محافظ البنك المركزي العراقي السابق: الحكومة تسعى للسيطرة على الاحتياطي

مسؤول حكومي: العراق بحاجة إلى ألف مليار دولار لإعادة الإعمار

سنان الشبيبي (أ.ف.ب)
TT

رفض محافظ البنك المركزي العراقي المقال سنان الشبيبي الاتهامات الموجهة إليه، ولا سيما «سوء إدارة الأموال والتقصير في العمل»، مشيرا إلى أن السلطات الحكومية هددت استقلالية البنك بهدف الوصول إلى احتياطياته.

وجاءت تصريحات الشبيبي بعد أسابيع من إقالته من منصبه والتي سبقها تحذيرات بحقه وضد مصارف حكومية أخرى اعتبر دبلوماسيون ومحللون أنها تأتي في إطار السعي للسيطرة على البنك من قبل رئيس الوزراء نوري المالكي الذي نفى مكتبه وقوفه وراء ذلك.

وقال الشبيبي في اتصال هاتفي من جنيف مع وكالة الصحافة الفرنسية: «لقد كانوا يحاولون عزلي منذ عام 2009، ويريدون أموالا من احتياطيات» البنك المركزي. وأضاف: «أعتقد أن المشكلة الرئيسية أساسا هي الاحتياطي، لأنهم يعتقدون أن لدينا كثيرا من الاحتياطي ويريدون استخدامه للتمويل». وتابع أن «الحكومة تريد أموالا من البنك المركزي وقانون البنك المركزي لا يسمح بذلك».

وأضاف الشبيبي قائلا «بالتأكيد يقولون هناك اختلافات في سياسة معدلات الصرف. لا أعتقد أن هذه الاختلافات تتطلب إقالة محافظ البنك المركزي».

وردا على سؤال حول وجود تأثير للتهديدات والاتهامات الموجهة ضده وضد مسؤولين آخرين على استقلالية البنك، قال الشبيبي «بالتأكيد نعم».

ورفض الشبيبي كشف اسم أي مسؤول حكومي، ولكنه أشار إلى أنهم «كانوا يتحدثون باستمرار حول (أنهم) يجب أن يشرفوا على السياسة النقدية وأنهم يجب أن يقرروا الكثير والكثير والكثير من هذه السياسة، وكل هذه الأشياء».

ووصف محللون الشبيبي (70 عاما) الذي امتدت خبرته لعقدين في الأمم المتحدة، وعمله محافظا للبنك المركزي منذ عام 2003، بأنه تكنوقراط كافح من أجل الحفاظ على استقلالية البنك المركزي العراقي.

وقررت الحكومة العراقية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) تعيين رئيس ديوان الرقابة المالية عبد الباسط تركي بدلا من الشبيبي، بعد انتقادات من قبل اللجنة المالية البرلمانية تتعلق بسوء إدارة الأموال وجهت إلى الشبيبي ومسؤولين مصرفيين آخرين.

وذكر الشبيبي أنه يعتزم العودة إلى العراق لمواجهة التهم الموجهة إليه، بعد إلغاء مذكرة الاعتقال بحقه، مشيرا إلى أن الحكومة لا تستطيع إقالته لأن هذا الأمر ما زال من صلاحية البرلمان.

كما رفض الشبيبي الاتهامات بالتلاعب بالعملة وسوء الإدارة، مقارنة بالتغيير الطفيف في قيمة الدينار العراقي مقابل التغييرات الكبيرة في قيمة الدولار أو اليورو.

وقال الشبيبي «لقد أخبرتهم (أي الحكومة) بأن البنك المركزي لم يكن السبب في هذا التذبذب، فهذا جزء من المعدل وقد نجحنا في نهاية الأمر في تحقيق استقرار لسعر الصرف، والفرق 2 أو 3 في المائة فقط». وتابع قائلا «قلت لهم، اذهبوا إلى أوروبا الآن وانظروا للفرق» في أسعار الصرف.

وأضاف أنهم «كانوا يدركون مدى استقرار معدلات الصرف (خلال السنوات الأخيرة) ثم استخدموا ذلك ضد البنك المركزي. لم يجدوا أي أخطاء ولا مشاكل فقالوا هذه مشكلة ووصفوا ذلك بفشل البنك المركزي».

وقال إنه لا يعلم إلى متى سيستمر كيل الاتهامات ضده، ولكنه أضاف قائلا «دعهم ينتظروا ويروا»، مؤكدا ثقته في أسلوب عمله.

وشهدت أسعار صرف الدينار العراقي معدلات مستقرة تقريبا أمام الدولار خلال السنوات القليلة الماضية، وقاربت 1200 دينار مقابل الدولار.

وبالتزامن مع الاتهامات بالتلاعب في أسعار صرف الدينار، أثيرت مخاوف من استغلال المزادات التي أقامها البنك المركزي من قبل إيران وسوريا لدعم احتياطاتها من العملات الأجنبية، الأمر الذي نفاه البنك المركزي. واتخذت إجراءات مشددة خلال 2012، تفرض قيام المصارف بالتعريف عن الجهات المشترية للعملات الأجنبية.

من جهة أخرى، أعلن رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار في العراق سامي الأعرجي أمس أن العراق بحاجة إلى ألف مليار دولار في السنوات العشر المقبلة لتمويل إعادة إعمار بناه التحتية وتحريك اقتصاده.

وأوضح الأعرجي في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية أنه «لتمويل إعادة إعمار العراق سنكون بحاجة إلى ما بين 600 إلى 700 مليار دولار على الأقل، لكن هذا المبلغ قد يرتفع إلى حدود ألف مليار دولار حتى 2022».

وأتت تصريحات الأعرجي في الوقت الذي يشهد فيه المعرض الدولي في بغداد، الأهم في السنوات العشرين الماضية والذي يهدف إلى تشجيع الاستثمار في العراق، أوج نشاطه.

ورأى المسؤول العراقي أن قسما كبيرا من هذا المبلغ قد يتأتى من عائدات نفطية، أول مصدر للعائدات في البلاد، وكذلك من استثمارات أجنبية وعراقية، قائلا «إننا نتوقع زيادة مبيعات النفط وتحسنا قويا في مناخ (الأعمال) الملائم لجذب الاستثمارات». وقال أيضا «في النهاية، ستكون (الاستثمارات الأجنبية) أكثر ارتفاعا بكثير سواء في الحجم أو في النسبة المئوية».

ويعتمد العراق بشكل كبير على صادراته من النفط لتمويل موازنته. ويمثل قطاع الطاقة ثلثي إجمالي الناتج الداخلي للبلاد.\