أميركا تلملم جراحها بعد العاصفة وتعود إلى جو الانتخابات

82 قتيلا على الأقل والأضرار 50 مليار دولار.. وأوباما يستأنف حملاته

سكان كوينز في نيويورك يسارعون للحصول على مواد غذائية بعد 3 ايام من انقطاع الكهرباء والامدادات عن المنطقة أمس (رويترز)
TT

بدأت مدينة نيويورك وعدة مدن في شمال شرقي الولايات المتحدة ضربتها العاصفة «ساندي»، تستعيد بعضا من الحياة الطبيعية مع إعادة افتتاح اثنين من مطارات نيويورك تدريجيا والبورصة، إلا أن أجزاء كبيرة من مانهاتن بقيت محرومة من الكهرباء أمس بعد أربعة أيام على العاصفة المدمرة، بينما تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما بتقديم دعم على المدى الطويل لمنكوبي العاصفة.

وتكونت طوابير عند محطات البنزين وسط نقص الوقود في المدن المتضررة بينما واصلت فرق الطوارئ مساعيها للوصول إلى المناطق الأكثر تضررا وإعادة الكهرباء لملايين الأشخاص.

وأكدت الشرطة في آخر حصيلة لها صباح أمس أن العاصفة أودت بحياة 34 شخصا في نيويورك، قضى غالبيهم إثر سقوط أشجار على منازلهم أو على سياراتهم. وقتل عدد صعقا بالتيار الكهربائي عندما انهارت خطوط التوتر العالي في المياه أو غرقا في الفيضانات التي غمرت مدنهم. وفي نيوجيرسي التي كانت من أسوأ المناطق تضررا شهدت البلدات الواقعة على المحيط غرق أحياء بأكملها تحت مياه البحر وتضاعف عدد القتلى إلى 12 شخصا. وتم تسجيل مزيد من الوفيات الليلة قبل الماضية مع اتضاح حجم الدمار في مقاطعة ستاتين أيلاند بمدينة نيويورك حيث أطاحت العاصفة بمنازل بأكملها. وانتشلت السلطات 15 جثة في ستاتين ايلاند. وقالت صحيفة «نيويورك بوست» إن من بين الأشخاص الذين لا يزالون في عداد المفقودين ولدين في الرابعة والثانية من العمر جرفتهما المياه من بين ذراعي والدتهما.

وإجمالا، لقي 82 شخصا على الأقل حتفهم في أميركا الشمالية بسبب العاصفة إلا أن مسؤولين قالوا إن عدد الضحايا يمكن أن يرتفع حيث ما زالت فرق الإنقاذ تبحث في المنازل في البلدات الساحلية. وكانت العاصفة ساندي قد بدأت في منطقة الكاريبي حيث قتل 69 شخصا قبل أن تضرب سواحل الولايات المتحدة برياح سرعتها 130 كيلومترا في الساعة. وامتدت من ولايتي نورث وساوث كارولاينا إلى ولاية كونيتيكت، واعتبرت أكبر عاصفة من حيث المساحة تضرب الولايات المتحدة منذ عقود. وحتى يوم أمس كان لا يزال نحو 4.7 مليون منزل ومكان عمل من دون كهرباء في 15 ولاية، انخفاضا من 8.5 مليون وهو رقم تجاوز الرقم المسجل عند 8.4 مليون عميل عانوا من انقطاع الكهرباء أثناء الإعصار «ايرين» العام الماضي. وذكرت شبكة التلفزيون الأميركية «سي إن إن» أمس أن أكثر من مليون لتر من الديزل تسرب إلى سواحل نيويورك بعد مرور العاصفة. ونجم تسرب نحو 1.136 مليون لتر عن تشقق في خزان مصفاة في نيوجيرسي قريبة من نيويورك وتملكها شركة «موتيفا» التي تديرها الشركة النفطية العملاقة «شل». وبعد الشلل الذي أصاب الكثير من البلدات والمدن على الساحل الشرقي للولايات المتحدة بعد مرور العاصمة، استأنفت الحافلات خدمتها في شوارع نيويورك كما أعلن عن استئناف محدود لقطارات الأنفاق. كما أعلنت هيئة إدارة مطارات نيويورك عن استئناف «محدود» لمطار لاغوارديا الوطني. وكان آخر إحصاء قد أشار إلى أن 19500 رحلة ألغيت بسبب العاصفة. كما فتح مجلس الأمن الدولي أبوابه مجددا بعدما طالته الفيضانات من ايست ريفر. وعلى الرغم من هذا التحسن فإن أقساما كبرى من نيويورك بينها عدة ناطحات سحاب في مانهاتن بقيت من دون كهرباء فيما لا تزال المدارس مغلقة لبقية أيام الأسبوع. وقرر مستشفى بيلفيو الواقع في شرق مانهاتن إجلاء المرضى الـ500 المتبقين فيه الأربعاء بسبب الأضرار التي ألحقتها به العاصفة.

