أوباما اختصر فترة الاحتفالات لمواجهة مشاكل كبيرة تلوح في الأفق

عاد للبيت الأبيض وباشر اتصالاته بقادة جمهوريين لإنهاء انقسام الكونغرس وتفادي أزمة مالية

أوباما وزوجته وابنتاهما يستعدون لركوب الطائرة الرئاسية في مطار أوهير الدولي بشيكاغو، أثناء عودتهم إلى واشنطن، مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

عاد الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى البيت الأبيض بعد فوزه التاريخي بولاية ثانية من أربع سنوات، داعيا خصومه الجمهوريين إلى العمل معه من أجل تجنب أزمة مالية تلوح في الأفق. ويبدو أن فرحة النصر بفوز أوباما على الجمهوري ميت رومني لن تستمر طويلا حيث انطلق الرئيس فورا في مهمة إنهاء الانقسام الحزبي في الكونغرس الذي يعطل قسما من عمله.

قبل مغادرة شيكاغو أجرى أوباما اتصالات هاتفية في محاولة لردم الهوة مع القادة الجمهوريين من أجل تجنب «الهاوية المالية» التي قد تغرق الاقتصاد الأميركي الهش مجددا في الانكماش. وتواجه الولايات المتحدة خطر «الهاوية المالية» في حال لم يتوصل الديمقراطيون والجمهوريون إلى اتفاق في الكونغرس بحلول 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ما سيؤدي إلى دخول خطة تلقائية من الاقتطاعات في الميزانية والزيادات في الضرائب حيز التنفيذ بهدف خفض العجز في الميزانية العامة، ما يهدد بتقويض الانتعاش الاقتصادي الهش في القوة الأولى في العالم.

وسيترتب أيضا على الكونغرس الاتفاق على رفع سقف الدين الذي قد يتم بلوغه بحلول نهاية السنة، لمنع تعثر الولايات المتحدة في تسديد مدفوعاتها. واتصل أوباما بقادة في الكونغرس موجها رسالة بأن أولويته هي محاولة إنهاء المأزق في دورة الكونغرس التي تسبق حفل تنصيبه في 21 يناير (كانون الثاني) المقبل. وتحدث مع رئيس مجلس النواب الجمهوري جون باينر كما اتصل بزعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل وكذلك بكبار الديمقراطيين.

وقال مسؤول في البيت الأبيض إن «الرئيس كرر التزامه بإيجاد حلول للانقسام الحزبي من أجل خفض العجز بطريقة متوازنة وخفض الضرائب على عائلات الطبقة الوسطى وأصحاب الشركات الصغيرة وخلق وظائف». وأضاف المسؤول أن أوباما يرى أن قرار الأميركيين منحه ولاية ثانية يعتبر رسالة لواشنطن لكي يضع الحزبان خلافاتهما جانبا ويركزا على الاقتصاد.

إلا أن الجمهوريين رفضوا رفع أي ضرائب وأصروا على خفض الإنفاق على البرامج الاجتماعية التي يؤيدها الكثير من الديمقراطيين. وحدد باينر شروط الجمهوريين للتفاوض بشأن الأزمة المالية وقال لأوباما إنهم سيقبلون بإغلاق الثغرات ولكنهم لن يقبلوا برفع الضرائب لزيادة عائدات البلاد.

ووصل أوباما إلى البيت الأبيض عند الساعة الحادية عشرة و55 دقيقة ليل الأربعاء ـ الخميس عد فوزه الحاسم غير المتوقع حيث فاز بكل الولايات تقريبا التي صوتت له في عام 2008. وقال مسؤول في الحملة الانتخابية رافق أوباما على متن الطائرة الرئاسية إن الليلة الانتخابية انتهت تقريبا كما كان يتوقعها فريق الحملة رغم أن المفاجأة كانت السرعة التي أعلنت فيها شبكات التلفزة الأميركية نتيجة الانتخابات. والمفتاح الأساسي للفوز كان الولايات المتأرجحة. وفي معرض تفسيره لمدى تقدم فريق عمليات أوباما أشار المسؤول إلى حديث أجراه مع مدير بارز ميداني للحملة يوم الاثنين الماضي وقال فيه إن أحد الجمهوريين كتب على «تويتر» إن فريق رومني قام بزيارات إلى 75 ألف منزل في ولاية أوهايو الحاسمة قبل الانتخابات. ورد المدير الميداني قائلا: «لا داعي للقلق، لقد زرنا 376 ألف منزل».

وحقق أوباما فوزه التاريخي رغم نسبة بطالة تعتبر الأعلى التي سجلت في أي ولاية رئاسية منذ ولاية فرانكلين روزفلت في 1936 وأصبح ثاني ديمقراطي يفوز بولاية ثانية بعد بيل كلينتون. وفيما استمر فرز الأصوات في ولاية فلوريدا حتى يوم أمس، نال أوباما أصوات 303 من كبار الناخبين متجاوزا بسهولة الأصوات الـ270 اللازمة للفوز. والسؤال الكبير أمام أوباما الآن هو ما إذا سيكون الجمهوريون راغبين أو سينجح في الضغط عليهم للتوصل إلى صفقة من أجل تجنب الوصول إلى الهاوية المالية. وقال الرئيس في خطاب الفوز يوم الأربعاء: «في الأسابيع المقبلة، أتطلع إلى لقاء الحاكم رومني لكي أبحث معه مجالات عملنا معا من أجل الدفع بهذه البلاد قدما».

لكن أوباما يعلم جيدا أنه لن يكون عليه التعامل مع منافسه السابق في الانتخابات وإنما مع قيادة الجمهوريين في الكونغرس. وفوز أوباما يعني أن أمامه فرصة متابعة برنامجه للضمان الصحي وتطبيق إصلاحات في وول ستريت. وقد يتمكن الرئيس أيضا من إعادة هيكلة المحكمة العليا لكي تتناسب أكثر من رؤيته الليبرالية، في خطوة قد تغير السياسة بالنسبة للإجهاض وحقوق مثليي الجنس. وسيكون على أوباما أيضا مواجهة التحدي في مطلع 2013 المتعلق بمسألة استخدام القوة العسكرية أم لا لوقف طموحات إيران النووية.