تغير جدول أعمال بوتين يثير تساؤلات حول حالته الصحية

نفي رسمي لأنباء عن تدهور صحة الرئيس بعد مغامرته الجوية مع طيور الكركي

بوتين ينظر إلى وثائقه في مكتبه قرب موسكو أمس (أ.ف.ب)
TT

أمضى السكرتير الصحافي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين معظم فترات يوم الخميس في نفي مجموعة جديدة من الشائعات التي أثيرت حول الحالة الصحية لبوتين، موضحا أنه كان يعمل من المنزل في الآونة الأخيرة بدلا من التوجه إلى الكرملين لتفادي التسبب في اختناق مروري.

وذكرت صحيفة «فيدوموستي» اليومية، أول من أمس الخميس، أن بوتين قد أقدم على تأجيل سلسلة من الرحلات للخارج – إلى تركيا وبلغاريا والهند وتركمانستان – حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، مما يعني أن جدول سفرياته في شهر ديسمبر (كانون الأول) سيكون مزدحما.

والأسبوع الماضي، نوهت وكالة الأنباء «رويترز» إلى تأجيل السفريات، واستشهدت بقول مسؤولين حكوميين لم يتم الكشف عن هويتهم بأن الرئيس بوتين يعاني من آلام في الظهر ربما تتطلب جراحة. ويوم الأربعاء، وردت أنباء تفيد بأن بوتين سيؤجل جلسة الأسئلة والأجوبة الشهيرة التي تبث على شاشة التلفزيون، وهو الحدث الذي عادة ما يجري في ديسمبر (كانون الأول)، إلى الربيع أو الصيف.

وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم بوتين، إن الرئيس أصيب بشد عضلي في ظهره أثناء ممارسته التمارين الرياضية في مطلع شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وعانى من «رد فعل مؤلم على مدار عدة أيام» أثناء مؤتمر قمة منتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادي في مدينة فلاديفوستوك الواقعة شرق روسيا. وقال إن الرئيس لم يكن يعاني من أي آثار صحية مستمرة ناتجة عما وصفه بأنه «ليس إصابة، بل مجرد حركة خاطئة». وقال بيسكوف أيضا في مقابلة «إنه لا يتلقى علاجا، بل يمارس الرياضة يوميا كالمعتاد دائما. إنه لم يتعرض لأي إصابة. ليس ثمة شيء يستحق العلاج». وقال إنه لم يتم مطلقا الاستقرار على الموعد النهائي للرحلات للخارج أو الإعلان عنه من قبل الكرملين، لذلك، ليس من الصحيح القول إنها قد تم تأجيلها. وحاول بيسكوف، الذي بدا غاضبا من سيل الأسئلة، الاحتفاظ بروح الدعابة التي يشتهر بها، قائلا إن الشائعات تعتبر «أمرا إيجابيا، لأنها تشير إلى أننا لا نعاني من مشكلات خطيرة». وتابع قائلا «الصحافيون يحاولون إنتاج صورة - صورة زائفة - ويطرحون تساؤلات، وبالطبع، لقد سئمنا بدرجة ما من الرد على مثل هذه التساؤلات». وقال أيضا «بالفعل أراه عندما لا تكون كاميرات التلفزيون مسلطة عليه، وهو طبيعي تماما بنسبة 100 في المائة». بالطبع، صحة الرئيس بوتين ليست أمرا عاديا، فبوتين، الذي يبلغ من العمر 60 عاما الآن، يتبع فترة توليه منصب رئيس وزراء بفترته الثالثة كرئيس في نظام سياسي يعتمد على شخصيته. وفيما توجد مجموعات مصالح ذات نفوذ داخل النظام الروسي، فإنه لا يمكن أن تعمل أي منها من دون موافقة بوتين، مما يجعله محور نظام معقد ينبغي أن يحقق التوازن بين المطالب المتباينة. كانت المحطات التلفزيونية التي تديرها الحكومة سببا رئيسيا وراء الصحة الجيدة للرئيس بوتين ونمط حياته المفعم بالنشاط والحيوية الشهر الماضي، حينما وصل رسميا إلى سن التقاعد المتعارف عليه في روسيا. وركز فيلم وثائقي تم بثه يوم عيد ميلاده بشكل كبير على روتينه الرياضي اليومي، وأظهره يتناول بنهم أغذية صحية مثل عصيدة الشوفان ومشروب طاقة يحتوي على شمندر وجرجير.

ومما لا يمكن إنكاره أنه لم يعد يغادر مقر إقامته بشكل متكرر هذه الأيام، وقد بدأ مراقبون سياسيون في تفحص لغة الجسد التي يستخدمها بوتين بعناية. وأول من أمس الخميس، وصف أليكسي فينديكتوف، رئيس إذاعة «إيخو موسكفي» البارزة، مشاهدته بوتين يستحوذ على المنصة وهو يقف في مهرجان لتوزيع جوائز في مطلع شهر سبتمبر (أيلول)، ثم مغادرته وسط الاحتفال، مفسحا الساحة لسيرغي إيفانوف، رئيس الديوان الرئاسي، لإلقاء الكلمة الختامية.

وقال فينديكتوف أثناء برنامج حواري يعرض في الصباح «هذا لا يحدث.. على الأقل لم يحدث». وأضاف «بعد هذا، أدركت بالفعل أنه كانت هناك مشكلات، وأن المشكلات كانت خطيرة نظرا لأن بوتين شخص مريض بهذه الصورة ويتحمل كل الإصابات الرياضية بشكل جيد جدا. وهذا يعني أن الأمر خطير».

وأضاف فينديكتوف أن مساعدي بوتين «ركعوا تحت قدميه» لحثه على عدم المشاركة في العمل البهلواني الخطير الذي قام به في شهر سبتمبر (أيلول)، حين قاد طائرة انزلاقية لتوجيه سرب من طيور الكركي في رحلة هجرتها الأولى، خشية أن تتفاقم إصابة ظهره.

وذكر تقرير صحافي أول من أمس الخميس أن إصابته قد ازدادت سوءا بعد تلك الرحلة. واستنكر بيسكوف تلك الفكرة لدى ظهوره بالإذاعة في الصباح، قائلا إن «حالته لم تتفاقم مطلقا بعد رحلته مع طيور الكركي».

وتذكر هذه الثرثرة بالفحص الدقيق الذي تعقب القادة السوفيات، الذين كان وضعهم الجسماني ولون بشرتهم مثار حديث بين صحافيين ودبلوماسيين ومحللين تابعوا صورا في العواصم الغربية. وقد شارك الرئيس الأسبق بوريس يلتسين بشكل منتظم في تجمعات أثناء حملته للانتخابات الرئاسية في عام 1996 على الرغم من معاناته من مشكلات في القلب على درجة بالغة من الخطورة، إلى حد أنه خضع بعد ذلك بنحو أربعة أشهر إلى عملية جراحية استمرت لمدة سبع ساعات من أجل منع انسداد خمسة شرايين بقلبه.

* خدمة «نيويورك تايمز»