الأردن: تجدد المسيرات المطالبة بالإصلاح الشامل ورفض رفع الأسعار

بعد الإعلان عن نية الحكومة زيادة أثمان المشتقات النفطية

TT

تجددت أمس في الأردن المسيرات السلمية المطالبة بالإصلاح الشامل ومكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين وإعادة النظر في قرارات الحكومة المتعلقة برفع أسعار السلع الضرورية ورفض التوجه الحكومي إلى حل المشكلات الاقتصادية على حساب «جيوب المواطنين».

وتأتي تلك المسيرات التي شهدتها الكثير من المحافظات في شمال وجنوب الأردن، وغابت عن العاصمة عمان بعد يوم واحد من كشف رئيس الوزراء الأردني الدكتور عبد الله النسور خلال لقائه مع رئيس وأعضاء مجلس الأعيان عن أن الحكومة تدرس حاليا رفع أسعار المشتقات النفطية وبيعها بسعر الكلفة الحقيقية دون ربح أو خسارة، وبكل شفافية، وتقديم تعويضات نقدية للمواطنين في محاولة لإنقاذ عجز الموازنة العامة للدولة، وهو ما ترفضه المعارضة الأردنية وتحذر من أنه يمكن أن يؤدي إلى تفجير بركان شعبي صعب إخماده.

ويرى المراقبون أن هناك ترددا من جانب الحكومة الأردنية في اتخاذ قرار بهذا الخصوص خشية رد الفعل الشعبي الغاضب في حال تنفيذه، خاصة في ظل استمرار الاحتجاجات المتواصلة التي تشهدها المملكة منذ يناير (كانون الثاني) 2011 للمطالبة بتحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية.

وجدد المشاركون في المسيرة الحاشدة التي شهدتها مدينة إربد (95 كيلومترا شمال عمان)، والتي دعت إليها جماعة الإخوان المسلمين بعد صلاة الجمعة، التمسك بالمطالب الإصلاحية وإجراء تعديلات دستورية تضمن تحصين مجلس النواب من الحل وتشكيل الحكومات البرلمانية وإعادة صياغة قانون الصوت الواحد ليلبي طموحات الشعب وتطلعاته.

وأكدوا رفضهم المطلق لأي حلول اقتصادية تكون على حساب جيب المواطن، معتبرين التصريحات الحكومية المتوالية واللقاءات التي تعقدها مع مختلف القطاعات والفعاليات، هدفها التوطئة لقرارات ضارة بقوت المواطن وحياته المعيشية، مشيرين إلى أن منطلق الحلول الاقتصادية والسياسية والمشاكل الاجتماعية يكون بمكافحة جدية للفساد وملاحقة أركانه الذين أثروا على حساب الوطن والمواطن.

وطالبوا بحكومة إنقاذ وطني تعيد للوطن ثرواته المنهوبة، مؤكدين أنهم سيبقون في الشارع لحين تحقيق مطالبهم باتخاذ سياسات واقعية تنتج إصلاحا يلبي الطموح ويرضى عنه الشعب ويعيد له حقوقه المسلوبة.

وانطلقت مسيرة في مدينة جرش (48 كيلومترا شمال عمان) بدعوة من ائتلاف جرش للإصلاح بعد صلاة الجمعة من أمام مسجد «الحميدي» باتجاه ساحة البلدية، وأكد المشاركون فيها على مطالب الحراك الإصلاحية المتمثلة بالتعديلات الدستورية ورفض الاعتقال السياسي.

ونظمت الحركة الإسلامية واللجان الشعبية للإصلاح والنقابات المهنية بمدينة الكرك (140 كيلومترا جنوب عمان)، بعد صلاة الجمعة، وقفة احتجاجية أمام مسجد المرج الكبير، طالبوا فيها بإصلاحات شاملة، ومحاكمة الفاسدين، واسترجاع الأموال المنهوبة من الشركات العامة، وإعادة النظر في قرارات الحكومة المتعلقة برفع أسعار السلع الضرورية للمواطنين. وأكد المتحدثون أهمية تراجع الحكومة الأردنية عن توجهاتها برفع أسعار السلع والبحث عن بدائل أخرى لسد العجز في موازنة الدولة والإسراع في محاكمة الفاسدين واسترجاع الأموال التي نهبت من القطاع العام دون وجه حق.

