رئيس المجلس الأهلي في تعز: المحافظة تشهد انفلاتا أمنيا.. وقوى بينها إيران تدعم ما يحدث

الدكتور الذيفاني لـ «الشرق الأوسط»: شكلنا لجانا شعبية للمساهمة في حفظ الأمن.. والنظام السابق سلح المواطنين

TT

يتحدث الدكتور عبد الله الذيفاني، رئيس المجلس الأهلي في تعز في هذا الحوار مع «الشرق الأوسط» عن الأوضاع الأمنية المتفاقمة والمنفلتة في محافظة تعز، كبرى المحافظات اليمنية من حيث السكان، وعن الصراع العسكري المسلح والتداعيات التي أسفرت عن مقتل العشرات، إضافة إلى الانفلات الأمني والصراعات القبلية والمذهبية الدخيلة على محافظة تعز. ويتطرق الحوار مع الدكتور الذيفاني إلى التدخلات الإيرانية في تعز على وجه الخصوص، وانتشار المؤيدين لجماعة الحوثيين في المحافظة التي تعد من أوائل المحافظات التي خرجت إلى الشارع بقضها وقضيضها للمطالبة برحيل نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

ويؤكد الدكتور الذيفاني أن تعز تشهد صراعات مختلفة، سياسية واجتماعية، وأن هناك مساعي لتحويلها إلى منطقة قبلية بدلا من محافظة مدنية، فإلى نص الحوار:

* التطورات الأمنية في تعز ما أسبابها ومن يقف وراءها بالضبط؟

- ما يحدث في تعز هو نتاج للانفلات الأمني بكل معنى الكلمة، والمسؤول عنه أطراف وشخصيات وقوى لا تريد لهذه المحافظة أن تستقر، ولا تريد لها أن تدخل مرحلة جديدة من التغيير، فانتشار الأسلحة في أيدي الناس في مرحلة من المراحل، بسبب أن كثيرين وزعوا الأسلحة والجميع يعلمون أن النظام السابق وزع أسلحة على كثير من الناس، وتحولت تعز إلى سوق أسلحة، وزرعت شخصيات جديدة كمراكز قوى على أساس إحداث تغيير في التكوين المجتمعي في تعز من حيث القرار والتأثير عليه، وقلنا إن الناس يجب أن يفيقوا وأن يضعوا نصب أعينهم أن تعز هي الأعلى والأغلى، وأن عليهم جميعا أن يلتفوا حول الحقيقة التي لا ينبغي أن تغيب عن ذهن أي أحد منهم، وهي أن تعز بحاجة لكل جهد من أجل البناء والتنمية والاستقرار، وأن يعاد إلى تعز وجهها الحضاري والمدني الذي افتقدته، للأسف الشديد، بفعل فاعل وأسماء الذين يعبثون بالأمن معروفة، ومواقعهم الاجتماعية معروفة، وأيضا مواقعهم الإدارية معروفة، والمطلوب هو اتخاذ قرار جريء من أجل إنهاء هذه المهزلة التي تحدث في تعز، والتي تحولت إلى عصابات هنا وهناك ويروعون الناس ويفقدونهم السكينة والاستقرار داخل هذه المدينة، وأخشى أن تمتد هذه الأحداث إلى خارج المدينة، وهو ما بدأ يحدث الآن، حيث امتدت إلى مديرية التعزية وماوية، وربما تمتد إلى مناطق أخرى بينما يتفرج الناس (السلطة)، وكنا نعتقد أن توقيع الجميع والسلطة معهم على ميثاق شرف في رمضان الماضي سيضع حدا لهذه الأعمال الطائشة التي بعضها ممولة من الداخل وبعضها ممولة من الخارج وتقف وراءها أجندات وطموحات أن تكون تعز من المحافظات التي ينبغي أن تسلخ لتصبح ضمن تصور جديد.

* هل تقصد بالتمويل الخارجي الإيرانيين بدرجة رئيسية؟

- كل القوى موجودة في تعز، كل الممولين لما يحدث في اليمن موجودون في تعز، فهي واحدة من الساحات، إيران موجودة وغيرها، أيضا، موجود.

* هل يمكن وضع صورة لمدى التغلغل الإيراني أو الحوثي في تعز مؤخرا؟

- الحركة الحوثية موجودة في تعز كما هي موجودة في كل المحافظات، والمتابع والمهتم بالشأن السياسي يعرف أن الحوثيين صار لهم وجود في كل منطقة حتى في المناطق التي كانت لا تعرف المذاهب (التعدد) كعدن وتعز وحضرموت، أصبحت لها ثقل سياسي ولا نقول ثقلا مجتمعيا، دخلوا بتمويل وشعارات ربما شدت البعض وأعتقد أن الذين يذهبون معهم (يتبعونهم) ليس حبا فيهم، ولكن نكاية بغيرهم، المسألة هي تصفية حسابات وللأسف الشديد الكثير من المثقفين يقفون مع هذا أو ذاك وبعضهم يعلم والبعض الآخر لا يعلم أنه جندي «شطرنج» في مربعات ليس له فيها قرار أو مستقر أو مستودع، وإنما جندي يحرك أو لا يحرك ومن المؤسف أن تصبح تعز أو غيرها من المناطق المدنية تتحدث بلغة المذهب ولغة الشخصيات أو الطوائف.

