69% من يهود أميركا صوتوا لأوباما رغم ميلان إسرائيل لرومني

الطائفة اليهودية لا تتعدى 2.5% من سكان أميركا لكن تأثيرها قوي في الإعلام والاقتصاد والتبرعات

TT

بعد انتهاء السباق الانتخابي الأميركي، بفوز الرئيس باراك أوباما بفترة ثانية، ينشغل المحللون باتجاهات التصويت ونوعية الناخبين الذين صوتوا لصالح أوباما خاصة بعد النفوذ المتنامي للأقليات العرقية والدينية التي لعبت دورا مهما في حسم النتيجة. وقد أظهرت نتائج التصويت أن أوباما حصل على 69 في المائة من أصوات اليهود الأميركيين (وفقا لاستطلاع شبكة «سي إن إن»)، وهي نسبة تقل بـ10 في المائة عما حصل عليه في انتخابات عام 2008.

وخلال المناظرات الانتخابية بين أوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني، لم يكن من قبيل المصادفة أن يركز كل طرف على أمن إسرائيل، إذ يدرك الرجلان أن الصوت اليهودي يمكن أن يكون مؤثرا في النتائج النهائية، رغم أن اليهود الأميركيين لا يشكلون سوى 2.5 في المائة فقط من إجمالي الناخبين. وترجع أسباب الاهتمام بأصوات اليهود، إلى أن نسبة كبيرة من اليهود تتركز في أعلى 10 ولايات بها أكبر أعداد من أعضاء الناخبين الكبار. ويهتم اليهودي الأميركي بالتصويت في الانتخابات (نسبة مشاركتهم 96.2 في المائة) أكثر من أي طائفة دينية أخرى.

ويعد اليهود من أكبر المساهمين في الحملات السياسية وجمع التبرعات، وقد تبرع الملياردير اليهودي شيلدون أديلسون وحده بأكثر من 6 ملايين دولار (كانت لصالح رومني). ولكل مرشح زمرة من المستشارين المقربين والمانحين من اليهود، كما يتزايد نفوذ اليهود في الإعلام والنقابات العمالية واللجان الصناعية. ومنذ عام 1916 كان تصويت اليهود يذهب بنسبة كبيرة إلى الديمقراطيين (نسبة 71 في المائة للديمقراطيين مقابل 24 في المائة للجمهوريين). وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أولوية الناخب اليهودي هي الاقتصاد، بينما تلعب قضية أمن إسرائيل وسياسات المرشح تجاه إسرائيل، دورا أقل نسبيا في حسم الاختيار، لكنها تبقى دوما في الحسبان.

وينظر اليهود إلى سجل أوباما وسياساته تجاه إسرائيل بأنها سيئة بصفة عامة خاصة بعد أن فشل في مطلبه بتجميد المستوطنات الإسرائيلية. كما ينظر إلى أوباما على أنه كان يعامل رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بشبه ازدراء. ووفقا لمعهد غالوب، تراجعت شعبية أوباما بين اليهود من 83 في المائة في يناير (كانون الثاني) 2009 إلى 54 في المائة في سبتمبر (أيلول) 2011، لكن بحلول أبريل (نيسان) 2012 قفزت نسبة التأييد لأوباما إلى 61 في المائة ثم إلى 68 في المائة بعد المناظرات الرئاسية.

ويقول بروكس مات المدير التنفيذي لتحالف اليهود الجمهوريين (RJC)، إن الدعم اليهودي لأوباما شهد تراجعا هائلا، بينما زاد تأييد اليهود لرومني حيث تلقى 32 في المائة من أصوات اليهود، وهي نسبة تزيد قليلا على النسبة التي حصل عليها جون ماكين في عام 2008 (كانت 30 في المائة)، بينما وصلت نسبة تأييد الأصوات اليهودية للحزب الجمهوري في عام 1988 لصالح جورج بوش إلى 35 في المائة.

