عباس: لم ولن أتخلى عن حقوق اللاجئين وأعتبرها مقدسة

بيريس رحب بتصريحاته ونتنياهو هاجمه بشدة وحماس نظمت مظاهرات ضده

فلسطينية ترفع لافتة خلال مظاهرة في خان يونس بقطاع غزة تعبر عن رفض المتظاهرين تصريحات عباس (أ.ف.ب)
TT

أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه «لم ولن يتنازل عن حق العودة»، وقال في تصريحات صحافية أدلى بها ليلة أول من أمس، إن الهجوم عليه جاء بناء على مقاطع مجتزأة من المقابلة التي أجرتها معه القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي يوم الخميس الماضي. وكان عباس قد قال للقناة الثانية، إنه ما دام في السلطة، فلن تكون هناك انتفاضة ثالثة مسلحة ضد إسرائيل. وعندما سئل عما إذا كان يريد العيش في «صفد» بمنطقة الجليل، حيث عاش طفولته، قبل أن تهاجر عائلته منها، قال: «أريد أن أرى صفد، من حقي أن أراها، لا أن أعيش فيها».

وأوضح الرئيس الفلسطيني أن كل ردود الفعل والتعليقات التي أعقبت المقابلة، جاءت قبل أن يتم بثها كاملة، معتبرا أن تعاطي بعض وسائل الإعلام مع ما ورد في المقابلة، كان «متحيزا». واتهم عباس قناة «الجزيرة» وبعض الفصائل الفلسطينية بـ«الاصطياد في الماء العكر»، نافيا في الوقت ذاته، أن يكون قصد من تصريحاته استرضاء الرأي العام الإسرائيلي. وقال: «أنا لا ألون في الكلام، وحديثي للفلسطيني لا يختلف عنه للإسرائيلي أو الأميركي أو أي كان». وأضاف: «الكل الفلسطيني متفق على حل الدولتين، وعلى دولة فلسطينية على حدود العام 1967، وهذا تم بموافقة حماس و(حركة) الجهاد (الإسلامي)». واستهجن عباس هجوم حماس عليه، قائلا: «هي من عرضت الدولة ذات الحدود المؤقتة، وتحاورت وتتحاور مع إسرائيل وجهات أخرى حول الدولة ذات الحدود المؤقتة، وهو مشروع قدمه شارون، ولا يزال الحديث عنه متداولا لدى الجهات الإسرائيلية».

في اتجاه مواز، شن بنيامين نتنياهو، وغيره من قادة المعسكر اليميني هجوما شرسا على عباس، واتهموه بالتدخل في الانتخابات الإسرائيلية وتضليل الناخبين.

وقال نتنياهو، في بيان رسمي نشر صباح أمس، إنه كان قد دعا عباس للقائه من دون شروط مسبقة و«ما زالت الدعوة على الطاولة ولم تتغير، لكن عباس أهملها». وأضاف بيان نتنياهو: «أما التصريحات التي أدلى بها الرئيس عباس خلال المقابلة المذكورة، فلا علاقة لها بأفعاله على الأرض.. إنه يرفض منذ 4 سنوات استئناف المفاوضات مع إسرائيل، على الرغم من سلسلة خطوات اتخذها رئيس الوزراء نتنياهو بغية إعادة إطلاق المفاوضات مثل تجميد البناء في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) بشكل غير مسبوق. وإضافة لذلك، يرفض أبو مازن مناقشة موضوع الإجراءات الأمنية المطلوبة من أجل تأمين الحماية لمواطني إسرائيل».

وجدد نتنياهو هجومه على عباس في مستهل جلسة حكومته، أمس؛ إذ قال: «شاهدت المقابلة التي أجراها الرئيس عباس خلال نهاية الأسبوع، وسمعت أنه قد تراجع عن التصريحات التي أدلى بها خلالها. ولكن هذا يثبت أهمية التفاوض المباشر دون شروط مسبقة. وفقط من خلال المفاوضات المباشرة يمكن الاطلاع على المواقف الحقيقية. وبشكل عام، أستطيع أن أقول إنه لو كان أبو مازن جديا بالفعل وأراد أن يدفع السلام، فمن وجهة نظري يمكننا الجلوس معا الآن ودون تأخير. إن أورشليم القدس ورام الله تبتعدان عن بعضهما سبع دقائق سفر فقط، وأنا مستعد لبدء المفاوضات اليوم. إنني أنتهز هذه الفرصة لأدعو الرئيس عباس إلى العودة فورا إلى مائدة المفاوضات دون شروط مسبقة، لأنه يمكن دفع السلام فقط حول مائدة المفاوضات وليس من خلال قرارات أحادية الجانب في جمعية الأمم المتحدة، التي فقط تبعد السلام وتحدث عدم الاستقرار». وانضم إلى نتنياهو وزير التعليم في حكومته، غدعون ساعر، الذي هاجم عباس قائلا إنه ينافق لليسار الإسرائيلي لكي يعينه في الانتخابات، ولكنه غير صادق في توجهه للسلام مع إسرائيل. وقال رئيس الطاقم الإعلامي في الليكود، النائب أوفير أكونيس، إن أبو مازن يحاول تقديم عون لشيلي يحيموفتش (رئيسة حزب العمل)، ولكنه سيفشل في ذلك «لأن الشعب في إسرائيل ذكي ولا تنطلي عليه هذه الأساليب».

وكان عباس قد صرح بأن حكومة نتنياهو أثبتت أنها لا تريد السلام وتفضل توسيع الاستيطان. وقال إنه مستعد للعودة إلى المفاوضات فورا، إذا قبل نتنياهو بمبدأ الدولتين للشعبين على أساس حدود 1967.

وكانت تصريحات عباس، اعتبرت في المناطق الفلسطينية، تراجعا منه عن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، وهاجمته حركة حماس ونظمت مظاهرات ضده في قطاع غزة، فيما رحب اليسار الإسرائيلي ووسائل الإعلام بتصريحاته، وكان أول المرحبين بها، رئيس الدولة العبرية، شيمعون بيريس، الذي قال إن «عباس يثبت بهذه التصريحات مرة أخرى، وقولا وفعلا، أنه شريك حقيقي لإسرائيل في عملية السلام»، وأضاف بيريس في بيان خاص أن «إسرائيل دولة تنشد السلام.. ولأنها كذلك، فإنها تمد يدها للسلام إلى رجل مثل أبو مازن، الذي يبعث الأمل الحقيقي في السلام بشخصيته وتصريحاته».

وتابع بيريس: «إن أبو مازن يرفض الإرهاب، ويدرك جيدا أن حل قضية اللاجئين لن يكون في تخوم إسرائيل ولن يمس بالطابع اليهودي لإسرائيل، وهو يمد يده لإسرائيل من أجل السلام. ولأقواله وزن كبير يحتم علينا التعامل معها بكامل الجدية والاحترام، فهي تنسجم تماما مع رغبة الغالبية الساحقة من المواطنين الإسرائيليين في التسوية على أساس دولتين، التي أوضح الرئيس الفلسطيني في تصريحاته الشجاعة، أن الدولة الفلسطينية منهما ستكون فقط في حدود 1967، وليس على حساب إسرائيل».

وقد ألقى عباس تصريحات جديدة، أمس، نفى فيها أن يكون تراجع عن حق اللاجئين، وقال إن من يهاجمونه لم يستمعوا إلى تصريحاته كاملة ولذلك لم يفهموها، أو أنهم قرروا تشويهها بقصد، وأضاف أنه لم ولن يتخلى عن حقوق اللاجئين ويعتبرها مقدسة.