* أنتم في المجلس الأهلي لماذا لم تمسكوا بزمام الأمور بعد سقوط النظام وما زالت سلطة الدولة والمحافظة قائمة؟

- نحن لنا وجودنا في تعز والمديريات ونعمل بصمت ونعتقد أن مهمتنا الأصلية هي لملمة المحافظة وليس المزيد من تمزيقها، نحن نسعى إلى أن تكون المحافظة صوتا واحدا ويدا واحدة لأننا خرجنا إلى الثورة من أجل إحداث تغيير حقيقي، ومن أجل دولة مدنية حديثة، وهذا همنا الكبير الذي نعمل من أجله، ولذلك شكلنا مجالس في عدد من المديريات وعملنا على تشكيل لجان شعبية تعمل على توعية الناس وحماية الأحياء، وبالأخص في المدينة، من حدوث تغلغل يؤثر عليها، لكننا نعمل بجهود ذاتية وبما تتوفر لدينا من قدرات.

* بم قمتم تجاه الانفلات الأمني الحاصل في تعز؟

- كما قلت لك، نحن سعينا وشكلنا لجانا شعبية تعمل على الإسهام في ضبط الأمن بقدر المستطاع وفي حدود الإمكانيات وليس ضبط الأمن بصورة تامة وحاولنا الترتيب لبعض الأمور مع السلطة المحلية وتحديدا مع الأخ شوقي هائل (المحافظ) من أجل العمل بصورة مشتركة لاستقرار الأمن وحاولنا من خلال الشخصيات الاجتماعية المنضوية في إطار المجلس الأهلي بأن وجهنا نداء أو مناشدة لكثير من الشخصيات في المحافظة ووضعنا وثيقة وقع عليها كثيرون وبالشراكة مع السلطة المحلية توصلنا إلى ميثاق الشرف الذي أعلن في رمضان الماضي، لكن ما يحدث في تعز ينبغي أن يعرف الناس أنه أكبر من قدراتنا نحن في المجلس ومن إمكانياتنا وجهودنا لن توفق أو تكلل بالنجاح إلا إذا وقفت القوى السياسية جميعها صفا واحدا ضد هذه الموجة الهمجية التي يمكن تحول تعز من محافظة مدنية إلى محافظة تحمل السلاح.

* هل يمكن أن توجز للقارئ ما يحدث في تعز بالضبط بصورة مختصرة؟

- ما يحدث في تعز ليس كله ذا أبعاد سياسية كما قد يعتقد البعض، وعما تحدثنا عنه الآن، أيضا هناك صراعات شخصية بين أفراد، هناك صراع على أراض، صراع على مواقع اجتماعية وبدأت تظهر أمور لم تكن موجودة في تعز من قبل، ليست كلها تصب فيما نتحدث عنه عن الثورة والثورة المضادة، هناك قضايا اجتماعية كما يحدث الآن في التعزية والموقف الذي انفجر في مفرق ماوية، ومع الأسف الشديد انتشار السلاح بأيدي الناس جعلهم يصفون حساباتهم عن طريق السلاح وليس عن طريق العقل والقانون والشرع، والمشهود لتعز أن الناس بها يتجهون إلى المحاكم للتخاصم والآن بدأوا يتجهون إلى القنابل والبنادق لتصفية حساباتهم.

* هل يمكنك أن تشير بأصابع الاتهام إلى جهة ما تقف وراء ما يجري في تعز وتغذيه؟

- ليست هناك جهة واحدة، هناك أكثر من جهة وأكثر من طرف، لكن بالنسبة للقضايا والجهات التي لها غطاء سياسي، فهي معروفة والقضايا الاجتماعية تتم تغذيتها مع الانفلات الأمني والمطلوب موقف حازم من السلطة تجاه الشخصيات التي تغذي الخلافات الاجتماعية، وعلى القوى السياسية أن تضع نصب عينها مثل هذه القضايا قبل أن تدخل في أي حوار سياسي (مؤتمر الحوار الوطني الشامل) وأن يعرف الجميع أن الأمن والاستقرار خط أحمر، ونحن حريصون، حاليا على ألا نقول أسماء أشخاص، وإنما نحرص على معالجة الأمور، لكن إذا تطلب الأمر سنضطر إلى إعلان ذلك بشكل صريح وواضح.