«ورقة جنيف» تعود اليوم إلى دائرة البحث وباريس تتمسك بوجود «دينامية» خاصة بها

مصادر فرنسية رسمية: يتعين اقتناص كافة الفرص

TT

يحضر الملف السوري وتشعباته بقوة في باريس اليوم وفي الأيام القادمة إذ سيكون الموضوع الرئيسي في المحادثات التي سيجريها وزيرا الخارجية والدفاع الروسيان سيرغي لافروف وأناتولي سيردياكوف مع نظيريهما لوران فابيوس وجان إيف لودريان وكذلك مع الرئيس فرنسوا هولاند في قصر الإليزيه. كما أن الأخير سيثير الملف السوري مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يجري معه محادثات ظهر اليوم.

وتتسم المحادثات الفرنسية - الروسية، التي تندرج في إطار المشاورات السنوية لمجلس التعاون الفرنسي - الروسي حول مواضيع الأمن، أهمية خاصة بصدد سوريا بعد فشل «هدنة الأضحى» التي تولى المفاوضات بشأنها المبعوث العربي - الدولي الأخضر الإبراهيمي، وسعي موسكو والإبراهيمي معا إلى «تعويم» ما يسمى «ورقة الطريق» التي تمت بلورتها في جنيف أواخر يونيو (حزيران) الماضي.

ويختلف الغرب وروسيا على «قراءة» الورقة المذكورة التي تدعو إلى عملية انتقال سياسية وإلى إنشاء حكومة أو هيئة تتولى السلطات التنفيذية ويمكن أن تضم شخصيات من النظام الحالي، ولكن بشرط موافقة جميع الأطراف عليها. وفيما يقول الغربيون إن الورقة تدعو لرحيل الأسد يؤكد الجانب الروسي العكس.

وقالت مصادر فرنسية رفيعة المستوى أمس إن «كل ما من شأنه أن يضع حدا للعنف ويوقف القتل ويسرع في عملية الانتقال السياسي أمر إيجابي». غير أنها استدركت قائلة إنها «لا ترى أي تقدم من جانب النظام السوري باتجاه عملية الانتقال السياسي، بل إن ما يفعلونه هو العكس تماما».. ورغم ذلك، أكدت أنه يتعين «اقتناص أي فرصة» يمكن أن تحين.

وأهمية عودة البحث بورقة إلى جنيف مزدوجة المصدر: الأول أنه - حتى تاريخه - لم يتم التوصل إلى أي وثيقة غير وثيقة جنيف التي وافق عليها كافة أعضاء مجلس الأمن وأيدتها الأطراف التي كانت حاضرة في جنيف بدعوة من المبعوث السابق كوفي أنان. والثاني أن المعولين على انهيار سريع لنظام الأسد لم تتحقق توقعاتهم، وبالتالي فإن ثمة من يرى أنه «يمكن إعادة إحياء جنيف».

إلا أن مصادر فرنسية رسمية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» عبرت عن رؤيتها للشروط والظروف التي يمكن تصورها من أجل السير بالورقة المذكورة، وأولها أن تكون لهذه الوثيقة «ديناميتها» الخاصة، بمعنى أن تحدد المراحل التي يجب أن تقطعها والتي يتعين أن تكون منها مرحلة قبول الرئيس السوري قيام حكومة انتقالية لا يتدخل فيها، وصولا إلى المرحلة اللاحقة؛ أي تنحيه عن السلطة.

وطالما لم تتوفر هذه المراحل المفصلة، والتي يتعين أن تقبلها روسيا وتدعم تنفيذها، فإن خطة جنيف ستبقى كما كانت حتى الآن.. أي وثيقة ليس لها أثر فعلي من ناحية العملية السياسية. ووفق هذا العرض، بحسب دبلوماسي عربي في باريس، يكون الطرف الغربي قد قدم تنازلا مهما إذ أنه لم يعد يطالب بتنحي الأسد كشرط مسبق للسير بالعملية السياسية، وهو الأمر الذي تتمسك به المعارضة. وبالمقابل، فإنه يريد من موسكو أن تقبل خطة واضحة ومحددة ومرحلية وضمانات لتنفيذ العمل بها.

غير أن المصادر الفرنسية، رغم ترحيبها بالتشاور مع وزيري الخارجية والدفاع الروسيين، فإنها لا تبدو متشجعة من قبول موسكو الالتزام برحيل الأسد في مرحلة من المراحل. وسبق للوزير لافروف أن أبدى تصلبا خلال اجتماعه مع نظرائه الأوروبيين في الخامس عشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول)، الأمر الذي خيب آمالهم وتوقعاتهم من احتمال حصول تغير ذي معنى في مواقف روسيا.

وتعتبر باريس أنه يتعين «مواصلة الحوار» مع موسكو.. لكن مصادرها تعتبر في الوقت عينه أن الطرف الروسي يرى أن «أمامه الوقت الكافي» ولا شيء يدعوه للاستعجال في التخلي عن مواقفه لأسباب كثيرة، أهمها أن نظام الأسد ما زال قائما وأن زمن التفاوض لم يحن أجله بعد؛ بانتظار أن ينتهي الأميركيون من انتخاباتهم الرئاسية والتشريعية وأن ينخرطوا فعلا في البحث عن حل للأزمة السورية، ما يعني عندها أن زمن كشف الأوراق الحقيقية قد بدأ.