المجلس الوطني ينتقد «عمل الولايات المتحدة بشكل منهجي على تحطيمه»

معلومات عن إمكانية نقل مقره إلى سوريا وتشكيل هيئة قيادية جديدة للمعارضة في الدوحة

سوريون يعاينون الدمار الذي ألحقته غارة جوية على مدينة الأتارب شمال سوريا أمس (رويترز)
TT

أثارت المواقف الأخيرة التي أطلقتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون؛ والتي اعتبرت بمثابة تحول نوعي في الموقف الأميركي من المجلس الوطني السوري، جملة من ردود الفعل داخل المجلس، الذي انتقد أعضاؤه ما سموه بـ«عمل الولايات المتحدة بشكل منهجي على تحطيمه»، محملين المجتمع الدولي مسؤولية «وجود التطرف في سوريا» نظرا «لعدم دعم الشعب السوري» في مواجهة نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وكانت كلينتون أعلنت من كرواتيا أن المجلس الوطني السوري لم يعد يعتبر زعيما واضحا للمعارضة، كاشفة عن إعداد قائمة مرشحين للدخول في قيادة المعارضة السورية. وتحدثت عن «معلومات مثيرة للقلق عن متطرفين يتوجهون إلى سوريا ويعملون على تحويل مسار ما كان حتى الآن ثورة مشروعة ضد نظام قمعي، بما يحقق مصالحهم».

وحمل رئيس المجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا المجتمع الدولي مسؤولية «وجود التطرف في سوريا» نظرا «لعدم دعم الشعب السوري» في مواجهة نظام الرئيس بشار الأسد. وقال سيدا إن «المجتمع الدولي هو المسؤول عن وجود التطرف في سوريا لعدم دعمه للشعب السوري»، موضحا أنه «في المناطق المحررة من أيادي النظام هناك حالة فوضى وإحباط لأن النظام ما زال يقتل بشكل جنوني، وفي مثل هذه الحالة طبيعي أن يوجد التطرف من بعض العناصر».

بدوره، انتقد مدير مكتب العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري رضوان زيادة الموقف الأخير لكلينتون بشدة، معتبرا أنه يصب في خانة «عمل الولايات المتحدة الأميركية بشكل منهجي على تحطيم المجلس الوطني».

وفي حين أمل زيادة أن لا يكون الموقف الأميركي الأخير موقفا نهائيا، رجح أن تكون واشنطن تتصرف بهذا الشكل نتيجة مواقف المجلس الوطني المتمسكة بالجيش الحر والرافضة لأي حل سياسي قبل سقوط النظام. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «المجلس الوطني لم يكن أبدا - وكما يشاع - الولد المدلل للإدارة الأميركية؛ والتي لم تدعمه يوما ماليا واقتصر دعمها له سياسيا وخلال فترة محددة»، لافتا إلى أن المواقف الأميركية المتخاذلة من الثورة جعلت النقمة تتنامى في الداخل السوري من السياسة الأميركية المعتمدة في التعاطي مع الملف السوري.

وكشف زيادة أن الولايات المتحدة قد خصصت للمجلس الوطني في القائمة الجديدة التي تعدها للمرشحين لقيادة المعارضة السورية، 15 مقعدا وهو موضوع سيبحثه المجلس في الاجتماع العام الذي سيعقده في الدوحة خلال أيام. وقال: «هذا الاجتماع سيكون حاسما في أكثر من مجال من حيث إعادة الهيكلة وتجديد الروح الشبابية في المجلس، وكذلك من حيث البحث في الخطوات الواجب اتخاذها في المرحلة المقبلة».

وتحدث زيادة عن اجتماع بدأ البحث لعقده داخل سوريا يضم 300 شخصية سورية؛ 25% منها من أعضاء المجلس الوطني، و25% من أعضاء المجالس المدنية والثورية في المناطق المحررة، و25% من رجالات الدولة المنشقين ومن معارضة الخارج، و25% من القوى المسلحة ومن الجيش السوري الحر. وأضاف: «على أن تجتمع هذه الشخصيات ولمرة واحدة في الداخل السوري لاختيار حكومة منفى».

من ناحيته، استغرب المعارض السوري هيثم المالح المواقف الأخيرة للوزيرة كلينتون، التي اعتبرها «تدخلا سافرا في الشؤون السورية الداخلية»، لافتا إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تسعى لتصدر قيادة المجتمع السوري لتشكل المعارضة التي تريد والتي تلبي طموحاتها. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أميركا تجد نفسها قادرة على إطلاق مواقف مماثلة لغياب الموقف الموحد لدى المعارضة السورية، التي بدلا من قيامها بالفعل نراها أسيرة ردود الفعل، كما أنها قد تعتقد نفسها اللاعب الوحيد على الساحة بغياب الأسرة العربية وأي مواقف حاسمة لجامعة الدول العربية».

