قطر: ما يحدث في سوريا «حرب إبادة» برخصة دولية للقتل

هيغ: موسكو وبكين تحولان دون اتخاذ موقف دولي موحد.. وأوغلو: لا حوار مع نظام يسفك دماء شعبه

آثار الدمار تبدو على مباني العاصمة السورية عقب القصف المروحي أمس (أ.ف.ب)
TT

بينما لا يزال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يسعى لحث الأطراف السورية على وقف العنف، قائلا إن «لا أحد محصن من المحاسبة على الجرائم الدولية»، يستمر المبعوث العربي الدولي الأخضر الإبراهيمي في «جولاته المكوكية» ومساعيه لإقناع الأطراف المؤثرة على المقاتلين بالخروج من الدائرة المغلقة، حيث توجه بالأمس من موسكو إلى بكين.

وفي غضون ذلك، شدد وزير الخارجية البريطاني على أن روسيا والصين تحولان دون موقف دولي موحد بشأن سوريا، مؤكدا على الاستمرار في دعم المعارضين والمدنيين السوريين بالمساعدات الإنسانية.. وبينما انتقد وزير الخارجية التركي دعوة نظيره الروسي سيرغي لافروف دول الجوار السوري لإجراء «حوار» مع نظام الأسد، قال رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني إن ما يحصل في سوريا ليس حربا أهلية كما وصفها الإبراهيمي، بل هي «حرب إبادة» بـ«رخصة» للقتل من الحكومة السورية والمجتمع الدولي الذي يبدو عاجزا عن التحرك بفاعلية لإنهاء النزاع.

وقال الشيخ حمد في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء القطرية: «نحن نعرف ما يجري في سوريا، هو ليس بحرب أهلية، ولكن حرب إبادة أعطي لها رخصة أولا من الحكومة السورية، وثانيا من المجتمع الدولي ومن المسؤولين في مجلس الأمن عن هذه الرخصة بالقتل. فما يجري ليس بحرب أهلية بقدر ما هو قتل».

وذكر الشيخ حمد أن بلاده كانت تعرف مسبقا أن الهدنة التي أعلن عنها خلال عيد الأضحى ستفشل بسبب موقف الحكومة السورية.

وأوضح الشيخ حمد: «كل الأطراف تعرف ما هو الحل المطلوب وتعرف ماذا يريد الشعب السوري.. وكل ما يجري الآن برأيي تضييع وقت وإعطاء رخصة لقتل الشعب السوري وتدمير مقدرات سوريا»، مشيرا إلى أن قطر ستطرح على اللجنة العربية الخاصة بسوريا سؤالا واضحا هو: «وماذا بعد الآن؟».

وقال المسؤول القطري إن بلاده تثق بالإبراهيمي، إلا أنه يتعين عليه أن «يضع فكرة واضحة لكيفية حل هذا الموضوع أمام مجلس الأمن وبدء مرحلة انتقالية». وحول الموقف الغربي والجهود الدبلوماسية إزاء النزاع في سوريا، قال الشيخ حمد إن «الوضع الغربي ليس على المستوى المطلوب»، متوقعا أن يكون هناك «شلل في الأسبوعين أو الثلاثة المقبلة»، حتى ما بعد الانتخابات الأميركية.. موضحا أن بعد الانتخابات «نستطيع أن نركز أكثر في ماذا سنقوم به بين الدول الأوروبية وأميركا والعالم العربي، وكل الدول المحبة لمناصرة الشعب السوري».

من جانبه، شدد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ على أنه، على الرغم من التحسن في صورة التعاون بين أحزاب المعارضة السورية، فإنه من الضروري بذل جهود أكثر لضم واحتواء كل السوريين بمختلف عقائدهم الدينية وأصولهم العرقية.. واعتبر أن سوريا تواجه «تهديدا داخليا» جراء الحرب الأهلية التي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 30 ألفا، ويستغل من قبل أطراف خارجية.

وقال هيغ، في خطاب أمام نواب البرلمان البريطاني، أمس، إن 14 ألف سوري قتلوا منذ فشل الأمم المتحدة بالاتفاق على آلية حل وإنهاء الحرب الأهلية في سوريا التي أثارتها حملة «الكبت الوحشي» من قبل نظام الأسد ضد المطالبين بالديمقراطية.

وجدد هيغ إلقاء اللوم على روسيا والصين لاستخدامهما حق النقض (فيتو) لمنع قرار من مجلس الأمن الدولي يضع حلا استراتيجيا سلميا للأزمة ويؤدي إلى تنحي الأسد من منصبه، مشيرا إلى أنه «منذ محاولة تمرير قرار لمجلس الأمن حول سوريا، قتل عشرات الآلاف من المدنيين هناك، مما يعد عقبة كبيرة بوجه جهودنا الدبلوماسية».

وأقر هيغ أن «الحرب الأهلية أزمة لا يمكن محاصرتها»، إلا أنه أعرب عن أمله أن يتوصل اجتماع المعارضة السورية المرتقب في الدوحة الأسبوع المقبل إلى اتفاق لتشكيل حكومة انتقالية سورية.

وفي سياق ذي صلة، أكد وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو، دعم تركيا للاتصالات الجارية، من أجل تأسيس حكومة سوريا انتقالية، حسب اتفاقية جنيف، معلنا أنه ليس ممكنا الحوار مع نظام يسفك دماء شعبه، حتى في فترة العيد.

وأعرب أوغلو للصحافيين، أمس، عقب لقائه مع نظيره الكوستاريكي، عن حزنه لعدم نجاح خطة وقف إطلاق النار في سوريا. وقال: «لا يمكن أن يكتب لخطة الهدنة النجاح في ظل القصف الجوي المستمر لقوات النظام السوري ضد محافظة إدلب والأحياء الجنوبية للعاصمة دمشق»، مشيرا إلى أنه سيلتقي مجددا بالإبراهيمي، بعد إنهاء الأخير لقاءاته مع الطرف الروسي، وآخرين.

وشدد أوغلو على ضرورة سعي كل الأطراف من أجل وقف سفك دم الشعب السوري، وتلبية مطالبه المشروعة، مؤكدا أن مجلس الأمن فشل في توجيه رسالة قوية للنظام السوري، مما شجع نظام دمشق على مواصلة قصف المناطق والأحياء المدنية.

وفي المقابل، انتقد المتحدث باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي وزير الخارجية التركي بشدة، معتبرا أنه (داود أوغلو) ما زال مصمما على الاستمرار في جر وتوريط الشعب التركي بسياسات الحكومة التركية، وأنه «ما زال يتبنى منهج الهروب للأمام، ورفض إجراء أي مراجعة نقدية لسياسات هدامة».

ورأى أن «عدم الالتزام التركي والخليجي بإنجاح قرار وقف العمليات العسكرية الذي التزمت به سوريا يشكل تقويضا من هذه الأطراف لمهمة الإبراهيمي، عبر الاستمرار بسياسة تمويل وتسليح المجموعات المسلحة». مؤكدا أن سوريا ستبقى حريصة على العلاقات التاريخية والأخوية التي تجمع بين الشعبين السوري والتركي، والتي لن تنجح أي حكومة بالإساءة إليها».