كلينتون تدعو طهران إلى مفاوضات «جدية» حول برنامجها النووي

نتنياهو يسعى لـ«طمأنة» الدول العربية قبيل وصوله إلى باريس لمحادثات مع هولاند

وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون خلال لقائهما مع ممثل المسلمين في الرئاسة الجماعية للبوسنة بكر عزت بيغوفيتش (الثاني من اليمين) وعضوي الرئاسة البوسنية نبوجسا رادمانوغفيتش (الثالث من اليمين) وزيلكو كومسيك (اليمين) أمس في سراييفو (رويترز)
TT

دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي تزور البوسنة أمس إيران مجددا إلى بدء مفاوضات «جدية» حول برنامجها النووي المثير للجدل مذكرة بأن «نافذة المفاوضات» لن تكون مفتوحة «إلى ما لا نهاية». ودعت كلينتون طهران إلى قبول «مفاوضات جدية بنية حسنة» في هذا الخصوص.

وقالت كلينتون «رسالتنا لإيران واضحة.. نافذتنا (للتفاوض) لتبديد مخاوف المجتمع الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني بالسبل الدبلوماسية تبقى مفتوحة لكنها لن تبقى كذلك إلى ما لا نهاية».

ولم تؤد عدة جولات من المفاوضات بين إيران ومجموعة 5+1 المكونة من الدول الخمس دائمة العضوية بالإضافة إلى ألمانيا إلى أي تقدم في إيجاد حل سلمي للبرنامج النووي الإيراني.

وتؤكد إيران أن برنامجها النووي لأغراض سلمية في حين يشتبه الغربيون وإسرائيل بأن النظام الإسلامي يطور سرا أسس ترسانة ذرية.

ونفت إيران والولايات المتحدة أي اتفاق لبدء مفاوضات ثنائية حول برنامج طهران النووي بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية كما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز». وتراجعت مؤخرا حدة التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم على البرنامج النووي الإيراني بعد تصريحات غربية وإسرائيلية حول مدى تأثير العقوبات الدولية على إيران مما سيدفعها إلى الرضوخ لحل الخلاف حول برنامجها النووي بطريقة سلمية.

وفي موضوع ذي علاقة حظرت إيران تصدير نحو 50 سلعة أساسية إذ تأخذ طهران خطوات للحفاظ على إمدادات السلع الضرورية في مواجهة تشديد العقوبات الغربية حسبما أكدت وسائل إعلام إيرانية أمس. وتتعرض إيران لضغط مالي مكثف بسبب القيود التجارية التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا بسبب برنامجها النووي. وأدت العقوبات على مدى العام المنصرم لتراجع حاد في صادرات النفط وهي المصدر الرئيسي للعملة الأجنبية والإيرادات الحكومية في إيران. وهوى الريال الإيراني هو الآخر بفعل مخاوف أن لا يستطيع المركزي الإيراني الدفاع عن قيمته ما جعل الاستيراد أكثر صعوبة وأعلى تكلفة.

ووفقا لخطاب نشرته وسائل إعلام إيرانية أمس من نائب وزير الصناعة سيد جواد طغوي فإنه لم يعد بإمكان التجار الإيرانيين تصدير سلع من بينها القمح والطحين (الدقيق) والسكر واللحوم الحمراء بالإضافة إلى الألمونيوم والصلب. وقال الخطاب أيضا إنه سيجري إعلان قائمة أخرى من المنتجات المحظورة في وقت لاحق. وقالت وكالة مهر للأنباء إن الحظر يشمل إعادة تصدير بعض السلع المستوردة بدولارات مدعومة من الحكومة.

وتوفر الحكومة الإيرانية الدولار بسعر 12 ألفا و260 ريالا للدولار لسلع معينة. وفي السوق المفتوحة يبلغ سعر الدولار 32 ألف ريال. وفي الشأن ذاته قالت صحيفة «نيكي» الاقتصادية نقلا عن مصادرها أمس إن اليابان تسعى للحصول على إعفاء من عقوبات أميركية جديدة مقترحة على إيران قد تؤدي في الواقع إلى تجميد استخدام طهران للمدفوعات مقابل واردات النفط.

من جهة اخرى, استبق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، زيارته لباريس التي يصل إليها اليوم لإجراء محادثات مع الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، يتوقع أن يتصدر أجندتها البرنامج النووي الإيراني، بمحاولة لإقناع الدول العربية، بأن هجوما قد تشنه إسرائيل على إيران، سيكون مفيدا لها «لأنه سيبدد خطرا يحتمل أن تتعرض له المنطقة، ويخفف من حدة التوتر في الشرق الأوسط».

ووجه نتنياهو إلى إيران، تهديدات مستترة بمهاجمة برنامجها النووي، وناشد الولايات المتحدة والأمم المتحدة أن تضعا لإيران حدا لا تتجاوزه في أي أعمال تطوير أخرى لبرنامجها النووي.

وقال نتنياهو في مقابلة مع مجلة «باري ماتش»، نشرت أمس، إن مثل هذا الهجوم لن يؤدي إلى تفاقم التوتر في المنطقة، كما يحذر كثير من المنتقدين. ونقلت «رويترز» عن «باري ماتش»، قول رئيس الحكومة الإسرائيلية: «أعتقد أن شعورا بالارتياح ينتشر في المنطقة بعد خمس دقائق (من الهجوم) خلافا لما يقوله المتشككون». وتابع: «إيران ليست محبوبة في العالم العربي، بل على العكس، وبعض الحكومات في المنطقة، وكذلك مواطنوها، يدركون أن تسلح إيران نوويا يمثل خطرا عليهم لا على إسرائيل وحدها».

وكان نتنياهو قد أبلغ الأمم المتحدة الشهر الماضي، بأن شن أي هجوم سينتظر إلى الربيع أو الصيف، مشيرا إلى أن إيران ستكون بحلول ذلك الوقت، قاب قوسين أو أدنى من امتلاك سلاح نووي.

ويلتقي نتنياهو، الذي يخوض حملة للانتخابات التي ستجرى في يناير (كانون الثاني) المقبل، في باريس التي وصل إليها اليوم، الرئيس الفرنسي على غداء عمل. وتكمن أهمية زيارته التي تستغرق يومين، في كونها «أول فرصة» لنتنياهو للتحدث مع الرئيس هولاند، ويأمل من خلالها في بناء علاقة عمل جيدة مع الرئيس الفرنسي، بحسب ما صرح به مصدر مقرب من نتنياهو لوكالة الصحافة الفرنسية.

ومنذ توليه الرئاسة قبل خمسة أشهر، لم يلتق هولاند بنتنياهو شخصيا، رغم أنه تحدث معه هاتفيا، بينما التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرتين في باريس. وكانت آخر مرة زار فيها نتنياهو باريس، في مايو (أيار) 2011، عندما سعى إلى الحصول على دعم فرنسا لوقف المبادرة الفلسطينية الساعية إلى الحصول على عضوية دائمة في الأمم المتحدة.