رئيس نادي قضاة مصر من «مؤيد» لمبارك الى محارب ضد سلطة «الإخوان»

لوح بالانسحاب من الإشراف على استفتاء الدستور

المستشار أحمد الزند
TT

بقفزة بدت بارعة غادر المستشار أحمد الزند رئيس نادي قضاة مصر، المنطقة الرمادية التي شغلها خلال السنوات الأخيرة لنظام الرئيس السابق حسني مبارك، باعتباره أحد خصوم ما كان يعرف حينها بتيار استقلال القضاء المناوئ لمبارك، ليقف اليوم وسط حشود القضاة للدفاع عن مصير أحد أعرق المؤسسات في البلاد، مما وصفه بـ«العبث بالسلطة القضائية في الدستور الجديد».

وتعكف جمعية تأسيسية غالبيتها من الإسلاميين على كتابة دستور بديل للدستور الذي حكم البلاد طوال العقود الثلاثة لحكم مبارك، لكن هذه الجمعية تواجه انتقادات حادة من أنصار الدولة المدنية، والمؤسسة القضائية.

ولوح الزند خلال مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، أمام جمع من القضاة المتحمسين، بعدم الإشراف على الاستفتاء على الدستور الجديد قائلا: «تريدون منا أن نشرف على استفتاء لتضمنوا الشرعية لما قدرتموه، وبدستوركم، هذا العبث وهذه المؤامرات وهذه الفخاخ؟ أتظنون أن هذا ينطلي على قضاة مصر؟ كلا». وأضاف متسائلا: «هل تكون (التأسيسية) أداة للتآمر على القضاة؟».

وقال رمز بارز في تيار استقلال القضاء لـ«الشرق الأوسط» أمس: «لا نعلق على تصريحات الزند، الموضوع أكبر من الأشخاص، علينا جميعا أن نصطف كقضاة لمواجهة التهديدات الخارجية». وأضاف ضاحكا: «التهديدات الخارجية!! من كان يصدق أن نستخدم هذه التعبيرات بعد ثورة عظيمة؟».

وتابع: «إذا صدر مشروع الدستور بصورته الحالية فلن يكون هناك معنى لإشراف القضاة على الاستفتاء، فالشعب اختار قضاته للإشراف على الانتخابات لمنعتهم وحصانتهم التي يكفلها لهم الدستور، أما وإن هذه الحصانة أصبحت في (خبر كان) فلا معنى لإشرافنا على الانتخابات أو الاستفتاء».

الزند الذي بدا منفعلا وهو يهاجم أعضاء الجمعية التأسيسية بقسوة، خاض خلال الشهور الماضية معارك ضد نظام الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، كان أبرزها المعركة التي باتت تعرف بـ«أزمة النائب العام» الذي رفض قبول قرار مرسي تعيينه سفيرا لدى الفاتيكان.

وفي مؤتمر للاحتفال بانتصار القضاة في معركة النائب العام عقب تراجع مرسي عن قراره، قال الزند في تعليق بدا جارحا للمؤسسة العسكرية: «ليس بيننا طنطاوي أو عنان (في إشارة للمشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري السابق وفريق أركانه سامي عنان اللذين أحالهما مرسي للتقاعد قبل شهرين)».

يذكر أن الزند الذي تدرج في السلك القضائي حتى منصب رئيس محكمة استئناف القاهرة، وهو المنصب الذي شغله قبل توليه رئاسة نادي القضاة، لم يكن وجها معروفا للمصريين، حتى نجح عام 2008 في إزاحة قيادات تيار استقلال القضاة عن رئاسة نادي القضاة. وقال أحد رموز تيار استقلال القضاء لـ«الشرق الأوسط»: «بدا لنا حينها أن قائمة الزند التي أطلق عليها (تيار التغيير) جاءت لتصفية حسابات النظام مع تيار الاستقلال وإزاحته عن المشهد».

وكان رموز تيار استقلال القضاء قد أصبحوا خلال عامي 2005 و2006 أبرز الرموز الوطنية في البلاد بعد أن خاضوا معركة شرسة ضد تزوير الانتخابات البرلمانية في عام 2005 بقيادة رئيس النادي حينها المستشار زكريا عبد العزيز، ورموز أخرى أصبحت الآن في موقع السلطة، كالأخوين مكي: المستشار أحمد مكي وزير العدل، والمستشار محمود مكي نائب الرئيس.

ومنذ أن قضت المحكمة الدستورية العليا ببطلان أول تشكيل للجمعية التأسيسية للدستور، وبطلان البرلمان، وعدم دستورية قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي أقره البرلمان قبل بطلانه واستهدف منع اللواء الراحل عمر سليمان من خوض الانتخابات الرئاسية السابقة، بدا أن المحكمة الدستورية قد دخلت في صراع مع جماعة الإخوان المسلمين التي اعتبرت أحكام الدستورية العليا «أحكاما مسيسة». وأعلنت المحكمة الدستورية العليا أيضا قبل أيام رفضها لمسودة الدستور، وقال الزند في مؤتمر القضاة أول من أمس: «لن نترك قضاة المحكمة الدستورية العليا فريسة للعدوان، الحق ينتصر، ونحن كنا على الحق».

وتنظر المحكمة الدستورية الشهر المقبل في قضية عدم دستورية قانون أصدره البرلمان المنحل لتحصين الجمعية التأسيسية، وهي القضية التي من المتوقع أن يصدر فيها حكم بعدم دستورية القانون. وطالب الزند الجمعية التأسيسية بالتخلي عن باب السلطة القضائية المقترح في مشروع الدستور، وأن يُستبدل به باب جديد من المقرر أن يرفعه نادي القضاة إلى الجمعية التأسيسية اليوم.

وقال القيادي في تيار استقلال القضاة المستشار أشرف زهران لـ«الشرق الأوسط» أمس: «لدينا مشروع قدمه المستشار محمد ناجي دربالة، نحن نسانده وهو يحقق طموحات القضاة، لكننا لا نظن أن نادي القضاة سوف يلتفت له، ومع ذلك سنسعى لتنسيق الجهود جميعا، فما تسرب من مسودات الدستور الصادرة عن الجمعية التأسيسية يتضمن أمور غير معقولة.. أحد هذه المسودات لم يرد فيها ذكر للنيابة العامة التي تأسست في البلاد منذ عام 1905، ويدرس الفرنسيون الآن تجربتنا فيها».