وتوجه المالح لكلينتون قائلا: «يا ليتكم تهتمون بوقف المجازر التي ترتكب على يد نظام الأسد بدلا من مساعيكم للتدخل بشؤون المعارضة، فتسلحون الثوار ليضعوا حدا لبطش النظام القاتل».

وعن تخوف أميركا من دخول متطرفين على خط الثورة، قال المالح: «التطرف موجود أينما كان، لكننا نطمئن بأن معظم الشعب السوري في الوسط في التفكير والممارسات.. ونحن نواجه التطرف بمحاورة المتطرفين وليس بعزلهم».

وبدوره، قال المعارض السوري مؤمن كويفاتية، المنسق الإعلامي لاتحاد تنسيقية الثورة السورية بالقاهرة، إن «التآمر الدولي على الثورة السورية أصبح مكشوفا، وهناك مؤشرات لتصوير ما يجري على الأرض في سوريا حاليا على أنه حرب أهلية، وليس ثورة». موضحا أن «هناك قصورا في تشكيل المجلس؛ إلا أن المجلس في حد ذاته يمثل مظلة لكثير من أطياف المعارضة السورية»، معتبرا سحب الاعتراف به من جانب الولايات المتحدة لعبة مكشوفة للتآمر على الثورة السورية ومقدراتها.

وحول ما ورد بتصريحات كلينتون حول وجود عناصر إرهابية في سوريا، أوضح كويفاتية أن هذه العناصر هي من صنيعة النظام السوري نفسه، مشيرا إلى أن نظام الأسد هو من صنع ودعم حزب الله، وهو من سمح بدخول عناصر من الحرس الثوري الإيراني إلى الأراضي السورية لقتل الثوار. وتابع أن الولايات المتحدة لا تريد للثورة السورية النجاح، وأن موقفها الأخير من المجلس الوطني السوري هدفه تحويل سوريا إلى صومال جديد، معتبرا أن تدمير سوريا في حد ذاته يمثل هدفا استراتيجيا لأميركا وإسرائيل.

إلى ذلك، اتهم منذر خدام، المتحدث الإعلامي لهيئة التنسيق الوطنية المعارضة في سوريا، جماعة الإخوان المسلمين والمجلس الوطني السوري - وبدعم من تركيا - بإفشال اتفاق الدوحة الأول لتشكيل الائتلاف الوطني السوري من قوى المعارضة في الداخل والخارج. ودعا خدام المعارضين السوريين، خاصة معارضي الخارج، إلى التحرر من سيطرة الدول والأجندات الخاصة، وامتلاك أجندة واحدة تلبي مطالب الشعب السوري.

وبالتزامن مع تصريحات كلينتون، ذكرت صحيفة الـ«غارديان» البريطانية أن المجلس الوطني السوري يخطط لنقل مقره إلى داخل سوريا في محاولة لإثبات أهميته بالنسبة للشعب السوري واستعادة ثقة المجتمع الدولي، وأن هذه الفكرة ستطرح خلال اجتماع الدوحة للإعلان عن إعادة هيكلته. ونقلت الـ«غارديان» عن قيادي في المعارضة السورية قوله: «تتركز المناقشة في الوقت الراهن حول ما إذا كان يتعين على المجلس الوطني أن ينقل مقره إلى داخل سوريا أم لا. وليس هناك ما يمنعه من الانتقال إلى شمال سوريا. فكيف يمكنك أن تدعي أنك تمثل السوريين إذا كنت خائفا من دخول سوريا؟». وأوضحت مصادر قيادية في المجلس الوطني لـ«الشرق الأوسط» أنه لا يوجد شيء نهائي بعد في هذا الإطار، وأنه سيتم حسم الموضوع خلال الاجتماع العام الذي يعقده المجلس خلال أيام في الدوحة.

وفي سياق متصل، ذكرت الـ«غارديان» أن اسم رياض حجاب، رئيس الوزراء السابق الذي انشق عن النظام السوري، موجود على قائمة المرشحين لدخول الهيئة القيادية الجديدة للمعارضة السورية التي من المقرر أن يتم الإعلان عن تشكيلها الأسبوع المقبل. ونقلت الـ«غارديان» عن مصادر في المعارضة السورية أن الهيئة القيادية الجديدة التي سيطلق عليها اسم «مجلس المبادرة الوطنية»، ستتكون من 51 عضوا.

وكانت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية قد ذكرت أن المجلس الوطني السوري سيحصل على 15 مقعدا فقط في الهيئة الجديدة. وقال مصدر في المعارضة السورية للـ«غارديان» إن «تشكيل المجلس الجديد يأتي بوصفه محاولة واضحة لإزاحة المجلس الوطني».