تواضروس الثاني البابا رقم 118 للكنيسة الأرثوذكسية في مصر

مرسي هنأه والجبهة السلفية امتنعت

الطفل بيشوي معصوب العينين يسحب ورقة تحمل اسم البابا الجديد خلال القرعة الهيكلية أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد ماراثون طويل، اختير الأنبا تواضروس، أسقف عام البحيرة، بطريركا جديدا للمسيحيين الأرثوذكس، بعد أن سحب الطفل بيشوي مسعد الورقة التي تحمل اسمه في ختام قداس القرعة الهيكلية التي جرت صباح أمس بمقر الكاتدرائية المرقسية في العباسية، بينما انهالت التهاني على البابا الجديد، الذي اختار لنفسه اسم البابا تواضروس الثاني، من مختلف الجهات والهيئات الرسمية في مصر.

وفي أول تصريح له قال البابا تواضروس الثاني، بطريرك الكرازة المرقسية، إنه سيكون خادما للشعب المصري كله بمسلميه ومسيحييه، وإن أولوياته في المرحلة المقبلة تتمثل في ترتيب البيت من الداخل في تعاون ومحبة مع الجميع، وإنه يشعر بثقل المسؤولية ويصلي من أجل أن يوفقه الله في تحملها.

وأوضح في تصريحات أدلى بها أمس خلال زيارته لدير الأنبا بيشوي في وادي النطرون، عقب فوزه بمنصب البابا، أن الكنيسة أثبتت خلال الفترة الماضية أنها كيان مؤسسي يتعاون في إدارتها كل من المجمع المقدس والمجلس الملي والهيئة القبطية للأوقاف وكل الكهنة والخدام بالكنيسة، وأن دوره يكمن في تنظيم هذا العمل لتقوم الكنيسة بدورها في الخلاص وخدمة المجتمع.

ووجه البابا تواضروس شكره للأنبا باخوميوس قائلا: «إذا كنا قد تمتعنا بقيادة للكنيسة طوال 6 أشهر فقد تتلمذت على يديه لمدة 40 عاما، وذلك منذ أن كنت طالبا بالصف الأول الجامعي في كلية الصيدلة بالإسكندرية».

كما وجه تواضروس شكره إلى كل من الأبوين رفائيل ورفائيل أفامينا وقال إنهما يفوقانه في محبتهم، ولكن اختيار السماء وقع عليه ليكون الأب البطريرك.

وبدأ القداس في الثامنة من صباح أمس بموكب يضم الأساقفة والمطارنة من أعضاء المجمع المقدس من المقر البابوي متوجهين إلى الكاتدرائية المرقسية، حيث أقيم القداس، يتقدمهم الشمامسة وخدام الكنيسة يرتدون ملابس الخدمة البيضاء ويرددون الترانيم المسيحية.

كما اصطحبوا معهم 12 طفلا تم اختيار أحدهم لسحب الورقة التي تحمل اسم البطريرك عقب انتهاء القداس الذي ترأسه الأنبا باخوميوس، أسقف البحيرة قائمقام البطريرك.

وقام الأنبا باخوميوس، أسقف البحيرة قائمقام البطريرك، في بداية قداس القرعة الهيكلية باستعراض ثلاث ورقات متساوية الحجم كتب على كل منها اسم واحد من المرشحين الثلاثة في إناء زجاجي ولفه بشريط من القماش وختمه بالشمع الأحمر، ووضع الإناء في ركن خاص بالمذبح، وتم تسليط كاميرا تلفزيونية على الإناء ليظل أمام الجمهور طوال الوقت.

وفي حين انتشر رجال الشرطة في شارع رمسيس أمام الكاتدرائية المرقسية لتأمينها، تولت فرق الكشافة الكنسية تنظيم الدخول من الأبواب المختلفة للكاتدرائية.

وألقى الأنبا باخوميوس عظة روحية في قداس القرعة الهيكلية تحدث فيها عن عمل اللجان المختلفة خلال الفترة التي تلت وفاة البابا شنودة الثالث في مارس (آذار) الماضي، وتحدث أيضا عن أهمية دور البابا في الكنيسة الأرثوذكسية، وشرح دور الكنيسة في المرحلة القادمة، والمهام التي ينبغي على البابا الجديد القيام بها، ووجه الشكر للرئيس محمد مرسي لوعده بالمشاركة في احتفال تجليس البابا الجديد، كما شكر كل أعضاء اللجان ومن ساهم بالعمل في المرحلة التي تلت وفاة البابا شنودة الثالث لاختيار البابا الجديد، ورؤساء الطوائف المسيحية الأخرى الذين حضروا القداس.

