بوادر أزمة بين رام الله والقاهرة بعد انتقاد مستشار مرسي لأبو مازن

«وفا» للرئاسة المصرية: نتوقع الدعم وليس مشاركة ليبرمان في التشكيك في الشرعية

TT

تأزمت مجددا العلاقات بين السلطة الفلسطينية ومصر، بعد تصريحات لمستشار الرئيس المصري، انتقد فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، أثناء الجدل الذي رافق تصريحاته حول حق العودة، وهو ما اعتبره المسؤول المصري، آنذاك، «صدمة لكل الفلسطينيين»، معبرا عن الأمل بأن تكون تصريحات أبو مازن مجرد «زلة لسان».

وهاجمت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا» سياسة مصر الجديدة ضمنا، من خلال مهاجمة المستشار المصري، محمد سيف الدولة. وكتب المحرر السياسي في «وفا»، التي تتبع مباشرة لمكتب الرئيس الفلسطيني، أن «هذه التصريحات تمثل انقيادا أعمى من قبل شخصية رسمية يفرض منصبه توخي الدقة، وتحري الحقيقة من مصادرها، وهي متيسرة للسيد سيف الدولة، لا أن يلقي الكلام على عواهنه، وينخرط من حيث يدري أو لا يدري في حملة ظالمة وشعواء تمتد خيوطها من تل أبيب بقيادة وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، مرورا بعواصم إقليمية، وليس انتهاء بغزة، حيث جددت حركة حماس تأكيد مشروعها الانقسامي».

وكان أبو مازن قد قال في مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، إنه يحب زيارة بلدته الأصلية، صفد، في إسرائيل، لكنه لا يريد العيش فيها باعتبار أن فلسطين بالنسبة له هي حدود 1967، وهو ما أثار جدلا واسعا تحول إلى اتهامات له بالتنازل عن حق العودة، قبل أن تنفي الرئاسة الفلسطينية ذلك، ويقول عباس نفسه إنه متمسك بحق العودة ولا ينوي التنازل عنها، وإنما كان يعبر عن موقفه الشخصي من العيش في صفد ليس إلا.

وأضافت «وفا»: «يعلم القاصي قبل الداني تمسك الرئيس عباس ومعه كل قيادة الشعب الفلسطيني بحقوق شعبنا الوطنية الثابتة والمشروعة، كما يعلم الجميع أيضا أن هذه الحقوق ليست مطروحة للمساومة أو الانتقاص منها بأي حال من الأحوال، وفي مقدمتها حق شعبنا في العودة والتعويض على أساس القرار الأممي 194، وهو ما تمسك به الرئيس عباس خلال المفاوضات بمختلف مراحلها من دون التماس شفاعة أو شهادة أحد، فهذا الموقف موثق ومعروف من قبل جميع من واكبوا عملية السلام ومفاوضاتها بأطوارها المختلفة».

وحذر المحرر السياسي في «وفا» من «مغبة الانخراط في حملة التشويه والتحريض المتعمد التي يتعرض لها الرئيس عباس، على أبواب الذهاب إلى الأمم المتحدة، حيث يخوض ومعه القيادة والشعب الفلسطيني معركة سياسية قاسية تحت طائلة التهديد والعقوبات بالحصار والتجويع، خاصة في ظل الحديث عن قبول البعض بدولة ذات حدود مؤقتة تستثني القدس مقابل هدنة هزيلة». وأضاف «إننا نتوقع من جميع العرب أن يكونوا عونا لنا وسندا لشعبنا في معركته الوطنية العادلة لنيل الاعتراف بدولتنا وعاصمتها القدس الشريف، وانضمامها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وليس التباري في إضعاف موقفنا ومشاركة ليبرمان في التشكيك في شرعية القيادة الفلسطينية ورئيسها لتسهيل مهمة إجهاض مسعانا، وتدمير مشروعنا الوطني بذرائع واهية حتى ولو تخفت خلف أقدس الشعارات، واختفت وراء أكثرها طهرانية».

وجاء هذا الهجوم الفلسطيني على الرئاسة المصرية في وقت تعتبر فيه العلاقات بين رام الله والقاهرة متوترة، بسبب اتهامات للرئيس المصري بالتعامل مع حماس مباشرة، وتقويتها على حساب السلطة، بما «يعزز الانقسام».

وكان أبو مازن انتقد علانية استقبال الرئيس محمد مرسي لرئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية، قائلا إن ذلك يدعم الانقسام ومرفوض تماما. وشكت السلطة الأمر للجامعة العربية. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه على الرغم من الاحتجاج الفلسطيني الرسمي فإن مصر واصلت سياسة التعامل مع حماس كممثل للفلسطينيين في غزة.

وحاول السفير المصري في رام الله، ياسر عثمان، تلطيف الأجواء أمس، بقوله «لم يصدر أي موقف رسمي مصري حول أي تصريحات أو مقابلات للرئيس محمود عباس، ولا توجد أي ممارسة مصرية رسمية في هذا الشأن». وأضاف في تصريحات لـ«وفا» نفسها أن «الثابت والمعلن هو دعم مصر للقيادة الفلسطينية في نضالها لاسترجاع الحقوق الفلسطينية كاملة، وهو الأمر الذي ظهر جليا في التأييد والمساندة المصرية الكاملة لمسعى القيادة بشأن التوجه للأمم المتحدة، كذلك فإن مصر تقف مع القيادة والشعب الفلسطيني في مواجهة التهديدات الإسرائيلية بفرض عقوبات على الشعب الفلسطيني على خلفية خطوة الأمم المتحدة».

وكان أبو مازن قد استقبل أمس السفير المصري، وأطلعه على آخر استعدادات القيادة الفلسطينية للتوجه نحو الأمم المتحدة لنيل عضوية دولة فلسطين بصفة مراقب في الجمعية العامة. وأعرب أبو مازن عن تقديره للدعم المصري المتواصل للشعب الفلسطيني وقيادته لنيل الحقوق المشروعة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود عام 1967.