حزب طالباني يوجه انتقادات لتركيا.. ويدعو الأحزاب الكردية إلى وقف «الاستقواء بدول الجوار»

قيادي في «الاتحاد» لـ «الشرق الأوسط»: مشكلتنا مع بغداد لا تحل بالتشنجات

TT

قال عادل مراد، رئيس المجلس المركزي (البرلمان الحزبي) للاتحاد الوطني الكردستاني الذي يقوده الرئيس العراقي جلال طالباني، إن حل الخلافات بين إقليم كردستان والحكومة المركزية في بغداد يجب أن يكون عبر الحوار والتفاهمات بعيدا عن التشنج، داعيا الأحزاب الكردية إلى اعتماد الحلول الداخلية بالتعاون مع بقية المكونات العراقية، وعدم السماح لدول الجوار، في إشارة ضمنية إلى تركيا، بالتدخل في الأزمات والخلافات في العراق. كما وجه انتقادات حادة إلى أنقرة «وتدخلاتها» في الشأن العراقي، واتهمها بمحاولة استمالة بعض الأحزاب والأطراف العراقية إلى جانبها.

واعتبر مراد أن العراق يتعرض إلى «هجمة خارجية خطيرة من شأنها أن تقضي على مستقبله في حال تلقت دعما من القوى السياسية داخل العراق»، مشيرا إلى أن «الاستقواء بدول الجوار لتحقيق مكاسب حزبية ضيقة سيودي بالعملية الديمقراطية التي ضحى العراقيون من أجلها وقدموا قوافل من الشهداء لإعادة بناء بلدهم على أسس الديمقراطية والتعددية»، لافتا إلى أن «الشواهد التاريخية تحتم على الكرد اعتماد الحلول الداخلية بالتعاون مع بقية المكونات العراقية، وعدم السماح لدول الجوار بالتدخل في أزماتنا وخلافاتنا، لأن تلك التدخلات تهدف لإعادة مسلسل النكسات التي تسببت فيها سياسات دول الجوار وأنظمتها السابقة على مر التاريخ الكردي».

ودعا مراد إلى استنكار القصف المدفعي والجوي التركي المتكرر على القرى والمناطق الحدودية في إقليم كردستان، والذي «ألحق أضرارا بالغة مادية وبشرية بتلك المناطق بحجة ملاحقة واستهداف عناصر حزب العمال الكردستاني المعارض للحكومة التركية». وطالب في هذا السياق «بتوجيه بيان استنكار شديد اللهجة إلى الحكومة التركية باسم المجلس المركزي، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة عبر الوسائل السلمية الحضارية لإجبار الجانب التركي على الكف عن ممارساته التي لا تنم عن احترام أو مراعاة لحقوق الجوار والأعراف والقوانين الدولية والسيادة الوطنية العراقية».

في وقت صعدت فيه رئاسة إقليم كردستان من لهجتها تجاه بغداد، على الرغم من الدعوات العديدة التي أطلقها قادة ومسؤولون عراقيون بضرورة التهدئة الإعلامية بين الطرفين من أجل إتاحة الفرصة أمام المفاوضين الكرد والعراقيين للتوصل إلى تفاهمات حول السياسة النفطية والمناطق المتنازع عليها وما إلى ذلك من خلافات بين الطرفين. وشدد عادل مراد «على ضرورة الحفاظ على العلاقة الكردية المتينة مع القوى العراقية بمختلف توجهاتها، وعدم فسح المجال أمام الجهات المغرضة للعبث بمقدرات شعب كردستان»، داعيا جميع القوى الكردستانية إلى توحيد الرؤى والمواقف تجاه القضايا العراقية والإقليمية، وإشراك قيادات حركة التغيير المعارضة والقوى الإسلامية الكردية والشخصيات الوطنية المستقلة في الوفود التي تذهب إلى بغداد بهدف الاتفاق على صيغ عملية لإنهاء المشاكل العالقة بين المركز والإقليم.

وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن المبادرة التاريخية للرئيس طالباني هي المبادرة الوحيدة القادرة على توحيد العراقيين على أرضية الدستور، ودرء الأخطار عن العراق الديمقراطي الفيدرالي، وإن زيارة الوفدين السياسي والحكومي الكردي الأخيرة إلى بغداد والنتائج التي توصلوا إليها هناك قد تسهم في ترطيب الأجواء أمام انطلاق الجهود لحل القضايا العالقة بين بغداد وأربيل، مشيرا إلى أن «ما تحقق من انفراج الأزمة حول الخلافات النفطية كان بمبادرة من الرئيس طالباني، وعلى الأطراف الأخرى دعم جهوده الخيرة للتغلب على بقية المشكلات العالقة بين الإقليم والمركز، وليس إعاقة تلك الجهود بافتعال المشاكل أو إطلاق التهديدات والتصريحات المتشنجة».

ووجه رئيس المجلس المركزي بهذا الصدد انتقادات شديدة إلى المتحدث الرسمي باسم رئاسة إقليم كردستان الذي لمح إلى إمكانية سحب وزراء الكرد بالحكومة العراقية والممثلين الكرد من مجلس النواب العراقي قائلا إن «التصريحات المتشنجة لبعض الجهات في الإقليم ومنها التي أطلقها السيد أوميد صباح، والتلويح بسحب الوزراء الكرد وأعضاء مجلس النواب من الحكومة الاتحادية فيما لو استمرت الأزمة الراهنة، لا يخدمان القضية الكردية ولا جهود التسوية المبذولة لإنهاء الأزمة السياسية الراهنة، فضلا عن أنهما يخلقان أجواء من التشنج والتوتر تتيح لأعداء الشعب الكردي الاصطياد في الماء العكر، وهذه المواقف تصب في خانة إفشال المؤتمر الوطني المرتقب الذي دعا إليه الرئيس طالباني والذي تدعمه كل القوى الوطنية والإسلامية التي ناضلت ضد الديكتاتورية لعقود طويلة».

وأشار مراد إلى أن «قيادة الاتحاد الوطني تحديدا لم تتوصل إلى قناعة أو قرار حول جدوى تصعيد الوضع مع بغداد، ولا ترى حاجة إلى ذلك في ظل التقدم الذي حصل بمفاوضات الوفدين الكرديين في بغداد، وعلى الأطراف الأخرى ألا تخلق المزيد من المشاكل أو تضع عراقيل أمام جهود الرئيس طالباني الذي يسعى بحكمته وجهوده الخيرة إلى التغلب على معضلات العراق وحل مشاكله السياسية عبر إطلاق الحوار الوطني البناء».

وأثار رئيس المجلس المركزي للاتحاد الوطني الذي استضاف باجتماعه الأخير وكيل وزارة الداخلية بحكومة إقليم كردستان مسألة قوات «الزيرفاني»، وهي قوات خاصة قوامها لواء مشاة كانت تابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس الإقليم مسعود بارزاني، وقال إن «أعضاء المجلس طالبوا وكيل الوزارة ببيان عائدية وتابعية هذه القوات، وما إذا كانت ضمن تشكيلات وزارة الداخلية، أم أنها ما زالت تأتمر بأوامر من قيادة الحزب الديمقراطي، وهذه مسألة يجب توضيحها من قبل قيادة ذلك الحزب خاصة بعد توحيد إدارتي الحكومة وعملية توحيد مؤسسات ودوائر وزارة الداخلية، وهي العملية التي لا تسمح بوجود قوات عسكرية أو أمنية خارج إطار مؤسسات حكومة الإقليم».