وأعلنت شركة «ايكات» المتخصصة في تقدير الأضرار أمس أن قيمة الأضرار التي خلفها العاصفة في الولايات المتحدة تتراوح بين 30 و50 مليار دولار، بينها 10 إلى 20 مليار دولار قيمة الأضرار المشمولة بالتأمينات. وأوضحت الشركة أنها أعادت النظر بتقديراتها السابقة بسبب الخسائر الباهظة التي ألحقتها العاصفة بالكهرباء ومنشآت أخرى وتبين أنها أكبر بكثير من تلك التي تخلفها أعاصير مماثلة من الفئة الأولى. وأضافت أن هذه الأرقام تعكس أيضا إقفال شبكات المترو والإنفاق المرورية في نيوجيرسي ونيويورك بسبب الفيضانات، والتوقعات بأن تكون هناك أضرار أخرى لا تزال خفية.

وطلبت ولاية نيويورك من الحكومة الفيدرالية دفع جميع تكاليف إزالة أثار العاصفة ساندي. وقال حاكم نيويورك أندرو كومو إنه يطلب من الرئيس أوباما وهو ديمقراطي مثله دفع التكاليف بالكامل والتي تقدر بنحو ستة مليارات دولار في وقت ما زالت فيه ميزانيات الولاية وأجهزة الحكم المحلي تعاني من ضغوط بسبب ضعف الانتعاش الاقتصادي. ويخالف ذلك ما حدث العام الماضي عندما دفعت الحكومة الفيدرالية 75% فقط من خسائر قدرت بنحو 1.2 مليار دولار دفعتها نيويورك لإزالة آثار الإعصار «ايرين». وطالب عضوا مجلس الشيوخ عن نيوجيرسي الولاية الأخرى التي تضررت بشدة من العاصفة كذلك الحكومة الفيدرالية بتغطية نسبة أكبر من المعتاد من التكاليف نظرا لحجم لكارثة والضغوط التي تتعرض لها خزانة الولاية.

وبعد ثلاثة أيام من التوقف استأنف الرئيس أوباما حملته الانتخابية التي تلقت دفعة بفضل إشادة حاكم نيوجيرسي الذي ينتمي للحزب الجمهوري المنافس بإدارته للازمة. وبدأ أوباما، الذي تشير استطلاعات الرأي إلى احتدام المنافسة بينه وبين منافسه الجمهوري ميت رومني قبل الانتخابات المقررة الثلاثاء المقبل، أمس جولة تستمر يومين يجوب خلالها ولايات كولورادو وأوهايو ونيفادا بينما يزور رومني ولاية فرجينيا.

وتفقد أوباما الأحياء الغارقة أو التي غطتها الرمال في نيوجيرسي خلال جولة بطائرة هليكوبتر بصحبة حاكم الولاية كريس كريستي الأربعاء. وقال أوباما أمام مجموعة من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم إلى أحد الملاجئ: «نحن معكم ولن ننساكم». وأضاف «لن نقبل بأي بيروقراطية وسنعمل بحيث تحصلوا على المساعدات بأسرع ما يمكن». وكان أوباما جال في وقت سابق الأربعاء على متن مروحية برفقة كريستي فوق الساحل الأطلسي للولاية المتضررة من العاصفة.

ومع اقتراب موعد الاقتراع الرئاسي، أظهر استطلاع للرأي لوكالة «رويترز» أن الفرق بين أوباما ورومني بات ضئيلا، غير أن استطلاعا لصحيفة «واشنطن بوست» وتلفزيون «إيه بي سي» أوضح أن 80% من الأميركيين ارتاحوا للطريقة التي واجه بها أوباما العاصفة «ساندي»، وقالوا إنها كانت «ممتازة». بل وصل الحد بأن عبر 60% من الجمهوريين عن هذا الارتياح. ويعتقد أن هذا التأييد العام لأوباما سيفيده في كل الولايات وليس فقط في ولايات الساحل الشرقي التي ضربتها العاصفة. وبالنسبة للولايات المتأرجحة، أظهر استطلاع «رويترز» أن أوباما متقدم بثلاث نقاط في ولاية أوهايو، ونقطتين في ولاية فرجينيا، وأن المرشحين يتساويان في ولاية فلوريدا، ويتقدم رومني بنقطة واحدة في ولاية كولورادو. غير أن هذه الفروقات تقل عن هامش الخطأ المقدر بخمسة نقاط. وقالت مصادر إخبارية أميركية إن كثيرا من الولايات الكبيرة (مثل نيويورك وكاليفورنيا) تعد مضمونة للديمقراطيين، ولهذا فإن رومني يحتاج للفوز في معظم الولايات المتأرجحة ليكسب الانتخابات. وسيكون دخوله البيت الأبيض من دون الفوز بولاية أوهايو صعبا.