وفي نهاية القداس أجرى الأنبا باخوميوس قرعة بين الأطفال الموجودين فاز بها الطفل بيشوي جرجس مسعد، ليقوم قائمقام البطريرك بربط عينيه بعصابة زرقاء عليها شعار الكنيسة ليسحب الطفل الكرة التي تحمل داخلها اسم البابا الجديد.

وبعد إعلان النتيجة، بعث الرئيس مرسي ببرقية تهنئة إلى البابا تواضروس الثاني، بمناسبة اختياره بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، مشيرا إلى عراقة الكنيسة الأرثوذكسية، وأنها تعد معلما بارزا من معالم تاريخ هذا الوطن وتراثه.

قال مرسي في برقيته: «إن شعب مصر شعب واحد، تسوده روح الأخوة والمحبة بين مسلميه وأقباطه، وتتضافر جهود أبنائه لصالح الوطن»، معربا عن تهانيه لأقباط مصر الأعزاء، متمنيا لهم موفور الصحة.

إلى ذلك، أجرى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، اتصالا هاتفيا بالكنيسة المرقسية هنأ خلاله البابا تواضروس الثاني، باختياره على رأس الكنيسة المرقسية، متمنيا له السداد والتوفيق في مهمته الكبيرة التي تنتظره، والتي يعلق عليها جموع الشعب المصري، مسلميه ومسيحييه، آمالا كبيرة في ترسيخ دعائم الوحدة الوطنية، خاصة في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها الوطن، والتي تحتاج لبذل مزيد من الجهود المشتركة التي تحقق التعايش المشترك بين أبناء الأمة المصرية، مسلمين ومسيحيين.

من جهته، قال الدكتور محمد البرادعي، رئيس حزب الدستور، في تغريدة على حسابه بموقع «تويتر»: «خالص التهاني للبابا تواضروس الثاني وأهلنا الأقباط.. وفقنا الله جميعا لبناء وطن قائم على التسامح والمساواة».

وعلى صعيد متصل، قال العقيد أحمد محمد علي، المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية، عبر صفحته على «فيس بوك»: «تتوجه القوات المسلحة، قادة وضباطا وضباط صف وجنود، بخالص التهنئة للمواطنين المسيحيين المصريين لاختيار البابا رقم 118 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كما تتقدم بأطيب وأرق التمنيات إلى قداسة الأنبا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بالتوفيق والسداد في حبريته لخدمة مصر».

ووجه حزب الوفد، برئاسة الدكتور السيد البدوي، تهنئة للبابا الجديد، داعيا الله أن يكون خير خلف للبابا الراحل شنودة الثالث. وأشاد الوفد في بيان أصدره أمس بحكمة قيادات الكنيسة، وعلى رأسهم الأنبا باخوميوس، قائمقام البطريرك، في إدارة الفترة التي تلت رحيل البابا شنودة بحكمة وموضوعية.

وهنأت حركة شباب 6 أبريل جميع الأقباط باختيار البابا تواضروس الثاني على رأس الكنيسة، وقال محمود عفيفي، المتحدث الرسمي باسم الحركة: «خالص التهنئة للإخوة الأقباط ولقداسة البابا تواضروس الثاني، دعوتنا لهم بالتوفيق ولمصرنا الغالية بالأمن والاستقرار، فنحن وطن واحد وشعب واحد».

بينما امتنعت الجبهة السلفية بمصر عن تهنئة الكنيسة باختيار البابا الجديد، وقال الدكتور هشام كمال، المتحدث الإعلامي باسم الجبهة السلفية، في تصريح له أمس: «لن نهنئ الكنيسة باختيار البابا، إلا بعد أن تقدم الكنيسة ضمانات، تؤكد أن دورها القادم سيعمل لمصلحة البلاد، وأنهم شركاء للوطن، وأنهم ليسوا دولة داخل الدولة».

وأضاف المتحدث: «على البابا الجديد أن يقدم هذه الضمانات التي تتمثل في أن يعيد الكنيسة إلى دورها الحقيقي، بعد أن خرجت عنه، وأصبحت تقوم بدور سياسي، والذي يعد مخالفا لتعاليمها»، على حد قوله، مضيفا: «عندما نرى أن الكنيسة المصرية تقوم بدور وطني سنهنئها بالبابا الجديد».