تشابك خيوط الأزمة السورية في انتظار «الانتخابات الأميركية» و«مؤتمر الدوحة»

مراقبون: ما يحدث من جولات ومبادرات من قبيل «ملء الوقت».. والصدامات «البينية» للمعارضة مؤشر خطر

TT

تزداد الأوضاع السورية تأزما يوما بعد يوم.. وسط تصعيد متبادل للعنف، حيث كثف النظام غاراته الجوية على مختلف المناطق بصورة غير مسبوقة، وبخاصة بعد فشل مقترح المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي في تنفيذ هدنة الأضحى، حيث ازدادت التفجيرات والاغتيالات في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ. إلى جانب ظهور ملمح سلبي «جديد» في المعارضة المسلحة، يتمثل في الاقتتال «البيني» للمعارضة المسلحة.

يأتي ذلك التصعيد الداخلي بالتزامن مع تعنت مطرد في الموقف الروسي المساند لبقاء الرئيس السوري بشار الأسد، وهو ما تمثل بوضوح في تصريحات وزير الدفاع الروسي الأخيرة التي قال فيها صراحة إن «الأسد لن يرحل»، وإن «رحيله يعد بمثابة انتحار».. بينما تزداد هوة الفجوة بين الغرب وأبرز قواعد المعارضة السورية، وهو ما ظهر في تأكيد وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون على أن دور المجلس الوطني السوري كـ«زعيم» للمعارضة قد انتهى، مشددة على أنه ينبغي إحضار من هم في صفوف القتال الأمامية إلى الواجهة. ويقول أحد الدبلوماسيين لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم ذكر اسمه: «رغم جولات الإبراهيمي المكوكية على العواصم ذات الصلة، وبينها موسكو وبكين وطهران وبغداد وأنقرة وعمان وبيروت والقاهرة، إضافة إلى زيارته لدمشق، لكن مجهوداته لم تفرز أي نتائج ملموسة حتى الآن، بخلاف التأييد الدولي لمساعيه، في غياب خطط وآليات واضحة.. ورغم تعدد (المبادرات) الدولية لحل الأزمة، ومنها المصرية والإيرانية والتركية وأخيرا الصينية، لكن تلك المبادرات لم يتم التعامل بأي منها وظلت أفكارا غير واضحة المعالم». وبسؤاله عن سر عدم وضوح أي من تلك الرؤى، يقول الدبلوماسي إن «العالم للأسف غير جاد في حل القضية.. ولا تريد القوى العالمية (التورط) في صراعات في ما بينها بسبب الأزمة السورية، بأكثر من الصراعات الكلامية».

من جانبه، يرى الدبلوماسي السوري المنشق داني البعاج، أن ما يحدث حاليا إنما هو من قبيل «ملء الوقت» إلى حين انتهاء الانتخابات الأميركية من جهة، وتقييم نتائج مؤتمر المعارضة القادم بالدوحة من جهة أخرى.. ويدعم البعاج قوله بأن «المبادرات الكثيرة نتجت عن الفشل.. وهناك مثل سوري دارج يقول إن (كثرة الطباخين تحرق الطبخ)، والنظام - عبر نجاحه في تشتيت أبعاد الأزمة - سمح بأن يكون هناك عدد كبير من الطباخين، والنزاع بين هؤلاء هو ما يفشل أي تقدم». ويتابع البعاج، مندوب سوريا السابق لدى مجلس حقوق الإنسان، أنه «من الواضح - كما ظهر بالمناظرات الرئاسية الأميركية - أن أي إدارة قادمة ستكون ملتزمة بدعم المعارضة السورية، وإن اختلف شكل ذلك الالتزام. ولذلك فإن تصريحات كلينتون تعني أن واشنطن تريد دعم المعارضة بشكل أوسع وتريد تسريع توحدها، وفي انتظار نتائج مؤتمر الدوحة الذي سيكون - ربما - فرصة أخيرة للمجلس الوطني السوري، الذي فشل للأسف في تقديم أي شيء للشعب السوري في عام ونصف العام، ولم يعد يستطيع أن يدعي (شرعية تمثيل الشارع السوري). وقد يبرر ذلك التعنت الروسي مؤخرا، والذي يبدو كخطوة استباقية للتأهب لمواجهة مرحلة ما بعد اجتماع الدوحة والانتخابات الأميركية، أي أن جميع اللاعبين يجهزون أوراقهم على الطاولة قبل اللحظة الحاسمة». من جهة أخرى، يرى مراقبون أن بوادر الصدام بين أطراف المعارضة المسلحة، التي ظهرت مؤخرا في مخيم اليرموك بدمشق وفي مدينة عفرين بمحافظة حلب، إنما هي نتيجة لعدة أسباب، أولها طول أمد الأزمة السورية من جهة، وثانيا نجاح النظام في «وضع الدسائس بين معارضيه»، وثالثا عدم توافق المعارضة - سواء على المستوى السياسي أو العسكري - في تكوين «جسم صلب» ينجح في إدارة المعركة ضد نظام الأسد، وكذلك تخطي الخلافات البينية الطارئة.

ويشير هؤلاء إلى أن التصعيد الأخير في مستوى العنف على جميع المناطق السورية أسفر عن خفض مستوى التنسيق بين أجنحة المعارضة، وكذلك رفع من حدة التوتر لديهم في خضم القتال الشرس إلى الدرجة التي قد تدفعهم للتصادم أو التشاحن لأقل الأسباب.. وهو مؤشر لا يعد خطيرا في الوقت الحالي - نظرا لندرة هذه الصدامات - ولكنه قد يصبح كذلك على المستوى البعيد، وهو ما يعتقدون أنه قد يكون دافعا لأطياف المعارضة للتوحد في أقرب فرصة، لتجنب مصير قد يسفر عن «تشتت الثورة».