لاجئون يتغلبون على مآسيهم ويستعدون لمرحلة ما بعد نظام الأسد

تأسيس منظمة في القاهرة للتواصل مع النازحين لتركيا والأردن ولبنان

TT

أسس لاجئون سوريون منظمة في القاهرة تحت اسم «البيت السوري» للتواصل مع النازحين لتركيا والأردن ولبنان، في محاولة للتغلب على مآسيهم والاستعداد لمرحلة ما بعد نظام بشار الأسد. ويحاول ألوف السوريين ممن فروا من ديارهم هربا من بطش النظام التغلب على الذكريات المريرة التي مروا بها في وطنهم قبل الانتقال إلى بلاد أخرى. وتسعى الجالية السورية في مصر للعمل من أجل مجتمع سوري قادر على التماسك للعودة لبناء دولة جديدة بعد سقوط الأسد.

ويقول أبو موسى، الذي حارب في صفوف المقاتلين أثناء اجتياح القوات النظامية لمخيم الرمل الفلسطيني في محافظة اللاذقية، إنه تم تعذيبه والتنكيل به من قبل نظام الأسد، وحين رأى ما يتعرض له السوريون في المعتقل من أهوال، انخرط في صفوف الجيش الحر.

وإلى جانب محاولات التماسك في رحلة الغربة في الخارج، يسعى السوريون إلى تعليم أبنائهم في الدول التي يوجدون فيها كل بطريقته. وفي مصر على سبيل المثال، كان من المفترض أن يتم التدريس بمناهج سورية ومعلمين سوريين، إلا أن هذا يتطلب الكثير من الإجراءات الرسمية. وبدأت بعض المؤسسات التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي المصرية والقطاع الخاص في مد يد العون لألوف التلاميذ السوريين المنتشرين في عدة محافظات بمصر.

ويقول إسماعيل يوسف محمد، وهو سوري قدم من الإمارات العربية المتحدة ليتابع تعليم أطفاله الخمسة في مصر لقلة التكاليف المالية: «ما يعرقل العملية التعليمية يكمن في الكم الهائل من النازحين السوريين وتمركزهم في مناطق محددة كمدينة السادس من أكتوبر ومدينة نصر ومدينة الرحاب».

وتقوم منظمة «البيت السوري» بدور ملتقى وطني يجمع النشطاء السوريين بجميع أطيافهم ومكوناتهم لتنسيق جهودهم في مصر وباقي البلدان من أجل تهيئة كوادر من الشباب لتحقيق أهداف الثورة والنهوض بالمجتمع السوري، خاصة في مرحلة ما بعد سقوط النظام المنتظرة، وتقديم المساعدة والعون للنازحين وأبنائهم، والتخفيف عن المصابين القادمين للعلاج.

ويتذكر أبو موسى بداية الصدام بينه وبين النظام، قائلا: «كنت أقف في شرفة شقتي في مخيم الرمل لمعرفة ما يحدث في الجوار بعد سماع أصوات طلقات نارية»، إلا أنه فوجئ بأنه يتم اعتقاله بتهمة إطلاق النار على فرق الجيش، حيث جرى اقتياده إلى فرع الأمن العسكري. وما زالت آثار التعذيب بادية على مناطق متفرقة من جسد أبو موسى.

ويمكن أن تستمع في مقر منظمة «البيت السوري» لقصص تقشعر لها الأبدان ولا يصدقها عقل عن ممارسات النظام السوري ضد مواطنيه. ويقع مقر المنظمة في مدينة السادس من أكتوبر غرب القاهرة بنحو 30 كيلومترا. وترى المنظمة أن وجود السوريين بكثافة في مصر حولهم إلى مجتمع متكامل من المتعلمين والمهنيين وغيرهم. وتعتمد المنظمة التي يجري العمل على تأسيسها في مصر على آليات عمل المنظمات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني.

ويقول أبو موسى إنه شاهد في المعتقل عمليات لنزع أظافر أطفال واغتصاب نساء وصعق رجال بالكهرباء، ويضيف: «لو أحكي لبكرة ما يخلص الحكي».

بعد نحو أربعة أشهر خرج أبو موسى من المعتقل ليجد أن أخاه، وهو برتبة صف ضابط، قد انشق عن النظام السوري ليشكل كتيبة في جبل الزاوية. انضم أبو موسى للكتيبة من دون أن يكون لديه سلاح، إلا أن والدته باعت ما لديها من مصوغات ليشتري رشاشا «كلاشنيكوف». واستمر أبو موسى منذ ذلك الوقت في كر وفر ضد قوات النظام انتظارا ليوم الحسم.

وقال خالد القطاع، عضو منظمة «البيت السوري»، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعمل حاليا على تنظيم عمليات الإغاثة للاجئين السوريين بمصر بالتنسيق مع منظمات وجمعيات خيرية، والتي عن طريقها تستقبل المساعدات، ونحن بدورنا نقوم بإعادة توجيهها للسوريين المستحقين بما يناسب الجميع وبشكل عادل. وتسعى المنظمة أيضا إلى تهيئة الطاقات السورية الشابة لمرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد».

وأضاف خالد القطاع قائلا: «نحن في (البيت السوري) نعمل على الربط والتشبيك بين النشطاء من أجل توحيد الجهود الثورية في مصر وسوريا وخارجهما، وهنالك تواصل عملي مع نشطاء من تركيا والأردن، بالإضافة إلى الكثير من الأصدقاء، كما أن المنظمة متعاونة مع مركز التنمية البشرية السوري».

وقال سامح عبد التواب، وهو مدير لإحدى المؤسسات التي تشرف عليها وزارة التضامن الاجتماعي بمصر، إن عدد اللاجئين السوريين وصل إلى قرابة 40 ألفا منهم 25 ألف طالب من جميع المراحل الدراسية وفقا لإحصاءات حصل عليها من جهات رسمية لم يكشف عنها، مشيرا إلى أن الإدارة التعليمية طلبت من المدرسين السوريين تقديم أوراق وإثباتات شخصية للتأكد من شخصياتهم قبل السماح لهم بالمشاركة في تعليم الطلاب السوريين بمصر.