وشددوا على أن عجز الميزانية لا يمكن أن يعوض من خلال جيوب المواطنين، بل على الدولة أن تسد هذا العجز بعيدا عن قوت المواطن الفقير.

كما طالب الحراك الشعبي والشبابي لتجمع أبناء «لواء فقوع» بمحافظة الكرك، خلال وقفة احتجاجية نظمها بعد صلاة الجمعة، بعدم رفع الأسعار ومحاربة الفساد وتحقيق إصلاح شامل. ونبه إلى أن رفع الأسعار سيؤثر على كافة شرائح المجتمع، خاصة الفقيرة منها، مما يساهم في زيادة الأعباء المالية وزيادة الفقر وانتشار الجرائم الاجتماعية وتفتت المجتمع. وأشاروا إلى أن حل الأزمة الاقتصادية يتمثل في محاربة شاملة للفساد وانتهاج سياسات اقتصادية إنتاجية وطنية واستغلال أمثل لموارد الوطن وضبط الإنفاق الحكومي والهدر المالي ووقف سياسات الخصخصة وإقرار ضريبة تصاعدية وتقديم دعم لمشاريع تنموية بالمحافظات وإشراك الشباب في صنع القرار.

وطالب ممثلو الحراك الشعبي والشبابي في لواء المزار الجنوبي بمحافظة الكرك خلال الوقفة الاحتجاجية التي نفذوها بعد صلاة الجمعة في ساحة مسجد جعفر بن أبي طالب، بالإسراع في تنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وعدم رفع الدعم عن المحروقات والمواد التموينية. ودعوا إلى مقاطعة الانتخابات النيابية وإلغاء قانون الصوت الواحد وإعادة النظر في خصخصة الشركات الاقتصادية، واسترجاع أموال الشعب، ومحاسبة الفاسدين والمفسدين، والحفاظ على اقتصاد الوطن وموارده المالية من النهب والسلب.

ونظم الحراك الشبابي والشعبي بمشاركة فعاليات حزبية في مدينة الطفيلة، 180 كيلومترا جنوب عمان، مسيرة شعبية سلمية تحت عنوان جمعة «دم الأحرار يوحدنا»، وذلك ضمن الاحتجاجات المتواصلة للمطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ومحاربة الفساد والفاسدين. وهتف المشاركون في المسيرة التي انطلقت من أمام مسجد الطفيلة الكبير بعد الصلاة، وانتهت أمام دار المحافظة بسلام، بشعارات تطالب بضرورة تحقيق الإصلاح المنشود وتوحيد الجهود في مواجهة الأوضاع الصعبة التي يعانيها الوطن والمواطن ووضع تصور واضح المعالم للخروج من الأزمات الاقتصادية، وعدم رفع أسعار مزيد من السلع. وشدد بيان للحراك الشعبي والشبابي على أنه سيستمر في نشاطه الاحتجاجي إلى أن تتحقق كافة مطالب الشعب الأردني الإصلاحية، ومنها تحسين الوضع الاقتصادي وعدم رفع الأسعار، ورفض المساس بالحريات العامة.

وانطلقت مسيرة في مدينة معان (220 كيلومترا جنوب عمان) من أمام مسجد معان الكبير باتجاه وسط المدينة، شارك فيها المئات، وأكدوا على ضرورة النظر إلى حال المواطن الذي يزداد سوءا جراء سياسات اقتصادية خاطئة. ودعا الناطق باسم تجمع العاطلين عن العمل في معان راشد آل خطاب، إلى ضرورة إعطاء الأولوية لأبناء المدينة في تأمين فرص عمل لهم بمناجم الفوسفات وغيرها من المؤسسات الوطنية القريبة من المدينة.

ويشهد الأردن مسيرات ومظاهرات واعتصامات ووقفات احتجاجية سلمية منذ شهر يناير 2011 للمطالبة بتحقيق الإصلاح الشامل ومكافحة الفساد ومحاكمة المفسدين.