روس يتحدث عن حل سياسي «عادل ومقبول» لنزاع الصحراء يعزز الأمن في شمال أفريقيا والساحل

بدأ أمس زيارة لمدينة العيون.. ومصدر رسمي مغربي يصفها بـ«الاستكشافية»

TT

فيما اعتبر تحولا في مواقفه بشأن نزاع الصحراء، قال كريستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المكلف النزاع، إن جولته الحالية في المنطقة تتوخى «المساهمة في تقييم السنوات الخمس الأخيرة من المفاوضات المباشرة، والتماس الأفكار حول أفضل السبل لإحراز تقدم حقيقي في عملية التفاوض، والنظر في تأثير التطورات الأخيرة في شمال أفريقيا والساحل على قضية الصحراء».

وشدد كريستوفر على القول في تصريح للصحافة أوردته وكالة الأنباء المغربية، عقب استقباله من قبل الملك محمد السادس في الرباط أول من أمس، إنه «يريد شخصيا المساهمة في التوصل إلى حل ينهي معاناة الأسر المشتتة منذ 37 سنة، حل يجعل من الممكن إكمال بناء اتحاد المغرب العربي، ويعزز الأمن والاستقرار في شمال أفريقيا والساحل».

وذكر روس أن مباحثاته مع الملك محمد السادس، وبعض أعضاء الحكومة بما فيهم رئيسها عبد الإله ابن كيران «قدمت مساهمة قيمة في البحث عن وسيلة ناجعة للمضي قدما في تسوية نزاع الصحراء».

وأوضح روس أن زيارته للمغرب تأتي في إطار مواصلة المهمة التي كلفه بها الأمين العام للأمم المتحدة قبل ثلاث سنوات ونيف، والهادفة، وفق ما حددته قرارات مجلس الأمن المتتالية «إلى تسهيل المفاوضات المباشرة بين جميع الأطراف»، للتوصل إلى حل سياسي «عادل ودائم ومقبول».

وأضاف روس أنه «رغم مضي أربع جولات من المفاوضات الرسمية تحت رعاية سلفه وتسع جولات من المحادثات غير الرسمية تحت رعايته شخصيا، لم يتم إحراز أي تقدم يذكر نحو هذا الهدف».

وقال روس إنه سينقل استنتاجاته إلى الأمين العام للأمم المتحدة لدى عودته لنيويورك، كما سيقدم تقريرا لمجلس الأمن في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

واعتبر مصدر رسمي مغربي، فضل عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» أن خطاب روس في الرباط تضمن تحولا ملحوظا في مواقفه، لا سيما أنه أدلى بتصريحات مكتوبة على ورقة، تضمنت ربطه بين إشكالية نزاع الصحراء وما يجري في منطقة الساحل من تدهور أمني.

وتوقف المصدر ذاته عند ما قاله روس بشأن رغبته في التوصل إلى تحقيق حل سياسي «عادل ودائم ومقبول»، وقال إن الحديث عن حل عادل ودائم ومقبول، معناه في القاموس الدبلوماسي «حل وسط».

إلى ذلك، توجه روس مساء أمس إلى مدينة العيون، كبرى مدن الصحراء، ووصف المصدر زيارة الوسيط الأممي لها بأنها «زيارة استكشافية، وتكتسي صبغة عادية».

وأضاف المصدر أن روس لن يلتقي الصحافيين في العيون، ولن يدلي بتصريحات فيها. بيد أن المصدر ذاته قال لـ« الشرق الأوسط»: «نحن ننتظر زيارته لمخيمات تندوف (جنوب غربي الجزائر) لنرى ماذا سيقول هناك».

وقبيل توجهه إلى العيون، واصل روس أمس لقاءاته في الرباط حيث عقد اجتماعا مع كريم غلاب، رئيس مجلس النواب الذي قال بعد اللقاء إن المغرب متشبث بقوة بسيادته على الأقاليم الجنوبية (الصحراء)، مشيرا إلى أنه استعرض مع روس «مدى تقدم مسلسل المحادثات حول قضية الصحراء الذي لم يسفر حتى الآن عن نتائج ملموسة»، كما تناول اللقاء الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، وكذا سبل إنعاش اتحاد المغرب العربي.

وعبر غلاب عن أسفه لكون هذا المشروع، الذي تنشده كل الشعوب المغاربية، ما زال متعثرا نظرا لاستمرار النزاع. والتقى روس أيضا محمد فوزي بن علال، نائب رئيس مجلس المستشارين بسبب غياب محمد الشيح بيد الله، رئيس المجلس الموجود حاليا في مهمة بأستراليا. وقال بن علال إن روس أكد له أنه لن يدخر أي جهد من أجل التوصل إلى حل لنزاع الصحراء يتم التشاور بشأنه. وفي السياق نفسه، عقد روس جلسة عمل مع أعضاء في «المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية»، الذي يضم في عضويته صحراويين من مختلف مناطق الصحراء موالين للمغرب، وشارك أعضاء من هذا المجلس في جولات المفاوضات المباشرة بين المغرب وجبهة البوليساريو.

وكان روس التقى قبل أن يبدأ اجتماعاته الرسمية في الرباط، وبمبادرة منه، سياسيين وأكاديميين مغاربة مستقلين عن الحكومة، وقال أحد الذين شاركوا في اللقاء لـ«الشرق الأوسط» إنه شخصيا تحدث مع روس مدة ربع ساعة، مشيرا إلى أن اللقاء دام ثلاث ساعات. ونظمت اللقاء النائبة خديجة بن عمر، المنتمية لحزب الأصالة والمعاصرة (معارضة برلمانية)، وشقيقة جمال بن عمر، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، وذلك في منزلها الكائن بضاحية «الهرهورة» جنوب الرباط، وتولى زوجها عبد الصمد تومورو الاتصال بالشخصيات التي حضرت اللقاء وهم محمد الساسي، القيادي في الحزب الاشتراكي الموحد، والناشط الحقوقي المحامي أحمد شوقي بنيوب، وخديجة المروازي، رئيسة «جمعية الوسيط لحقوق الإنسان»، والمحامي حسن السملالي، والمحامي الحبيب حاجي والأستاذ الجامعي، عبد الكريم بلحاج، والناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني.

وقال المصدر الذي استقت منه «الشرق الأوسط» معلومات حول هذا اللقاء، إن روس بدا متشائما بشأن إحراز تقدم في نزاع الصحراء، وعبر عن اعتقاده بأن الدول الغربية الكبرى (أميركا وفرنسا وبريطانيا) مهتمة الآن بمنطقتين هما سوريا وشمال مالي. وتطرق روس خلال اللقاء إلى اتهام المغرب له في مايو (أيار) الماضي بأنه لم يعد طرفا محايدا، وعبر عن اعتقاده بأن ذلك ربما مرده إلى أنه لم يؤيد اقتراح المغرب بتطبيق حكم ذاتي موسع في الصحراء، وفسر ذلك بأن جبهة البوليساريو تطرح بدورها فكرة تنظيم استفتاء لتسوية النزاع. يشار إلى أن أوساط مجلس الأمن والدول الكبرى عبرت في وقت سابق عن استحالة تنظيم استفتاء في المنطقة.