافة بند يحظر على «الإنقاذيين» الانخراط في أحزاب أو الترشح للانتخابات.

ويذكر مزراق في رسالته حول هذه القضية، وهو يحدث عناصره الذين يسمون بـ«التائبين»: «إن مطالبة رؤوس النظام الحاكم بالوفاء لنا ولكل أبناء الشعب الذين تضرروا بسبب المحنة فرض عين علينا، وأمانة ودين في رقابنا، وهو مطلب لا يجوز السكوت عنه، أو التنازل بشأنه، إذ إن التخلي عنه خيانة»، مشيرا إلى أن سياسة المصالحة مع المسلحين، التي اعتمدها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة «تبقى سرابا وخدعة ملفوفة في شعار وخطاب يبرر الظلم والتنكيل وقطع الرقاب».

وحاول مزراق ترشيح أفراد من «الإنقاذ» في مواعيد انتخابية ماضية، لكنه اصطدم برفض مستميت من جانب السلطات. ويستغرب مراقبون معاودة المحاولة هذه المرة، لأنه لا شيء تغير في موقف النظام من مسلحي «الإنقاذ». في ما يرى آخرون أن مزراق بصدد تحضير إطار سياسي جديد، في حال تغير النظام بخروج بوتفليقة من السلطة في انتخابات الرئاسة المرتقبة ربيع 2014.