السلفيون يتصدرون مسرح الأزمات في مصر

دعوا لصلاة الجمعة في أرض يملكها مسيحي ومنعوا الاحتفال بـ«مولد النبراوي»

TT

واصل السلفيون تصدر مسرح الأزمات في مصر بعد أن أثاروا خلال اليومين الماضيين أزمتين في محافظة القليوبية (شمال القاهرة)، الأولى مع المسيحيين على خلفية بناء مبنى تابع لمطرانية شبرا الخيمة بقرية «منطي»، والثانية مع الصوفيين على خلفية منعهم من الاحتفال بمولد «سيدي النبراوي» في قرية أبو زعبل بمدينة الخانكة.

وتصدى سلفيون في قرية منطي لمواطن مسيحي يقيم مبنى للخدمات تابع لمطرانية شبرا الخيمة على قطعة أرض يملكها مساحتها 256 مترا مربعا، وقالوا: إنه «يبني كنيسة من دون تصريح». واقتحم عشرات السلفيين قطعة الأرض قيد الإنشاء وأقاموا بها صلاة العشاء والفجر أول من أمس، ورفعوا لافتة كتب عليها «مسجد عباد الرحمن». ونشبت مشاجرة بين متظاهرين أقباط وسلفيين الليلة قبل الماضية على خلفية محاولة السلفيين اقتحام قطعة الأرض مرة أخرى.

وعلى صعيد متصل، أصدر الدكتور عادل زايد محافظ القليوبية قرارا أمس بإيقاف أعمال البناء بقطعة الأرض المتنازع عليها، موضحا أن المحافظة والوحدة المحلية لم تصدر أي تراخيص بناء لقطعة الأرض، وبناء عليه تم إخطار مركز الشرطة لإيقاف أعمال البناء وتحرير مخالفة بذلك. وطالب المحافظ كافة الأطراف، مسلمين وأقباطا، بضرورة ضبط النفس والتعامل من خلال القنوات الشرعية والقانون، لافتا إلى أن المحافظة تتعامل مع الموقف من خلال مستندات مؤيدة.

في غضون ذلك قرر المستشار عبد المجيد محمود النائب العام المصري أمس، تمكين الأنبا مرقص بصفته أسقف كنيسة شبرا الخيمة، من قطعة أرض تشهد منذ نحو عام نزاعا بين بعض المسلمين والأقباط، بعد أن كشفت التحقيقات التي أجرتها النيابة وتحريات الشرطة عن أحقية ممثل الكنيسة في حيازة أرض النزاع.

وتترقب الأجهزة الأمنية اليوم دعوات مختلفة تدور كلها حول تلك الأرض، إذ دعا مشايخ السلفيين بالقليوبية أتباعهم لأداء صلاة الجمعة في الأرض المتنازع عليها، فيما دعا نشطاء أقباط ومسلمون إلى تنظيم درع بشري حول الأرض لمنع السلفيين من الصلاة فيها، وما هو قد ينذر بمواجهات بين الطرفين، قد تكون دامية حال تطورها.

وأبدت مصادر كنسية بمطرانية شبرا الخيمة تخوفها من حدوث اشتباكات اليوم، وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «يمر بعض مشايخ السلفيين في المنطقة ويجمعون توقيعات حتى لا يتم بناء المبنى سواء كنيسة أو مبنى خدمات». وأضافت المصادر، أن «المبنى سبب المشكلة حتى الآن ما زال عبارة عن بضعة أعمدة على قطعة أرض، والمنطقة كلها كانت أراضا زراعية تم البناء عليها، ولا ندري سببا لما فعله السلفيون».

في سياق متصل، أرسلت منظمة «كيمي» القبطية بالنمسا مذكرة إلى البابا تواضروس الثاني طالبته فيها بإلغاء دعوة الرئيس محمد مرسي لحضور حفل تجليسه المقرر له 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وهو ما لم تستجب له الكنيسة. وأعلن الدكتور ياسر علي المتحدث باسم الرئاسة المصرية أمس، أن الرئاسة ستعلن عما إذا كان الرئيس سيحضر حفل تنصيب البابا الجديد في حينه، وذلك حسب جدول مواعيده.

وقال الأنبا بولا أسقف طنطا المتحدث الرسمي باسم لجنة الانتخابات البابوية: «إن الكنيسة الأرثوذكسية ترحب بحضور الرئيس مرسي في أي وقت»، مضيفا: «ما أعلمه أن الرئيس سيحضر إلينا.. ونحن نرحب به في الوقت الذي يناسبه والظروف التي تناسبه».

وأكد ذلك البابا تواضروس الثاني بقوله في لقاء تلفزيوني الليلة قبل الماضية، إن «الرئيس مرسي سيحضر حفل تنصيبه، في سابقة هي الأولى من نوعها، حيث لم يسبق لأي رئيس مصري أن شارك في حفل تنصيب بابا الكنيسة الأرثوذكسية، كما ستشارك في حفل التنصيب وفود من كنائس العالم».

وأكد البابا تواضروس الثاني، أن الكنيسة كانت مجبرة على تأييد الرئيس السابق حسني مبارك «لأنه لم يكن هناك غيره»، معتبرا أن التصويت للفريق أحمد شفيق المرشح الخاسر في انتخابات الرئاسة المصرية التي جرت جولة الإعادة بها في يونيو (حزيران) الماضي، من جانب الأقباط كان شخصيا وليس له علاقة بالناحية الروحية على اعتبار أنهم كانوا يرون أنه هو الشخص الذي يمثلهم.

واعتبر البابا تواضروس أن ثورة 25 يناير 2011 أفرزت تيارات متنوعة منها المعتدل ومنها المتطرف بشدة، لافتا إلى أن المواطنة هي الفيصل بين الأقباط في مصر وتيار الإسلام السياسي. ورفض البابا الجديد الذي اختير في القرعة الهيكلية التي جرت يوم الأحد الماضي أن يكون للكنيسة دور سياسي في المجتمع المصري، معتبرا أن هذا الأمر قد يضعف دورها الدعوي، وقال: «الكنيسة مؤسسة روحية دورها دعوي تقدم الخدمة للجميع دورا اجتماعيا وتساهم في تقديم الخدمات مثلها مثل المستشفى أو المدرسة». وطالب الأنبا تواضروس الذي يعتبر البابا رقم 118 في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية بتطبيق القانون ليكون هو الفيصل في الأزمات التي تنشب بين الأقباط وغيرهم سواء كانوا مؤسسات أو أشخاصا، بشرط أن يكون القانون قويا.