اشتباكات ليلية في مخيم اليرموك بين مقاتلين من «الجيش الحر» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»

الحمود لــ«الشرق الأوسط»: النظام يسلح مناصري جبريل منذ بدء الثورة بعدما كان ممنوعا حمل السلاح

TT

شهد مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب العاصمة السورية دمشق اشتباكات عنيفة وقعت بعد منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء، بين عناصر من «الجيش السوري الحر» وفلسطينيين موالين للنظام السوري، قال معارضون إنهم ينتمون لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة»، برئاسة أحمد جبريل. وتأتي هذه الاشتباكات بعد جولة أولى تخللها اشتباكات مماثلة خلال شهر أغسطس (آب) الماضي، تدخل فيها مقاتلو جبريل في المعارك، وتخللها قصف من القوات النظامية على أنحاء المخيم ومخيم فلسطين المجاور، أوقع عددا من القتلى.

وفي حين أفادت «لجان التنسيق المحلية في سوريا» بأن «الاشتباكات العنيفة بين جيش التحرير الفلسطيني والجيش الحر وقعت في حيي القدم وشارع الثلاثين بمخيم اليرموك، بعد اختطاف جيش التحرير جرحى والإبلاغ عنهم»، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «المعارك اندلعت أولا في حي الحجر الأسود جنوب دمشق بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين، ثم امتدت إلى مخيم اليرموك الملاصق للحجر الأسود».

وقال المرصد إن «مقاتلين من (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة) دخلوا على خط القتال إلى جانب جيش النظام»، لافتا إلى أن «حدة الاشتباكات تراجعت فجرا». أما «الهيئة العامة للثورة السورية» فقد وصفت الاشتباكات بأنها «كانت عنيفة»، وأوضحت أنها «تركزت في محيط مبنى الخالصة في شارع الـ15 وفي شارع الثلاثين»، متحدثة عن «استقدام تعزيزات من جنود النظام السوري مدعومين بالمدرعات إلى المخيم لمساندة قوات القيادة العامة».

من ناحيته، قال أحد القياديين في لجان التنسيق المحلية في سوريا لـ«الشرق الأوسط» إن «مجموعات من (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة) تقوم، منذ قرابة الأسبوعين، باستفزاز سكان مخيم اليرموك بسبب موقفهم الداعم للثورة السورية، لكن المواجهات وقعت بعد إقدام عناصر من الجبهة الشعبية بمؤازرة قوات الأمن السورية وعناصر الشبيحة لاختطاف عدد من الجرحى كانوا يخضعون للعلاج في مشفى فلسطين داخل المخيم».

وأشار إلى أن هذه الواقعة «أشاعت حالة من التوتر في المخيم»، مذكرا بصدور «تحذيرات في وقت سابق من قيادات المعارضة من خطورة انحياز بعض الفصائل الفلسطينية للنظام السوري ومساندته في قمع الثورة».

واعتبر أن «النظام لا يتوانى عن محاولة جر الفلسطينيين إلى صدامات مع الثوار السوريين، بما يشكل خطرا على وجودهم في سوريا».

في المقابل، أشار المسؤول الإعلامي في الجبهة الشعبية - القيادة العامة، أنور رجا إلى أن «جماعة من المسلحين الإرهابيين حاولوا التسلل فجرا عند الساعة الثانية والنصف فجرا إلى مخيم اليرموك، مقبلين من محيط الحجر الأسود، وقامت اللجان الشعبية التي شكلناها لمنع اختراق المخيم بالتصدي للمجموعة».

وقال رجا، وفق ما نقلته عنه وكالة الصحافة الفرنسية، إن «الاشتباكات استمرت لنحو ساعة من دون أن تسفر عن خسائر بشرية أو إصابات»، متهما «أطرافا من المعارضة السورية المسلحة بأنها ترغب بجر المخيمات الفلسطينية إلى دهاليز الأزمة الداخلية السورية».

تجدر الإشارة إلى أن النظام السوري كان يحظر على الفلسطينيين في سوريا حمل السلاح بشكل قاطع، سواء كأفراد أو كفصائل فلسطينية، قبل بدء الثورة الشعبية ضده، منتصف شهر مارس (آذار) 2011. ويقول نائب رئيس الأركان في «الجيش السوري الحر» العقيد عارف الحمود لـ«الشرق الأوسط» في هذا الإطار إن «النظام السوري لم يكن يسمح بأي ظهور مسلح للفلسطينيين داخل المخيمات أو خارجها، ولم يكن مسموحا لأي فلسطيني حمل السلاح، باستثناء المنضوين في القطعتين العسكريتين لواء صلاح الدين ولواء أجنادين، المؤلفين من عناصر فلسطينية بالكامل (يخضع اللاجئون الفلسطينيون في سوريا للتجنيد الإجباري)».

واتهم الحمود «النظام السوري بقيامه بتسليح بعض الفصائل الفلسطينية الموالية له منذ بداية الثورة، على غرار ما فعل مع الطائفة العلوية وبعض الشبيحة».

ويضيف: «يحاول النظام باستمرار زج الفلسطينيين في الصراع القائم بينه وبين شعبه، وقام بتسليح بعض الفصائل؛ وتحديدا الجبهة الشعبية الموجودة في مخيم اليرموك»، معتبرا أن «الجبهة الشعبية هي من صنيعة النظام السوري وتعمل ضمن أجندته».

وذكر الحمود «أننا منذ اليوم الأول تمنينا على كل الفلسطينيين المقيمين في سوريا والفصائل الفلسطينية ألا يتدخلوا في الشأن السوري ويبقوا بمنأى عما يحصل، وطالبناهم بألا يتحولوا إلى شبيحة إعلاميين، كأحمد جبريل وأنور رجا، أو إلى شبيحة على الأرض، كما هو حال أتباعهم». وقال: «لاحظنا كيف أن حركة حماس آلت على نفسها أن تخرج من عباءة النظام السوري وتتعامل مع سوريا الشعب لا النظام، في حين أن ثمة فصائل أخرى فضلت الارتباط بالنظام على حساب الشعب»، مشددا على أن «نهايتها ستكون قريبة مع نهاية النظام الزائل».

ويعد مخيم اليرموك الأكبر في سوريا من حيث عدد سكانه المسجلين لدى الأمم المتحدة والبالغ 148500، وقد قصدته عائلات سورية عدة هربا من القصف الذي طال أحياءها، بمقابل نزوح فلسطيني منه لاحقا بعد قصفه مرارا من قبل قوات الأمن السورية وتضييق الخناق على مداخله، خصوصا أنه يقع إلى جانب مجموعة من الأحياء الثائرة جنوب دمشق.

وسبق للمجلس الوطني السوري أن أعلن مخيم اليرموك والأحياء الملاصقة، كالحجر الأسود والعسالي والقدم والتضامن، مناطق منكوبة في 20 سبتمبر (أيلول) الماضي، مطالبا «العالم العمل على وقف القصف فورا، والسماح بدخول الصليب الأحمر وإسعاف الجرحى من المنطقة».