الصراع في سوريا يثير نعرات قبلية وآمالا للسنة في العراق

شيوخ عشائر الأنبار يعترفون بدعم المقاتلين السوريين من أجل وصول نظام سني

TT

في دور الضيافة وفي مساجد محافظة الأنبار العراقية تحول موضوع الحديث في التجمعات القبلية السنية من الجدال المعتاد حول السياسة المحلية إلى مسألة أكثر إلحاحا، وهي الصراع الحالي في سوريا المجاورة. ويهتم الكثيرون في المحافظة التي كانت في يوم ما معقل تنظيم القاعدة في البلاد أكثر بمساعدة أتباع مذهبهم. وتمتد العلاقات بين أتباع المذهب السني عبر الحدود، ويقول زعماء قبائل ومجتمعات سنية إن قبائل عراقية ترسل أغذية وإمدادات بانتظام لأقارب سوريين لها.

ويدعم بعض السنة في العراق صراحة مقاتلي الجيش السوري الحر المعارض للرئيس السوري بشار الأسد بالسلاح عندما تسمح الأوضاع على الحدود بهذا، لكن كثيرين يتأهبون أيضا ليوم الإطاحة بالأسد وتولي نظام سني الحكم في سوريا مما سيعطيهم قوة توازن القوة الشيعية التي نمت باطراد في بغداد منذ سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين.

وقال الشيخ عبد الرحمن علي الزوبعي، رئيس مجلس عشائر الفلوجة، إن بغداد تساعد الأسد لأسباب طائفية، لكن عندما يرحل الأسد فإنه سيكون للسنة نظام شقيق يقوي ظهرهم. وبالنسبة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وزعماء شيعة آخرين في العراق، فإن احتمال ظهور زعيم سني في الجوار هو سيناريو كابوسي. ويخشى هؤلاء من أن يجعل هذا الأمر الزعماء السنة في العراق أكثر جرأة وقد يدفع المقاتلين في سوريا إلى تحويل أنظارهم للعراق.

ومع وفرة السلاح في محافظة الأنبار العراقية واقتراب القتال من منطقة الحدود المضطربة تتنامى المخاوف الأمنية. ويقول العراق إن إسلاميين سنة يعبرون الحدود إلى سوريا، ويعتقد خبراء أمنيون أن موالين لـ«القاعدة» نشطوا بسبب أموال وسلاح حصلوا عليها نتيجة الصراع في سوريا.

وفي مؤشر على جر الأزمة السورية لجيران دمشق في حرب بالوكالة يقاتل متشددون شيعة عراقيون في سوريا في صفوف قوات الأسد وأعلنوا ولاءهم للزعيم الأعلى الإيراني. ويعترف مسؤولون عراقيون ومهربو أسلحة بأن الصراع المحتدم أدى إلى زيادة الطلب في سوق الأسلحة بالعراق.

وخوفا من تسلل متمردين عبر الحدود إلى العراق أمر المالكي في وقت سابق من العام الحالي بإغلاق معبر القائم الحدودي في الأنبار ولم يسمح إلا مؤخرا للاجئين من النساء والأطفال بعبور الحدود. وعززت كتائب في الجيش من خارج الأنبار الحدود حيث عادة ما تتبادل القوات النار مع مقاتلين سوريين ومهربين.

وقال الشيخ علي حاتم سليمان زعيم قبيلة الدليم القوية، لـ«رويترز»، في منزله ببغداد، إنه طلب من أبناء قبيلته دعم الشعب السوري وإنهم يختارون الطريقة التي يرونها مناسبة.

وتعجب الشيخ سليمان من تحريم دعم الشعب السوري، بينما يدعم المالكي وإيران نظاما «إجراميا». وعلاقة الأنبار ببغداد معقدة.. فبعد الانضمام في بادئ الأمر إلى حركات التمرد ضد القوات الأميركية تحول الزعماء القبليون السنة ضد «القاعدة» وساعدوا على تشكيل مجالس الصحوة، وهي ائتلاف مهلهل من المقاتلين الذين ساعدوا على تحويل دفة الحرب في عام 2007.

ويقول زعماء قبليون إن المالكي لم يوف بعهده بدمج مقاتلي الصحوة في قوات الأمن الوطني العراقية، لكن بعض الزعماء في الأنبار ما زالوا يعتقدون أن عليهم إما العمل مع حكومة المالكي وإما المجازفة بفقدان النفوذ السياسي ويشعرون بحذر أكبر تجاه قدر المساعدة التي يقدمونها للمقاتلين السوريين. وقال قاسم محمد، محافظ الأنبار، إن خلافاته الكثيرة مع المالكي بشأن مشاريع تنمية المحافظة لا تمنعه من العمل مع بغداد، وأضاف أنه «من الناحية التاريخية لم يتمكن أحد من السيطرة على حدودنا مع سوريا»، مفيدا بأنه «لكن على الأرض لا توجد مساعدة عسكرية جدية لسوريا بل هناك بعض المساعدات الإنسانية مثل الدواء والغذاء».

ويقول مهربو أسلحة ومسؤولو أمن عراقيون إن أسعار بنادق «كلاشنيكوف» وأسلحة القناصة والمسدسات في العراق ارتفعت لأربعة أمثالها مع تنامي الطلب في سوريا. وتقع محافظة الأنبار العراقية على الحدود مع السعودية والأردن إلى جانب سوريا، وجعلت التلال النائية والكهوف والمسارات الخفية من المحافظة ملاذا للمهربين لأزمنة طويلة. وأحيانا ما يتم التهريب على متن قوارب في نهر الفرات الذي يجري في أراضي العراق وسوريا.

وقال قاسم، وهو تاجر أسلحة، لـ«رويترز»، في بغداد، وهو ينفث دخان سيجارته: «الأمر ليس سرا. بدأ الطلب على الأسلحة منذ بدء الانتفاضة السورية وتم إرسال الأسلحة إلى الأنبار والموصل في طريقها إلى سوريا»، مضيفا: «نعلم أنها ستذهب إلى سوريا وكنا نحاول مساعدتهم. ونرى أنه يجب دعم أشقائنا المسلمين بالمال والسلاح».

ودفعت تقارير مخابرات صادرة عن الشرطة الوطنية تشير إلى أن محافظات سنية في العراق تخزن أسلحة تحسبا لتفجر العنف الطائفي، أربعة زعماء دينيين شيعة إلى إصدار فتوى بتحريم بيع الأسلحة إلى خارج المناطق الشيعية.