مصادر رئاسة الجمهورية لـ«الشرق الأوسط»: الأجواء لا توحي بحوار قريب.. وبحث استراتيجية الرئيس في 29 نوفمبر

قوى 14 آذار تدعو لتشكيل حكومة إنقاذ ومقاطعة ميقاتي

TT

بينما يعاود مجلس الوزراء اللبناني اليوم نشاطه بعد أكثر من 10 أيام على انطلاق حملات المعارضة المطالبة برحيل الحكومة نتيجة اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن، صعدت بالأمس قوى 14 آذار من حملتها ضد الحكومة، معلنة عن وثيقة سياسية توافقت عليها بكل مكوناتها، تدعو لمقاطعة شاملة للحكومة ولتشكيل حكومة إنقاذية يكون بيانها الوزاري إعلان بعبدا.

وحثت الوثيقة التي تلاها رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة بعد اجتماع لقيادات 14 آذار في بيت الوسط، اللبنانيين على رفض الأمر الواقع، لافتة إلى أن إسقاط الحكومة لا يتم من خلال منطق المواجهة في الشارع بل من خلال المقاطعة الشاملة لهذه الحكومة، واستخدام كل الوسائل الديمقراطية وأساليب التحرك الشعبي السلمي لتحقيق الأهداف المنشودة.

وحذرت الوثيقة من 4 أخطار تحدق بلبنان، أولها عودة الاغتيالات وسيلة لتعطيل الحياة السياسية، ثانيا: سعي النظام السوري لنقل مشكلته إلى لبنان، ثالثا: محاولات حزب الله استدراج حرب إسرائيلية على لبنان، ورابعا: خطر الإطباق على الدولة وتغيير طبيعتها.

في هذا الوقت، يستمر رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بإجراء مشاورات مع القيادات الوطنية مستمعا لطروحاتها عن كيفية الخروج من الأزمة، وهو بحسب مصادر رئاسة الجمهورية: «لا يحمل أي مبادرة خاصة به، بل ينطلق من ثابتة أساسية تكمن في عدم وجوب المغامرة بتغيير الحكومة طالما أننا لم نتفق بعد على بديل». وتقول هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس سليمان يشدد أمام زواره على أن أي مطالبة بتغيير حكومي يجب أن يسبقها توافق على شكل هذه الحكومة وكل تفاصيلها، باعتبار أنه، في الظروف العادية، قد يطول تشكيل الحكومات لـ4 و5 أشهر، فكيف الحال في ظل ظروف مشابهة؟».

وتوضح المصادر أن «الأجواء الحالية لا توحي بحوار قريب بين الأقطاب»، لافتة إلى أن «جلسة الحوار التي كان من المقرر انعقادها في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) لبحث الاستراتيجية الدفاعية التي كان قد طرحها الرئيس سليمان، تم تأجيلها لـ29 نوفمبر لأن رئيس الحكومة سيكون خارج البلاد خلال الثاني عشر من نوفمبر، ولإصراره على حضور الجلسة تم تأجيلها».

وبموازاة تصعيد قوى 14 آذار التي لا تزال متمسكة بمقاطعة أعمال اللجان النيابية، جدد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التأكيد على أنه باق في موقعه، لافتا إلى «أن الأمور الوطنية لا تحل بالعناد والمكابرة أو بالمواقف الانفعالية، بل بالحوار لبلورة قواسم مشتركة يلتقي حولها جميع اللبنانيين، وتحصن وطننا في هذه الظروف الإقليمية الخطيرة». وقال: «إننا ماضون في تحمل المسؤولية، لأن الظروف الراهنة تتطلب ذلك، ولا يمكن أن نترك البلد في فراغ قد يؤدي إلى الفوضى، والمطلوب من جميع القيادات، بدل اللجوء إلى السلبية والمقاطعة، التلاقي على طاولة الحوار، لأنه بالحوار وحده يمكننا التوافق على الخطوات التي تحمي لبنان وتبعد عنه شبح الفراغ والانقسام».

وأضاف: «نسمع هذه الأيام الكثير من المواقف الانفعالية، التي يدرك أصحابها قبل سواهم عدم صحتها، لكنني أؤكد أن أي موقف لا يمكن أن يؤثر في قناعاتي الوطنية والشخصية بالمضي في تحمل المسؤولية طالما تقتضي الظروف ذلك، وكما سبق وقلت في أكثر من مناسبة، تعالوا لنتفق على ما يحمي وطننا ويحصنه من الأخطار، بدل اللجوء إلى السلبية والمقاطعة التي أثبتت عدم جدواها في السابق، وليكن تفاهمنا إيذانا ببدء مرحلة جديدة تحمي لبنان وتحصن قياداته وشعبه ضد الأخطار».

وتتلاقى مواقف ميقاتي مع مواقف دولية تؤكد على وجوب الحفاظ على استقرار لبنان، وفي هذا الإطار قال المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي بعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري: «لا تزال أولويتنا أمن لبنان واستقراره خلال هذه الفترة، وننتظر نتائج المشاورات التي يقوم بها فخامة رئيس الجمهورية ميشال سليمان مع القادة السياسيين في لبنان، ونأمل أن يؤدي هذا التشاور إلى نتائج ترضي جميع الأطراف اللبنانيين».

وفي سياق متصل، حذر قائد الجيش العماد جان قهوجي من «خطورة بقاء عاصمة الشمال طرابلس تحت رحمة المسلحين»، مؤكدا «إصرار الجيش على حماية استقرار المدينة، وتواصله الدائم مع فعالياتها الروحية والسياسية لمعالجة تداعيات الأحداث».

وخلال تفقده الوحدات العسكرية المنتشرة في طرابلس في إطار متابعة الخطة الأمنية التي وضعتها قيادة الجيش، أشار إلى «الحوادث الأخيرة التي جرت في بيروت وطرابلس ومناطق لبنانية أخرى»، لافتا إلى «وجود مجموعات غير منضبطة، استفادت من المناخ السياسي المأزوم لتعبث بأمن المواطنين»، ومؤكدا أن «الجيش لن يتساهل مع هؤلاء، وأنه اتخذ تدابير أمنية فاعلة في المناطق التي تحوي تجمعات غير لبنانية»، داعيا جميع المقيمين والوافدين إلى لبنان إلى «احترام سيادته وحرمة أراضيه».

كما دعا العسكريين إلى «التعامل مع أبناء طرابلس كافة على قدم المساواة، فالجيش يقف مع جميع الفرقاء السياسيين إذا كانوا تحت سقف القانون، وهو ضد جميع الفرقاء إذا خرقوا السلم الأهلي»، مشددا على «وجوب تمسكهم بالمناقبية والانضباط، والابتعاد عن السجالات السياسية والفئوية للحفاظ على صورة المؤسسة العسكرية».