3 قادة في الواجهة في خضم الإعصار

عمدة وحاكمان يتقاسمون الشعور بالراحة رغم اختلاف تعاملهم مع «ساندي»

حاكم نيويورك كومو يتفقد جسرا في مانهاتن بعد الإعصار الاثنين (رويترز)
TT

قام عمدة مدينة نيويورك مايكل بلومبيرغ بدور الأب الحازم الصارم الذي يصدر تعليمات لأبنائه بعدم ممارسة التزحلق على الماء، واقتراح بدائل مثل البقاء في المنزل لتناول شطيرة. أما حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو، الذي ارتدى قميصا من دون ربطة عنق، فبدا رجلا واثقا من نفسه، لكنه لم يطلب من أي فرد التعجل، بما في ذلك رئيس مرفق المطافئ المحلي الأنيق. أما حاكم ولاية نيوجيرسي كريس كريستي، فكان، بما عهد عنه من صراحة، يسخر من الذين عارضوا أوامر الإخلاء واصفا إياهم بالـ«الأنانية والغباء».

ومع استمرار اختبارات القيادة السياسية، هناك بعض اللحظات القليلة الأهم أو الأخطر من مؤتمرات الطقس الطارئة تتمثل في الفرصة النادرة لقادة الولايات والمدن للتواصل مباشرة، بأسلوبهم الفردي مع عشرات الآلاف من المواطنين المحاصرين القلقين.

لكن مع ذلك فإن ما يعقد الأمور هو الحقيقة الأساسية التي توضح أن الكلمات والتطمينات لا يمكنها أن تحول مسار الإعصار أو تقمع عاصفة. كانت الفعاليات التي أقامها المسؤولون الثلاثة يوم الاثنين وعلى مدار نهاية الأسبوع الحالي في إطار الاستعداد للتعامل مع إعصار «ساندي»، مزيجا من المؤتمرات الصحافية والأحاديث الودية بجانب المدفأة، وتحتاج إلى مهارات تنفيذية تشمل الثقة والهدوء والتعاطف وسرعة البديهة.

ويعد الحاكمان من الشخصيات المحتمل ترشحها للرئاسة مستقبلا، بينما يستمر العمدة، الذي يغادر منصبه العام المقبل، في الإضافة إلى سجل أعماله الوطني. ومما لا شك فيه أن الثلاثة يدركون أن حظوظ السياسيين لا تتحدد كثيرا بكيفية تعاملهم مع العواصف الهائلة، إلا أن نهاية سمعتهم قد تكون بين الضحايا.

إليك اقتراح بلومبيرغ المتهور الاندفاعي الذي أتى وسط عاصفة ديسمبر (كانون الأول) عام 2010. حين نصح السكان بالجلوس والاستمتاع بعرض «برودواي». كيف للآلاف من سكان نيويورك الذين استيقظوا على شوارع تملؤها الثلوج مما جعل حركة السير بها مستحيلة، أن يرتاحوا؟ لقد أصبحت العاصفة هي النقطة السوداء في ولاية العمدة الثالثة.

وفي مؤتمر إعلامي يوم الاثنين كان بلومبيرغ، الذي تبنى نهجا أكثر تأنيا وتمهلا في العام الماضي خلال إعصار «آيرين»، عمليا ومباشرا يذكر أرقاما خاصة بشبكات الكهرباء والأطوال الموجية، لكن العمدة، الذي يتدخل في حجم علب المياه الغازية وقوائم الطعام في المطاعم، لم يستطع مقاومة الإشراف الدقيق كما ينبغي على العمدة أن يفعل. وقال بلومبيرغ: «قد يكون هذا وقتا ملائما للمكوث في المنزل. أخرجوا شطيرة من الثلاجة، واجلسوا وشاهدوا التلفزيون». واقترح بلومبيرغ فيما بعد على سكان نيويورك «قراءة كتاب جيد». لقد كان هذا هو خامس مؤتمر إعلامي يعقده بلومبيرغ عن العاصفة منذ يوم الجمعة، ولم يستطع أن يخفي علامات الإرهاق والتعب؛ فقد أخذ يتلعثم في اسم جسر غويثلز عند محاولة نطقه بين كلمتي نيوجيرسي وجزيرة ستاتان. إنه خطأ من السهل الوقوع فيه.

وعندما يكون بلومبيرغ رزينا، يفضل كريستي من نيوجيرسي الشغف. ففي مؤتمره الإعلامي الذي عقده يوم الاثنين، تجنب كريستي التعبير عن الموقف السياسي الموحد في مثل هذه المواقف، وفضل الخروج عن التقاليد. وفي حال نسي أي من المشاهدين من الذي كان ينتقدهم على شاشات التلفزيون، جاءت السترة تحمل اسم كريستي ومطرز على صدرها لقبه. وقال كريستي وهو يشرب من زجاجة مياه معدنية: «إن هذا لغباء»، وأخذت نبرته تزداد عدوانية وهو يناقش أمر سكان السواحل في ولايته ورفضهم مغادرة منازلهم. وقال الحاكم: «إنهم الآن في مواجهة خطر. لقد كانت هذه القرارات غبية وأنانية».

ويعرف عن كريستي نزوعه إلى الشجار، فقد التقط له مقطع خلال الصيف وهو يتشاجر مع أحد سكان دائرته في جيرسي شور لأنه صاح في وجهه. مع ذلك ربما كان يدرك الطبيعة الحساسة للإعصار القادم، لذا كانت نبرته هادئة عند ختام مؤتمره يوم الاثنين. وهدأ الحاكم من نبرته وهو يخاطب أطفال نيوجيرسي. وقال بصوت هادئ في الوقت الذي تصم فيه الضجة الآذان على مواقع التواصل الاجتماعي: «لا يوجد أي سبب يدعو إلى الخوف، فلتحافظوا على هدوئكم. إن البالغين يتولون الأمر».

وكان كومو يشاهد مساء يوم الاثنين اشتداد العاصفة في لونغ آيلاند، ثم شاهد الفيضان في نفق بروكلين باتري. وقبل ذلك كان يتحدث في مؤتمرين إعلاميين منفصلين في مانهاتن ولونغ آيلاند، حيث ظل ودودا ولين العريكة، ويخصص الأسئلة الفنية للضباط. وقدم نصيحة عملية قائلا: «لستم بحاجة إلى الذهاب إلى الشاطئ من أجل التقاط صور»، وقدم بعض المساعدة المعنوية من الحاكم. وقال كومو: «لا تزال قدرة سكان نيويورك على النهوض والتصدي للكارثة تذهلني. نحن معروفون بالشجاعة والصلابة، لكننا أيضا نتمتع بحس الجماعة الذي يمثل حقا مصدر إلهام». مع ذلك هذا النهج المسترخي لكومو يناقض نهجه السابق القائم على الإحصاءات والحسابات والذي اتضح العام الماضي عندما أصبحت المؤتمرات الإعلامية ذريعة لشن حرب نفوذ بين المدينة والولاية. وعندما كان إعصار «آيرين» يهدد المدينة حاول كومو منع الرجل، الذي كان يشغل منصب رئيس هيئة نقل متروبوليتان آنذاك، من الظهور في مؤتمرات بلومبيرغ الصحافية، التي كانت تحظى بنسبة مشاهدة أعلى من مؤتمرات الحاكم. وتولى جاي والدر، الذي كان يشغل المنصب مؤقتا، منصبا جديدا في هونغ كونغ لاحقا. وظهر خلال إعصار «ساندي» العام الحالي جوزيف لهوتا، الذي حل محل والدر، في مؤتمرات كومو، حصريا.

* خدمة «نيويورك تايمز»