وجاء الاستثناء في ولاية أوهايو حيث حصد أوباما تأييد نسبة 64 في المائة مقابل 31.5 في المائة لرومني من الأصوات اليهودية. ويمثل اليهود نسبة 1 في المائة فقط من أصوات الولاية. وكان الحال مشابها في فلوريدا حيث حصل أوباما على 66 في المائة من أصوات اليهود مقابل 30 في المائة لرومني، وتمثل أصوات اليهود نسبة 5 في المائة في هذه الولاية. ويقول خبير استطلاعات الرأي جيم غيرستين الذي أدار استطلاعات رأي مركز «جي ستريت» اليهودي، إن اليهود يثقون بأوباما أكثر من رومني في جميع القضايا من الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية إلى الاقتصاد والتعامل مع إيران ودعم أمن إسرائيل.

وتشير ناسي كوفمان المدير التنفيذي للمجلس الوطني للمرأة اليهودية، إلى أن تركيز الديمقراطيين على القضايا الاجتماعية التي تهم معظم الناخبين اليهود الليبراليين، مثل الحقوق الإنجابية والمساواة الاقتصادية للمرأة والرعاية الصحية، لعب دورا رئيسيا في النتائج. ويوضح ديفيد هاريس المدير التنفيذي للمجلس الوطني الديمقراطي اليهودي، أن الجمهوريين أنفقوا 15 مليون دولار لجذب الناخبين اليهود لكن دعاية الحزب الجمهوري تركزت على الجانب السلبي وتكتيكات التخويف، وهي بصراحة لم تنجح.

من جانبه، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو مقولة إنه أفسد العلاقات مع واشنطن بتفضيله رومني، وأكد على متانة التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وقال في تصريحات صحافية أمس: «لدينا علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة ونتعاون في شتى المجالات وأهمها المجال الأمني العميق والمتين». وأكد نتنياهو أنه سيواصل العمل مع الرئيس أوباما من أجل النهوض بالقضايا التي تخص مصالح إسرائيل.

ويقول محللون إن الولايات المتحدة تشهد تغييرات عرقية ودينية مهمة، وإن الرئيس أوباما قد كسر إحدى القواعد المهمة في الانتخابات الأميركية، إذ جرت العادة أن المرشح الرئاسي يستوفي 3 قضايا ضمنية، هي أن يكون أبيض البشرة وأنغلوساكسونيا وبروستانتيا. وقد كسر الرئيس الأسبق جون كيندي هو الآخر هذه القاعدة، إذ كان أول رئيس للولايات المتحدة من أصل كاثوليكي.

وعموما، تشير الإحصاءات إلى أن أوباما حصل على نسبة فوق 70 في المائة من الناخبين البيض الذين يشكلون 70 في المائة من مجموع الناخبين الأميركيين، ونسبة 93 في المائة من أصوات الناخبين السود التي تمثل 13 في المائة من مجموع الناخبين الأميركيين، و71 في المائة من أصوات اللاتينيين الذين يمثلون 10 في المائة من الناخبين. وأظهرت البيانات أنه على الولايات المتحدة أن تتجه لتصبح ذات أغلبية من الأقليات، ذلك أن أعداد البيض ستتناقص خلال العقود المقبلة.

وفي الجانب الديني، حصد أوباما نسبة كبيرة من أصوات الكاثوليك واليهود، ونسبة قليلة من الإنجيليين، وهي الطائفة التي تدعم تقليديا الحزب الجمهوري. وتدعم طوائف البروتستانت السود والكاثوليك الإسبان واليهود وغير المنتسبين لأي دين، الحزب الديمقراطي بشكل عام، وفقا لتحليل مركز «بيو» للأبحاث. ويشير مركز «بيو» إلى أن الرئيس أوباما خسر جانبا كبيرا من مساندة الجماعات الدينية. وكان أكبر انخفاض من الجماعات اليهودية التي صوتت لأوباما هذا العام بنسبة 69 في المائة مقابل 78 في المائة عام 2008. كما انخفض تأييد الكاثوليك البيض لأوباما من 47 في المائة عام 2008 إلى 40 في المائة هذا العام.