العاصفة أزمة إنسانية أم سلاح انتخابي خطير في الشوط الأخير من الحملة؟

أوباما يريد تجنب خطأ بوش مع «كاترينا».. ورومني يحول تجمع أوهايو إلى حملة إغاثة

الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال زيارة إلى مقر الصليب الأحمر في واشنطن أمس لتفقد الأعمال جراء العاصفة أمس (رويترز)
TT

قد يكون الإعصار «ساندي» كارثة تؤثر على ملايين الأميركيين لكن مع انحسار المياه قبل أسبوع من الانتخابات، تطرح التساؤلات سياسيا حول المرشح الذي سيخسر أكثر من جراء هذه العاصفة القوية. فالرئيس الأميركي باراك أوباما في القيادة وإدارته للتحرك الفيدرالي لمواجهة هذه الأزمة التي أدت إلى سقوط قتلى وسببت خسائر بالملايين، قد تؤدي إلى تعزيز موقعه أو الإضرار به.

والمرشح الجمهوري ميت رومني الطامح للفوز في انتخابات 6 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل عبر عن تعاطف مع الضحايا ودعا المناصرين إلى مساعدة الأميركيين المحتاجين، لكنه لا يتولى منصبا رسميا في عمليات الإغاثة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها حول الموضوع عن مسؤول في حملة رومني قوله مساء أول من أمس: «الآن وفيما يضرب الإعصار ويؤثر على خمسين مليون شخص، الأولوية يجب أن تتركز على جهود الإغاثة». وأضاف «كثير من القرارات في الحملة يجب أن تتخذ مع الأخذ في الاعتبار هذه المسألة».

وأدلى البيت الأبيض بمواقف مماثلة مشددا على أن «سلامة وأمن الأميركيين» تشكلان أبرز أولوية وأقر بخسارة يومين كاملين من الحملات بسبب العاصفة. وقال جاي كارني المتحدث باسم أوباما: «يجب أن نركز ليس على الحملة أو الانتخابات وإنما على الحرص على تعبئة كل الإمكانات الفيدرالية لمساعدة الولايات والمدن على مواجهة العاصفة». وأضاف: «هذا هو تركيزنا الآن».

لكن استحقاق الانتخابات يقترب، ويجمع الكل تقريبا على أن الانتخابات الرئاسية ستكون محتدمة جدا ولا يريد أي مرشح أن يخسر في الشوط الأخير الختامي. وسيتطلب الأمر بالتأكيد حنكة سياسية لتحديد موعد ومكان معاودة الحملة دون أن يظهر المرشح وكأنه غير مبال بمعاناة ضحايا العاصفة.

والسعي وراء أصوات في فرجينيا حيث هناك أكثر من 170 ألف شخص دون كهرباء قد لا يكون استراتيجية رابحة رغم أن هذه الولاية هي بين أبرز ثلاث ولايات ستشهد معارك سياسية قوية، مع فلوريدا وأوهايو. ويوم الأحد الماضي، عبر ديفيد اكسلرود مستشار أوباما عن قلقه من أن تؤثر العاصفة سلبا على التصويت المبكر الذي بدأ في عدة ولايات، والذي يعتبر أمرا حيويا لآمال الرئيس في الفوز بولايات مثل فرجينيا. وأضاف «بالتأكيد نريد تسهيل الوصول إلى مكاتب الاقتراع لأننا نعتقد أنه كلما جاءت أعداد أكبر، كان وضعنا أفضل». وتاريخيا، فإن كثافة التصويت كانت تصب دائما في مصلحة الديمقراطيين. لكن هناك صعوبات للمحافظين في جنوب غربي فرجينيا الريفي حيث يواجه السكان عواقب العاصفة مما قد يبقي كثيرين في هذه المنطقة التي تصوت بمعظمها للجمهوريين في منازلهم دون التوجه للاقتراع.

ومكان آخر قد تبرز فيه آثار العاصفة مباشرة هو فيلادلفيا، المعقل الديمقراطي في بنسلفانيا التي تميل نحو اليسار. وكان هناك نحو 400 ألف شخص دون كهرباء في المدينة ومحيطها ليل الاثنين. ويريد الديمقراطيون أن يتوجه سكان فيلادلفيا بأعداد كبرى للاقتراع، فإذا بقوا في منازلهم سيشكل ذلك فرصة لرومني للفوز بولاية حيوية.

والعاصفة تطرح أيضا فرصة سياسية لأوباما لكي يظهر قائدا فعالا يعرف كيف يدير موارد الحكومة في وقت يحتاجها المواطنون بشدة. وإذا كان تحرك الدولة الفيدرالية غير كاف، فقد يعيد ذلك إلى الأذهان ذكريات الإعصار «كاترينا» في العام 2005 ويخلف شعورا لدى بعض الناخبين المترددين بأنهم قد يفضلون تغييرا في البيت الأبيض.

وواجه الرئيس السابق جورج بوش انتقادات شديدة حول معالجته أزمة الإعصار «كاترينا» الذي خلف خرابا كبيرا في نيو أورليانز. وفشل السلطات في تقديم مساعدات عاجلة، لازم بقية أيام رئاسته.

والإعصار «ساندي» ينطوي على مخاطر أيضا بالنسبة لرومني، لأنه يهدد بأن يطغى على إعلانه الختامي الذي يعتزم إقفال حملته عليه قبل انتخابات السادس من نوفمبر مع التغطية الإعلامية الكبرى لأنباء العاصفة. وألغى رومني تجمعين انتخابيين في فرجينيا، لكنه أبقى على تجمعين في ولايتي ايوا واوهايو الحاسمتين. وكان مقررا أن يعقد تجمعا انتخابيا جديدا أمس في أوهايو، التي قد تحسم نتيجة السباق إلى البيت الأبيض لكنه حوله إلى «مناسبة إغاثة» من العاصفة مما قد يشكل أمامه فرصة لكي يبدي زعامة من خارج واشنطن.