تخبطات حكومة قنديل تثير غضب المصريين

علقت قرار غلق المحال التجارية وفشلت في احتواء بقعة زيت بالنيل

المئات من المنتمين للتيار الإسلامي يتظاهرون في ميدان التحرير أمس مطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية (أ.ف.ب)
TT

أثار تخبط الحكومة المصرية في التعامل مع قرار اللواء أحمد زكي عابدين، وزير التنمية المحلية، بغلق المحال التجارية في العاشرة مساء لإعادة الانضباط إلى المدن، وكذلك فشلها في السيطرة على بقعة زيتية في نهر النيل انطلقت من جنوب البلاد حتى قاربت الوصول لمشارف القاهرة منذ أسبوع، غضب المصريين الذي أكدوا أن الحكومة تصدر قرارات من دون دراسة، وتبتعد كثيرا عن الإصلاح الحقيقي والمشاكل اليومية. فيما اعتبرت قوى سياسية أن «حكومة التكنوقراط التي اختارها الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء من رحم قيادات الوزارات ثبت فشلها»، وأرجعوا ذلك إلى «تبنيهم لنهج وسياسات حكومات مبارك السابقة».

وخرجت الحكومة عن صمتها أمس، والذي استمر لأيام، لتحاول فض الاشتباك بين وزير التمنية المحلية من ناحية، وأصحاب المحال والغرف التجارية وردود الفعل الشعبية من ناحية أخرى، بعد قرار الأول في مجلس المحافظين (وهو اجتماع شهري لجميع المحافظين مع الحكومة) غلق المحال في القاهرة والمحافظات في العاشرة مساء، وعلى الرغم من إعلان وزارة التنمية المحلية أن القرار تقرر تطبيقه الأربعاء الماضي، ثم تم تأجيله ليطبق اعتبارا من اليوم (السبت)؛ فإن علي جمعة، مدير مكتب وزير التنمية المحلية، قال لـ«الشرق الأوسط»: «لم يصدر بعد أي قرار بشأن إغلاق المحلات التجارية في العاشرة مساء، وكل ما قيل عن صدور القرار وبدء العمل به لا أساس له من الصحة، والقرار ما زال محل دراسة».

وقد دفع هذا التخبط الحكومة إلى تعليق القرار بعد الرفض الشعبي المتزايد له، والذي برره مراقبون بأنه «قرار لم تتم دراسته جيدا وسوف يؤدي إلى زيادة البطالة والتأثير السلبي على الاقتصاد خاصة السياحة».

وأعلن السفير الدكتور علاء الحديدي، المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء، أن «الحكومة تقوم حاليا بوضع القواعد المنظمة لغلق المحال بالتنسيق مع الغرف التجارية وسيتم الإعلان عنها الأيام القادمة». لكن مصادر داخل مجلس الوزراء كشفت لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار التعليق يعود لفشل وزير التنمية المحلية في التوصل لآلية لتنفيذ القرار الأول مع رؤساء الغرف التجارية بالمحافظات».

من جهة أخرى، عجزت الحكومة التي اختارها الرئيس محمد مرسي عن السيطرة على بقعة زيت تسربت من أحد المصانع جنوب البلاد إلى مياه نهر النيل منذ 7 أيام. وبينما أعلنت الحكومة قبل يومين أنه تم تفتيت بقعة الزيت تماما؛ فإن البقعة تخطت محافظة بني سويف وقاربت الوصول لمشارف العاصمة المصرية القاهرة.

وكانت بقعة من الزيت قد ظهرت في مجرى نهر النيل بمحافظة أسوان (التي تبعد 879 كم عن القاهرة) السبت الماضي، بعد أن تسربت من أحد المصانع القريبة من نهر النيل، وبلغ طولها كيلومترا تقريبا، وعرضها نحو 100 متر، وقد حاول المسؤولون في المحافظات السيطرة على البقعة الزيتية عن طريق غلق محطات المياه؛ إلا أنها لم يتم القضاء عليها.

وحذر مسؤول في وزارة البيئة من خطورة بقعة الزيت، مؤكدا أن تفتيت هذه البقعة من خلال المعالجة الكيمائية سيستغرق وقتا، ولم يستبعد المسؤول تأثر المياه بالقاهرة بسبب البقعة. وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن «سبب عدم القضاء على البقعة هو عدم التعامل معها بشكل علمي، وإن ما قام به المسؤولون في المحافظات هو مجرد إغلاق لمآخذ محطات المياه القريبة من البقعة الزيتية فقط، مما تسبب في قطع المياه عن سكان المحافظات خلال فترة مرور البقعة».

وأكد الدكتور أحمد الصباغ، مدير معهد بحوث البترول، أن «الطريقة الميكانيكية هي أنسب وسيلة علمية لحصار بقعة الزيت في مياه نهر النيل وإزالتها، حيث لا تصلح الطرق الكيميائية للقضاء على هذا النوع من التلوث في المياه العذبة». وأوضح أن الطريقة الميكانيكية تتمثل في حصار البقعة بحواجز فلينية ووضع نشارة خشب أو مطحون قش الأرز أو مطحون جريد النخل عليها. وأضاف الصباغ أن «استخدام مشتتات الزيوت لا يصلح في مثل هذه الحالة حيث إنها تستخدم في إزالة البقع الزيتية عند التلوث البحري وليس النهري»، مشيرا إلى أنه يجب استيراد البلمرات الرغوية التي تستخدم في إزالة البقع الزيتية من المياه العذبة من الخارج تحسبا لوقوع أي كارثة بيئية على غرار بقعة الزيت الأخيرة. من جانبها، قالت حركة شباب 6 أبريل أمس إن «الحكومة الحالية تفقد بوصلتها نحو تحقيق أهداف ومطالب الثورة بشكل سريع، بسبب تبنيها مشاريع وأفكارا غير مرغوب فيها شعبيا تبنتها حكومات الرئيس السابق حسني مبارك المتتابعة». وقال محمد عادل، القيادي بالحركة، إن «حكومة قنديل تهتم بتنفيذ مشاريع بعيدة عن مطالب تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية للإنسان المصري، وذلك بسبب اعتماد قنديل على مجموعه وزراء يفتقدون القدرة على طرح حلول جديدة للمشكلات اليومية للمواطنين أو تحقيق مطالب الثورة من العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد».

وأشار عادل إلى أن «حكومة التكنوقراط التي اختارها قنديل من رحم قيادات الوزارات «ثبت فشلها»، مرجعا ذلك إلى «تبنيها لنهج وسياسات مبارك».